المصدر: الحدث _ حسن سعد
في ظل انعدام الثقة وتنامي الأحقاد وتبييت المكائد، يبدو أن قاعدة “عليَّ وعلى أخصامي يا رب” قد فرضت نفسها على أسلوب كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في معركة تشكيل الحكومة العتيدة، وكأن المعركة تدور على متن طائرة غادرت أرض الخلاف السياسي نحو فضاء الخلاف الشخصي الذي لا مدرج هبوط في رحابه
في حديثه الصحفي الأخير استهجن الرئيس عون إصرار الرئيس الحريري على أن يكون عدد الوزراء 18، موضحاً أنّه عرض عليه تشكيل الحكومة من 20 أو 22 أو 24 وزيراً. وتساءل عون: “ما السرّ في تمسّك الحريري لوحده بهذا الرقم السحري؟ فليقنعني بسبب وجيه حتى أوافق معه. أما وأنّه لم يستطع اقناعي فأنا لا أجد مبرّراً لعدم توسيع الحكومة…”.
السر “المعلوم” في إصرار الرئيس المكلف على صيغة الـ 18 وزيراً، هو التالي:
القبول بأي تشكيلة حكومية عدد أعضائها 20 أو 22 أو 24 وزيراً، سيؤدي، وبلا اعتراض مبرّر من أحد، إلى حصول رئيس الجمهورية (وضمناً رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل) على الثلث المعطِّل “الصافي”، كملكية خاصة، وبالنتيجة سيؤدي حتماً إلى خسارة الحريري النصف الثاني (إذ أن النصف الأول المؤجل إلى الآن مرتبط بوزراء حزب الله) من ورقة براءة الذمة السياسية التي قد تسهِّل عليه نيل العفو السعودي الخاص.
السحر في الرقم 18، أعطى مفعولاً تمثّل بما يلي:
– إثبات عدم امتلاك الرئيس عون وفريقه مبرّرات تمنحه حق التفرّد بالثلث المعطل.
– انتقال الفريق الرئاسي إلى المطالبة بتوسيع الحكومة بعد فشل كل محاولاته الحصول على الثلث المعطل لوحده في صيغة الـ 18، ولو لم يقر بذلك.
– تأكيد عدم ثقة التيار الوطني الحر بحليفه حزب الله ليشاركه الثلث المعطل.
– تقديم الرئيس عون وباسيل أمام المجتمع الدولي على أنهما وحدهما من يعطل ولادة حكومة “مهمة” إنقاذية.
في الخلاصة، أياً كان سرّه أو مفعول سحره، قد يكون الرقم 18 شؤم على عون وسعد للحريري ولكنه بالتأكيد نحس فوق نحس لشعب لبنان المنكوب. ولا يبدو أن تشكيلة حكومية من 20 أو 22 أو 24 وزيراً ستبدّل الأحوال.