المصدر: المركزية
سطّر المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، الثلثاء، استنابات قضائية تتعلق بكيفية شراء الأمونيوم ومالكي الشحنة والشركات التي انخرطت في هذه الصفقة ولصالح من تم استيرادها ومن دفع ثمنها ولحسم هوية المسؤولين عنها. انها الخطوة القضائية الاولى التي يخطوها بيطار في ملف التحقيقات بعد أن آل اليه في اعقاب تنحية القاضي فادي صوان عنه. هذا الاجراء، وفق ما تقول مصادر سياسية مواكبة للملف لـ”المركزية”، جيّد، اذ يدل الى ان القضية حيّة ولم تطمس، بعد ان حجبت الثورة الشعبية الغاضبة ودخانُ اطاراتها المشتعلة التي لفّت البلاد من الشمال الى الجنوب، اثر تحليق الدولار وتردي الاوضاع المعيشية، كلَّ الاستحقاقات والملفات المحلية الاخرى.
بحسب المصادر، انطلاقة القاضي بيطار في التحقيقات، قوية وواعدة. فاستناباته تشير الى ان الرجل يضع في سلّم اولوياته تحديد اسماء مالكي شحنة الموت والجهات التي استقدمتها الى بيروت قبل ان يتم إنزالها في مرفأ العاصمة. وفي رأي المصادر، ايجاد الاجابات الشافية عن هذه الاسئلة ليس صعبا اذا أراد القاضي ايجادها. فالتقارير الصحافية والاستقصائية، المحلية والاجنبية، التي تعرض لهذه المسألة بالذات، متوافرة بالعشرات، وقد نجحت في رسم جزء لا بأس به من “بازل” رواية الباخرة “روسوس” وحمولتها ومسارها، من النقطة التي انطلقت منها والمحطات التي توقفت فيها، وصولا الى تحديد هوية أكثر من شخصية وشركة حقيقية ووهمية، لها يد في الكارثة التي حلّت ببيروت في 4 آب.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو التالي: هل سيُسمح للقاضي بيطار بكشف حقيقة وهوية هذه الجهات وادانتها وتسميتها بالاسم، امام الرأي العام المحلي والدولي في آن، خاصة وان الخارج لا ينفك يطالب بتحقيق شفاف ونزيه؟ السؤال مشروع سيما بعد ان انتفضت المنظومة السياسية ضد القاضي صوان والادعاءات التي قام بها، وتصدّت له بالاسلحة الطائفية والمذهبية والحصانات النيابية والنقابية، كونه طال مسؤولين محسوبين عليها في شكل او في آخر… فهل سيكون متاحا لبيطار، أن يدين الضالعين في ايصال النيترات القاتل الى بيروت، وهم على الارجح غير لبنانيين لكن محسوبين على حلفاء بعض الداخل الاقليميين؟!
المعلومات المتوافرة في هذا الشأن، تتراكم يوما بعد يوم، وتؤشر اكثر فأكثر الى كون النظام السوري، وأفراد روس وسوريين، يدعمونه ويموّلونه، يقفون خلف شحنة الموت التي يبدو كانت ذاهبة لصالح دمشق لتستخدمها في مواجهتها المعارضةَ السورية. وفي هذه الخانة، يصب تحقيق أجرته صحيفة “ذا غلوب أند ميل” الكنديّة منذ ايام، في أن “بشار الأسد وموسكو هما أصحاب أمونيوم مرفأ بيروت”. على اي حال، فإن تناقص كمية النيترات المخزّنة في العنبر12، على مر السنوات الماضية، يؤكد انه كان تحت تصرّف جهات نافذة غير رسمية، محلية واقليمية، تستفيد منه على الارجح، في نشاطاتها “العسكرية” والامنية في لبنان وخارجه.
وبعد، تعتبر المصادر ان بيطار يُفترض ان يعيد النظر في كل التوقيفات التي اجراها سلفه، فيطلق الابرياء ويبقي على المشتبه بهم، فيضع الامور في نصابها بما يطمئن الرأي العام ويريحه الى كفاءة القاضي الجديد. اما الامتحان الفعلي، فيبقى في قوله الحقيقة، مهما حاولت المنظومة ردعَه لحماية نفسها وحلفائها في الداخل والخارج، تختم المصادر.