المؤسسة العسكرية في مواجهة “الدولار” والسيناريوهات الكارثية

ليبانون فايلز  – ابتسام شديد

دخل اللبنانيون من دون تمييز منذ فترة مدار التحولات في مسارات اقتصادية صعبة لم يسبق ان عرفوا مثلها حتى في زمن الحروب الأهلية. فالتغيير الذي طال رواتبهم وكل شيء من حولهم يشمل الجميع، وعلى الأخص الموظفين في القطاع العام، وطال الأجهزة الأمنية والعسكرية على أنواعها التي ترزح تحت ثقل الأزمة المالية والاقتصادية.

المؤسسة العسكرية التي سجّلت بطولات في مكافحة الارهاب، حيث يصنف الجيش اللبناني من الجيوش الأرفع في التدريبات القتالية والجهوزية الدفاعية، يبدو كسائر المؤسسات الوطنية “ضحية” الانهيار الاقتصادي الشامل بعد ان انهارت رواتب العسكريين والضباط بشكل دراماتيكي، فأضحى راتب العسكري مئة دولار والضابط بين المئتين والأربعمائة وفق الرتبة العسكرية، الأمر الذي ينذر بسوء الوضع وتداعيات من جراء ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة اللبنانية.

الأسوأ من إنهيار الرواتب العسكرية المهام الملقاة على عاتق الجيش،

المطلوب منه مواجهة السيناريوهات الكارثية والاستحقاقات الأمنية والاقتصادية وتحركات الشارع،

ليقف بين مطرقة المتظاهرين ومطالب الشارع من جهة وبين مهمة ضبط الاحتجاجات،

فيما مطالب المحتجين هي نفس حاجات العسكري المتعلقة بالأمان والرغيف والاستشفاء والحق في الحياة الكريمة،

ما يضع المؤسسة العسكرية أمام إختبارات عدة للمحافظة على الاستقرار من جهة والتعاطي المسؤول في ضبط الفلتان وغليان الشارع

صحيح ان الجميع مأزوم في لبنان،

إلّا أن المؤسسة العسكرية في خط الدفاع الأول تقاتل على كل الجبهات للصمود الدفاعي في وجه الأزمات جميعها.

فإنهيار العملة الوطنية هو التهديد نفسه الذي يواجه الأمن الغذائي والصحي لكل الفئات بمن فيهم الجيش،

مع تسجيل مفارقة أكبر لدى العسكر في مواجهة الارتفاع القياسي لسعر الدولار،

لأن العسكري ليس لديه كما يقول عسكريون متقاعدون ما يعوّض عليه فقدان القيمة الشرائية لراتبه،

وهذا ما يُفسّر الأخبار التي تم التداول بها عن تسريح من المؤسسة العسكرية

وإستقالات لعددٍ محدود من الضباط ربطاً بسوء الأوضاع المالية بهدف ايجاد فرص عمل تؤمن لهم مداخيل بالدولار،

وبعد الأخبار التي تحدثت أيضاً عن تقنين في تقديمات المحروقات (البونات)،

وحتى في وجبة اللحم للعسكريين، خصوصا ان الموازنات العسكرية على حالها وما حكي عن إضافات على الرواتب بقيت حبراً على ورق

فوق “الهم المعيشي” ما هو مطلوب من المؤسسة العسكرية ضباطاً وجنوداً يفوق التوقعات،

من ضبط الأمن وملاحقة الشبكات الارهابية،

وكشف الجرائم الغامضة وتنفيذ قرارات توزيع المساعدات والكشف على اضرار الحوادث الكبرى،

من دون ان تلتفت السلطة السياسية إلى تحصين و”تمنيع” الأجهزة الأمنية في مواجهة الخضّات،

وحتى تبقى المؤسسة العسكرية حامية الوطن ولا يفقد الشباب حوافز الالتحاق بالجيش

التي كانت قائمة في الماضي مع التحاق المهندسين والأطباء وذوي الاختصاص

وحملة الشهادات بالمؤسسة. فالجيش المصنّف ضمن مرتبة الجيوش الأفضل تدريباً واحترافية قتالية “وجعه من وجع الناس”، وحاله يُشبهُ أحوالهم.

Exit mobile version