المصدر: خاص موقع بيروت الحرة
مشهد اعتاد اللبنانيون رؤيته عاماً بعد عام، حيث باتت الفيضانات و السيول موعداً حتمياً يرافق المواطنين سنوياً مع هطول الأمطار الغزيرة ، فتغرق شتى المدن و تتحول إلى مستنقعات متسببة بأضرار جسيمة كاشفة معها هشاشة البنى التحتية وعورتها ، و الدولة غائبة عن السمع!
لا زال لبنان سنوياً يعاني من المشاكل عينها، فلا حلول جذرية مستدامة و لا تخطيط لأي صيانة، و ما زال اللبناني سنوياً يتفاجئ بحال الطرقات الغارقة و السيول الجارفة والفيضانات وانهيارات الجدران وانسداد مصارف المياه متكبددة خسائر بالجملة ، فمع كل هطول للأمطار تتحول شوارع لبنان إلى بحيرات ، و تتشقق الصخور وتتصدع الأبنية و تنجرف الأتربة إلى قارعة الطرقات وتغلق معظم المسارب بالنفايات مصحوبة بالأتربة والأوساخ، حيث تتسبب بزحمة سير خانقة يعاني منها جميع المواطنون الذين يعلقون ساعاتٍ طويلة في سياراتهم أو أولئك الذين تغرق مركباتهم في المياه أو تتعطل ناهيك عن حوادث السير التي تتسبب بها الطرقات إثر الإنزلاقات.
لكن لم نتنته المعضلة هنا ، فهذا غيض من فيض الفساد المستشري المتأصل بوعود المسؤولين عن هذه المشاهد
التي تتكرر سنوياً دون حسيب ولا رقيب، فموجات استياء المواطنين الذين يعانون من هذه المشكلة في كل مرة تنهمر فيها الأمطار، صوتها غير مسموع لدى الجهات المعنية، فاللبنانيون وحدهم المتضررون و من يدفعون دائما الثمن.
تقصير الدولة و إهمالها أصبح هذا السيناريو حتمي كفيلم سينمائي يصدر كل عام تحت مسمى ” لبنان يغرق ” !
وبدل أن يهبّ المعنيون لنجدة العالقين والمتضررين، راحوا يتقاذفون المسؤوليات، هذه المنطقة ليست من صلاحية وزارة الأشغال، وتلك الطريق ليست من ضمن عمل البلديات. أمّا الذريعة الغبية التي يستنسخونها مع كلّ شتاء.
“الأمطار فاقت التوقعات”، وجعلتهم يُفاجأون بالأمطار في كانون. أمّا البعض الآخر من كبار مسؤولي دولة اللادولة فلم يُفاجأ أو يحرّك ساكنًا، لأنّه غير مدرك لما يحصل في الأساس، ويقبع خلف الأسوار معزولًا عن الناس وهمومهم ومشاكلهم ومعاناتهم.
متى سيأتي زمن يُحاسب فيه المهملون المفسدون كي لا يستمروا بفسادهم وتلزيماتهم وصفقاتهم
التي ندفع ثمنها كل لحظة؟ أي رسالة فساد يرسلها مسؤولو لبنان إلى مجموعة الدعم الدولية التي ستجتمع في باريس محاولةً أنقاذنا من الإنهيار الشامل؟ بينما مسؤولو لبنان لا يسألون سوى عن مكاسبهم في التركيبة الوزارية.
أنهار فسادهم لتجرف ما تبقى من أمل بغدٍ أفضل في كل مرة تهطل فيها الأمطار ستتكرر تلك المشاهد، و سيندهش المواطن و تتملق الدولة والنتيجة لبنان سيغرق في المياه و الوعود و لا حياة لمن تنادي!