المصدر: المدن
بعد بلوغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء عتبة 10 آلاف ليرة، ومع بدء العد العكسي لانتهاء صلاحية تعميم مصرف لبنان، الذي يشرّع للمصارف سداد الودائع الدولارية وفق سعر صرف 3900 ليرة، أي باقتطاع أكثر من 60 في المئة من قيمتها الحقيقية، هل ستستمر المصارف باعتماد 3900 ليرة لسحوبات الدولار؟ وهل من توجّه لرفع سعر الصرف المُعتمد لديها؟
مفعول التعميم رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان بتاريخ 21 نيسان 2020، والمتعلق بإجراءات استثنائيّة حول السحوبات بالعملة الأجنبيّة، والذي يتيح للمودعين إجراء عمليات السحب من المصارف من أرصدة الدولار الأميركي، أو أيّ من العملات الأجنبيّة، بما يوازيه بالليرة اللبنانية وفقًا لسعر السوق المعتمد فـي المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة، أي 3900 ليرة، انتهى بتاريخ 21 تشرين الأول 2020. إلا ان مصرف لبنان استدرك الأمر بتاريخ 9 تشرين الأول وأصدر تعميماً حمل الرقم 572، يقضي بتمديد العمل بالإجراءات الاستثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات بالعملات الأجنبية، المرفقة بالتعميم رقم 151، أي أنه أجاز للمودعين استمرار سحب ودائعهم الدولارية بالليرة وفق سعر 3900 ليرة حالياً وذلك لأشهر جديدة، تنتهي في 31 آذار 2021، أي بعد نحو 36 يوماً.
لكن منذ تاريخ صدور التعميم 151 والتعميم المُمدّد له 572 وحتى اليوم، اختلف سعر الصرف بشكل كبير وارتفع من نحو 4200 ليرة في شهر أيار 2020 إلى نحو 9500 ليرة حالياً، ويبلغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء حالياً أكثر من ضعفي قيمته بتاريخ صدور التعميم المذكور، في مقابل استقرار سعر الصرف المُعتمد في المصارف عند 3900 ليرة.
هذا الواقع دفع بالكثير من المودعين إلى التريّث، لجهة استمرار عمليات السحب على 3900 ليرة للدولار، توازياً مع حشد جهودهم للعودة إلى الشارع ورفض ممارسات المصارف. ووفق مصدر مصرفي في حديث إلى “المدن”، ينتاب إدارات المصارف القلق مما يمكن أن ينتج عن الاحتقان في صفوف المودعين. وهو ما دفع ببعض المصرفيين إلى طرح مسألة رفع سعر صرف الدولار المعمول به في المصارف، وفي المنصة الإلكترونية، بشكل جدّي على مصرف لبنان.
وقد علمت “المدن” أن موضوع تعديل سعر صرف الدولار وفق المنصة الإلكترونية، البالغ اليوم 3900 ليرة للدولار، بات أمراً محتّماً، بانتظار التوصّل إلى قرار نهائي بين المصارف ومصرف لبنان. وإذ يكشف المصدر “أن بحثاً جدّياً يجري حول سعر صرف الدولار الذي سيتم اعتماده في المرحلة المقبلة في السحوبات المالية من الحسابات المصرفية الدولارية”، يرى أن الأسعار المطروح اعتمادها متباعدة. إذ يطرح عدد من المصرفيين اقتراح اعتماد سعر صرف 4200 ليرة للدولار. وهو اقتراح جرى التباحث فيه منذ أشهر، في حين يرى البعض الآخر أن الـ4200 ليرة للدولار أمر غير منطقي، في ظل الفارق الكبير مع سعر صرف الدولار الذي سيتم اعتماده من قبل مصرف لبنان لسداد المساعدات المقدّمة إلى الأسر الاكثر فقراً، والواردة من قرض البنك الدولي البالغ 246 مليون دولار، ومن المُرتقب أن يبلغ السعر المُعتمد في صرف المساعدات 6250 ليرة للدولار.
ويرى المصدر أن على المصارف ومصرف لبنان الإسراع في بت موضوع سعر صرف الدولار المُعتمد في تطبيق التعميم 151 قبل نهاية شهر آذار المقبل، “ذلك لضرورة تنفيس احتقان المودعين، الذين يتّجهون إلى تنفيذ تحرّكات اعتراضية ضد إدارات المصارف وفروعها قد لا تُحمد عقباها”.
في المقابل ورداً على سؤال حول إمكانية تعديل سعر صرف الدولار المُعتمد في المنصة الإلكترونية والمصارف، يؤكد مصدر من مصرف لبنان في حديث إلى “المدن” أن لا شيء جدّياً حتى اللحظة. بمعنى أنه لم ينف ولم يؤكد التوجّه إلى تعديل سعر الصرف. لكنه يجزم بأن سعر صرف الدولار على المنصة الإلكترونية لن يستمر طويلاً على 3900 ليرة للدولار، وأن السحوبات من المصارف لن تستمر على حالها، إنما من الممكن أن يطرأ تعديل على سعر المنصة، وبالتالي على سعر صرف السحوبات، بما يتلاءم وتغيرات سعر صرف الدولار في السوق السوداء. ونظراً لكون سعر صرف الدولار في السوق السوداء -وهو السعر الحقيقي- يدور في محيط 9500 ليرة منذ أكثر من أسبوع، أصبح من المرجح أن يتم تعديل سعر المنصة الإلكترونية. لكن من غير الممكن ولا المأمول أن يتساوى مع سعر السوق السوداء على الإطلاق.