المصدر: لبنان 24| مصباح العلي
لم يشهد تاريخ لبنان منذ تأسيسه حالة سوريالية كالواقع الراهن، انفصام سلطوي كامل عن الواقع المعاش فيما المؤكد ان الشعب اللبناني يستحق مصيرا افضل من التقاتل على كيس حليب وربطة الخبز.
قبيل اطلالة رئيس الجمهورية ميشال عون بالأمس تعددت التكهنات بين انفراج مرتقب او تصعيد مفترض، مع ارجحية بأن الهامش الزمني كما الخيارات اضحت معدومة بخصوص تشكيل الحكومة ، كما سرت فرضيات عن تاجيج الشارع بصورة حتمية طالما ان كل اطلالات عون الاعلامية منذ ثورة 17 تشرين اول ادت إلى نتائج مخيبة للامال.
خلال كلمة مقتضبة استهلها بنفحة وجدانية أعلن عون وبوضوح كامل رفضه الاستجابة لكل المناشدات المحلية والدولية، كما الاصرار على “حرب إلغاء جديدة” قد توصل الشعب اللبناني إلى الهلاك، وليس من خلاص سوى الاستجابة لشروطه المعروفة و التي تتمحور حول هدف اوحد يتمثل بضمان مستقبل صهره النائب جبران باسيل.
المعطيات الأخيرة تؤكد بأن فريق العهد محشور في زاوية ضيقة أمام الإجماع المحلي والدولي حول رفض منح مطلق طرف سياسي الثلث المعطل في الحكومة العتيدة ، و الثلث المطلوب باسيليا يهدف إلى الامساك بالقرار الحكومي ، من جدول الأعمال حتى صدور المراسيم، كما الابتزاز السياسي الذي اتقنه باسيل منذ دخوله الجنة الوزارية عام 2009 وحتى اليوم.
من هنا كان تخيير عون الرئيس المكلف بين تشكيل حكومة بشروط حزبه او التنحي جانبا بما يعد انتهاكا فاضحا لارادة مجلس النواب المعبّر عنها بالاستشارات الملزمة ، وبما يشكل مصادرة موثوفة لصلاحيات الرئيس المكلف بالشكل و المضمون.
على أن تصعيد عون أتى عمليا بعد إشارة روسية غير مطمئنة مفادها الكشف عن زيارة مرتقبة لسعد الحريري الى موسكو سيلتقي خلالها كبار المسؤولين الروس، استكمالا لجولة مباحثات حزب الله ، فيما رفض مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف تلقي اتصال من جبران باسيل توجسا من استغلاله سياسيا في الداخل اللبناني.
الخلاصة التي يمكن تسجيلها في اطلالة عون الأخيرة ، تكمن في استفحال الازمة أزمة التي وضع نفسه فيها ضمن مربع ضيق نتيجة تعنته لتحصيل ضمانات تتعلق بمستقبل صهره، ما أوقعه فريسة الأهواء الشخصية التي قد لا تنسجم مع الواقع المعاش، خصوصا بعدما ضرب زلزال 17 تشرين قواعد اللعبة السياسية و جعل مصير الطبقة السياسية بأكملها على المحك.