المصدر: الراي
رعب من تسريع ولوج بيروت جهنم بمفتاحٍ من 6 أرقام يهوي بسعر الليرة إلى الحضيض
– اتصالٌ من مرجع ديبلوماسي أميركي سكب مياهاً باردة وأعقبتْه تصريحاتُ نفي تقرير «بلومبرغ»
كتب حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، نهايةً مفتوحةً للجزء الثاني من مسلسل ملفه القضائي والإعلامي الذي أوصلتْه وكالة «بلومبرغ» ومصادرها «مَجازاً» إلى منصة وزارة الخزانة في واشنطن، بصفة «قيد الدرس» القابلِ للتقدم إلى خانة العقوبات المالية لدى الإدارة الأميركية على سلامة، على خلفية التحقيقات في تحويل أموال إلى الخارج «مع إمكان اتخاذ إجراءات منسقة مع الشركاء الأوروبيين تجاهه».
فـ«الحاكم» قرّر، في غضون ساعات قليلة، «التقدّم بسلسلة دعاوى قانونية داخل لبنان وخارجه بحق (بلومبرغ) ومراسلتها في بيروت، وكل مَن يقف وراءهما بجرائم فبركة أخبار والإساءة ومحاولات تشويه سمعة حاكم المصرف المركزي».
الفصلُ الجديد من القصة، التي تدور في ميدان السلطة الناظمة للنقد والنشاط المصرفي في البلد المُنْهَكِ بانهيارِ عملته الوطنية وبالمتاعب التي تواجه جهازه المصرفي، أَنْذَرَ بسكب مزيد من الوقود على المضاربات وبيومياتٍ شديدة التوتر في الأسواق المالية الموازية، في نهاية أسبوعٍ من التداولات الحامية التي أَثْخَنَتْ النقدَ الوطني بجراحٍ مستجدة رفعت سعر الدولار فوق 10 آلاف ليرة، أو ما يماثل نحو 7 أضعاف السعر الرسمي.
وبمعزل عن المسار القانوني للملف الذي فتحه القضاء السويسري قبل شهرين، وخيار سلامة المثول والرد على الأسئلة في برن، وليس في بيروت، بدا التلويح بعقوبات أميركية بحق الحاكم بمنزلة «المسمار» الأخير في نعش القطاع المالي اللبناني.
فالبناء على صدقية التسريبات ربطاً بالمهنية المعهودة لدى الوسيلة الناشرة، فجّرت رعباً حقيقياً في الداخل اللبناني من تسريع الارتطام الكبير وولوج البلاد بلا أي كوابح بوابة «جهنم» بمفتاحٍ من 6 أرقام وليس 5 فقط، يقفز نزولاً بسعر الليرة الى حضيض إيران وفنزويلا.
وفَرَضَ التهيّبُ من الحدَثَ وتداعياته استنفاراً غير مسبوق في البنك المركزي يصاحبه تَواصُل ساخن مع مرجعيات داخلية فاعلة.
وبدت الاستنتاجات متوافقة: الاتهامات تطال الحاكم بشخصه، أما سيف العقوبات فيتمدد الى رقبتيْ السلطة النقدية والقطاع المالي برمته.
وهكذا لو صحّت معلومات الوكالة، فإن البلاد ستكون بمواجهة حَدَثَ جَلَلَ بوقائعه وبتداعياته، وقد يوصل الى تهديد كامل منظومة الأمن المالي، كونه سيُنْتِج عاجلاً أم آجلاً فراغاً قاتلاً في أهم المواقع النقدية ويشدد من الحصار المالي الخارجي ويضاعف متاعب التحويلات من لبنان وإليه ويرفع من جبل الصعوبات التي تصدم الجهاز المصرفي في الأسواق الدولية.
والمثير، كما تبلغت «الراي» من مصادر مشاركة ومتابعة عن كثب، أن «المعني» – أي سلامة شخصياً – بدا الأكثر سكوناً في دائرة التوتر العالي.
وردّد بثقة: هذه فبركات ودسائس سنعالجها بسرعة تضاهي وتيرة انتشارها وتوقيتها.
وبالفعل اشتغلت الخطوط الساخنة بطاقاتها القصوى.
ولم يَمْضِ وقت طويل حتى ورد الاتصال الذي بدا بمثابة «سكب مياه باردة»،
من مرجع ديبلوماسي أميركي، وفيه: ليس لدى الإدارة أي توجه لفرض أي عقوبات لا شخصية ولا مؤسسية،
وهي تنفي كل ما يتعلق بها في التقرير الإعلامي من وقائع تخصها ومن استنتاجات.
وهكذا، و«بسحر ديبلوماسي» أميركي تم إبطال مفعول «تعويذة» استبطنها تقرير تبنّته وسيلة إعلامية أميركية.
وبالفعل عينه تبدّلتْ الأجواء تماماً وحلّت الابتساماتُ المنتقلة بصحبة «الأخبار الجيدة»
الى خارج الجدران، ليتم تَناقُلها بسرعة تفوق سرعة الصوت بدءاً
من «المرجعيات القلقة الى المصرفيين المتوجسين وطبعاً إلى الإعلاميين المستنفرين.
وبالنتيجة، تجرّع سلامة كأس الجرأة، ليُنْذِر مَن يقصدهم
بـ«أن التمادي في هذه الإساءات بات يحتّم تحرّكاً من جميع الذين يدّعون
الحرص على المصرف المركزي وسمعة لبنان المالية ما يرتدّ سلباً على جميع اللبنانيين،
وما يجعل هذه الجرائم ترقى إلى مرتبة الخيانة الوطنية وتمسّ بالأمن المالي للبلد وفرص إعادة الإنقاذ».
وقبل تدشين الهجوم المضاد للحاكم، كان الناطق الإعلامي في السفارة الأميركية في لبنان كايسي بونفيلد،
صرح: «تابعنا تقارير صحافية تتحدث عن عقوبات محتملة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وهذه التقارير غير صحيحة».
ولم تلبث وزارة الخارجية الأميركية أن صادقت على دقة التصريح مؤكدة لموقع «العربية»
باللغة الإنكليزية ولوكالة «رويترز» أن التقار
ير عن «توجه وزارة الخزانة الأميركية إلى فرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة غير صحيحة».