المصدر: خاص موقع بيروت الحرة
ها هو العام الجديد بدأ، ويطلع كل منا على هذا العام لعله يحمل جديدا يخرجنا من الواقع الحالي أو يُغرقنا الى أعماق لم نشهدها من قبل. في وضع كهذا تكثُر التوقعات لسعر الدولار مقابل الليرة للعام 2021.
قد يكون من الصعب تحديد مسار الدولار في الفترة المقبلة ، ولكن على المدى المتوسط والبعيد فإن مسار الدولار يحدّده أحد سيناريوهين، يرتبط الأول بنجاح المبادرات الدولية وبحُسن تلقّف الأفرقاء اللبنانيين تلك المبادرات، للمساهمة بإخراج لبنان من تدهور السوق المالي الذي يتخبّط به، والاسراع بالاصلاحات الاقتصادية والمالية التي تتوافق مع شروط المجتمع الدولي والمانحين الدوليين، وتمهّد الطريق للتدفقات المالية، إما عن طريق إحياء مؤتمر
سيدرأوعن طريق صندوق النقد الدولي أو المانحين الدوليين حينها فقط يمكننا الحديث عن خروج لبنان من المأزق
المالي، وإعادة الحياة إلى الليرة اللبنانية تدريجيا ً.
العديد من الخبراء يوافقون على أن الوضع اليوم استثنائي، ومصير العملة الوطنية سوداوي عموماً، ومرتبط بشكل
غير مباشر بما ستؤول إليه الظروف السياسية، ومن بعدها الاقتصادية في المرحلة المقبلة. وترى الباحثة ليال
منصور إشراقية أنه لا يمكن رسم توقعات واضحة ودقيقة اليوم، خصوصاً في ظل التغيير الجذري للوضع اللبناني،
اقتصادياً وسياسياً، عقب الإنفجار الكبير وما خلفه من أضرار هائلة: “من حيث المبدأ، نعم من المفترض أن يرتفع الدولار الأميركي أمام الليرة أكثر. لكن لا أحد يمكنه تحديد سرعة الارتفاع”. وتؤكد، أن “ليس بين أيدينا مؤشرات جذرية لصعود حالياً، ولا إلى هبوطه. لكن يبقى الثابت أن التوقعات “سلبية”، ولا يمكن الدولار أن يتراجع الدولار إلى مستوياته المنخفضة. وقد يعود عدم تصاعده اليوم إلى العديد من العوامل التي أعقبت الانفجار منها المساعدات ووضع كورونا وتراجع الاستيراد وغير ذلك من العوامل.
إنّ رقم 46500 ليرة الذي توقعه بنك أوف اميركا لنهاية العام 2020 يبدو بعيداً في الوقت الحاضر وهذا لا يعني طبعاً استبعاد هذا الرقم في السنوات القادمة، فالخطأ بالتوقيت يبقى وارداً ومن المحتمل أن يتحقق تَوقّع بنك أوف أميركا في الايام القليلة المقبلة طالما لم يطرأ حدث إيجابي كبير يغيّر في مسار الأمور.
هناك ثلاثة عوامل يمكن أن تحسّن سعر الصرف عام 2021 هي: تشكيل حكومة تحصل على قروض دولية توفّر السيولة، تراجع الوباء مع توزيع اللقاح وتحسن المناخ وعودة العجلة الاقتصادية، وانفراجات مع الدول العربية.
عام 2021 سيبدأ مسيرته مُثقلاً بأحداث عام 2020! ووفق عجاقة، هذا يعني أن الوضع مرجّح إلى التدهور،
خصوصاً على الصعيد الاجتماعي، إذ إن محدودية احتياط مصرف لبنان معطوفة على استمرار التهريب، ستؤدّي
إلى تضاعف القدرة الشرائية للمواطن. والأهم في الأمر أن الرقابة المشددة على السوق غابت إلى حدٍ ما مع ممارسة التجّار أبشع أنواع الجشع، وتحميل المواطن أسعار السلع على سعر دولار السوق السوداء، في حين أن بعض البضائع هي بضائع مدعومة من قبل مصرف لبنان. كما أن البعض منهم، حمّل المواطن القيمة الضريبية على القيمة المضافة على سعر دولار السوق، في حين أن الدولة تستوفي هذه الضريبة على سعر الصرف الرسمي.
من هنا نتوقع أن يكون هناك سيناريوهان:
الأول ينص على أن تشكيل حكومة تستوفي الشروط الدولية، سيؤدّي إلى حلحلة على صعيد المساعدات المالية الدولية
وتحرير قسم من أموال مؤتمر “سيدر”. وهذا إن حصل يعني أن الحكومة بإصلاحاتها ستوقف التدهور وسيكون لبنان
على موعد مع النمو عام 2022.
والثاني ينصّ على “الستاتيكو” أي فراغ حكومي أو تشكيل حكومة لا تحظى بدعم دولي، بالتالي فإن الوضع سيستكمل
مساره الانحداري إلى مستويات قد يفقد لبنان معها السيطرة الأمنية على الاحتجاجات الشعبية، وتكون البلاد بذلك قد
تحوّلت إلى واقع شبيه بما يحصل في ريو دي جانيرو أو فنزويلا.
هذا كان تحليلٌ لأرقام التوقعات الدولية التي تتساقط على المتعاملين بالليرة حالياً لعلّنا نجد بعض المنطق في هذه
التوقعات، على أمل أن لا نخلط بين التحليل العلمي والتوقعات غير المبرّرة علمياً لسعر الدولار حتى لا يُقال يوماً
«كذب الخبراء ولو صدقوا.