المصدر: الكلمة اونلاين | بقلم بولا اسطيح
يكشف موقف تكتل “لبنان القوي” من الجلسة التشريعية التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحيث ترك لنوابه حرية المشاركة او المقاطعة، حجم التخبط الذي يعيشه التيار والعهد ككل بعد اكتمال الحصار عليه من كل الجبهات.
ويشعر “الثنائي” رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ب”الانهاك” من الحروب المتواصلة التي تشن عليهما والتي تترافق مع انفجار كل الازمات دفعة واحدة خلال أقل من عامين. فبالرغم من تأكيد مقربين من الرئيس عون انه متمسك بالبقاء في موقعه حتى آخر يوم من عهده، ترجح مصادر سياسية ان يكون المقبل من “مصائب” اكبر من قدرة اي كان في موقع الرئاسة على تحمله، ففي ظل ادارة حكومة تصريف الاعمال للبلد وتلويح رئيسها بالاعتكاف، وغياب اي مؤشرات لولادة حكومية قريبة، سيتم تحميل مسؤولية “الارتطام” المقبل لرأس السلطة الذي يمثله الرئيس عون حاليا.ولا تستبعد المصادر ان تكون البرودة التي يبديها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في مقاربة ملف التأليف مرتبطة بتفضيله العودة الى السراي بعد تجاوز مرحلة الارتطام الحاد، وتحميله المسؤوليات الكاملة لعون وفريقه السياسي، مضيفة:”يعي الحريري ان ترؤسه الحكومة في المرحلة الراهنة لن يخدمه على مستوى الشارع لاضطراره لاتخاذ قرارات اقل ما يقال عنها انها غير شعبية، كرفع الدعم نهائيا في ظل مصير سوداوي لاموال المودعين”. فبعكس عون، يمتلك رئيس تيار “المستقبل” حاليا هامش المناورة وان كان يدرك ان المناورات في هذه المرحلة تهدد باسقاط ما تبقى من الهيكل على رؤوس الجميع.
ويحاول القريبون من الرئيس عون قدر المستطاع تفادي تقديم السيناريو الاكثر سوداوية اليه، وان كان معظمهم على يقين اننا وقعنا في المحظور وان العهد بات محاصرا لحد الاختناق في اية لحظة.
فالى جانب الازمة المالية والاقتصادية الخانقة التي ادت لرزوح اكثر من ٦٠٪ من اللبنانيين تحت خط الفقر وفقدان قسم كبير لوظائفهم، وانفجار مرفأ بيروت الذي ادى لدمار نصف العاصمة، والحصار الدولي المفروض على لبنان منذ ما قبل انتفاضة ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩، وصولا لفقدان “الثنائي” عون- باسيل معظم حلفائهما، وطروحات البطريركية المارونية الاخيرة بموضوع الحياد والتدويل التي احرجتهما مع حزب الله واظهرت نية ما لدى البعض بنقل الزعامة المسيحية من عون الى البطريرك بشارة الراعي، اتت مواقف وحركة قائد الجيش العماد جوزيف عون الاخيرة والتي وضعها البعض في خانة التمرد استعدادا لقيادته مرحلة انتقالية، لتفاقم حصار العونيين، الذي يشكل رئيس المجلس النيابي نبيه بري رأس حربة فيه. ويعرف هذا الاخير جيدا كيف يلعب على الوتر العوني الحساس، ولعل ما فاقم النقمة عليه من بعبدا وميرنا الشالوحي اخيرا دخول مناصريه على خط التحركات الشعبية الاخيرة والحديث علنا بنية للتوجه الى قصر بعبدا، وصولا لامتناعه عن ادراج مشاريع القوانين التي قدمها التكتل على جدول اعمال مجلس النواب وادراجه مشروع قانون “شغل دياتو” لاعطاء العسكريين والامنيين مساعدات مالية يدرك جيدا صعوبة ان يمر في ظل الوضع المالي الحالي، ما يرجح فرضية انه طرحه حصرا لاحراج مختلف الفرقاء وبخاصة العونيين واظهار نفسه الحريص الوحيد على حقوق الفئات المستضعفة.
ويبدو ان سياسة الاستيعاب وامتصاص الضربات الواحدة تلو الاخرى كما سياسة مراعاة الخصوصية الشيعية والعلاقة مع حزب الله، شارفت على بلوغ نهايتها لدى “الثنائي” عون- باسيل الذي يتحدث قريبون منه عن قيادة بري للحصار ضد عون بالتضامن والتعاون مع الحريري ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، كما مع رئيس “القوات” سمير جعجع و”المردة” سليمان فرنجية. ولا يزال الصراع الداخلي في “التيار” بين جناح يعتبر انه آن اوان اعلان المواجهة الكبرى العلنية والمفتوحة مع بري وبين جناح يخشى من ان يؤدي ذلك لانفلات الوضع الامني وتحول الصراع لصراع طائفي يمهد لحرب اهلية يتفاعل.. مع ترجيح فرضية تبني الجميع الخيار الاول في حال سقطت آخر امكانيات التسوية والحل خلال اشهر معدودة.
ومن المرجح ان تكون ازمة الكهرباء المقبلة في حال تعذر حلها وتأمين الايرادات المالية اللازمة ما يدخل البلد في العتمة الكاملة، الملف الذي سيؤدي حتما لقلب الطاولة على رؤوس الجميع ويمهد للمخاض الاكبر !