بقلم قاسم قصير – أساس ميديا
بانتظار ظهور الخيط الأبيض من الخيط الأسود في المبادرة التي أطلقها الرئيس نبيه بري، بدعم من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لإنهاء الأزمة الحكومية وتشكيل حكومة من 24 وزيراً من دون الثلث المعطّل أو الضامن لأيّ طرف، يُتَداول في بعض الصالونات السياسية منها محلية ومنها دولية وعربية، في الدعوة إلى تشكيل حكومة انتقالية برئاسة قائد الجيش العماد جوزيف عون، أو حكومة ثورية قادرة على معالجة الأزمات المستعصية.
وقد أطلق “تكتّل إرادة الثورة”، وهو مجموعة من الحراك الشعبي، قبل أيّام قليلة، حراكاً إعلاميّاً وشعبيّاً لدعم مشروع “الحكومة الثورية الانتقالية”، على أن تضمّ شخصياتٍ يُشهد لها بالكفاءة والأمانة والثبات، للحلول مكان الطبقة السياسية الفاسدة، كما جاء في البيان الذي وجّهته قيادة “التكتل” إلى “الشعب اللبناني”. وسيكون في الأيام المقبلة تحرّك شعبيّ وإعلاميّ لشرح هذا المشروع وآليات تحقيقه، وسيُدعى إلى توقيع عريضة في هذا الإطار.
وبموازة ذلك بدأت مجموعات أخرى من “الحراك الشعبي” بالتواصل مع جهات عربية ودولية من أجل دعم مشروع تشكيل حكومة انتقالية برئاسة قائد الجيش العماد جوزيف عون. ولقي هذا الحراك اهتماماً من بعض البعثات الدولية في بيروت، وهو يستعدّ لعقد مؤتمر صحافي لإعلان المشروع. وأهم البنود التي يتضمّنها:
أوّلاً: الخطوة الأولى هي سحب الغطاء عن رئيس الجمهورية ودعوته إلى الاستقالة، ودعوة الرئيس المكلّف للاعتذار،
ثم دعوة قائد الجيش، وهو شخصيّة مارونيّة، لرئاسة الحكومة الانتقالية. ويعيّن نائبٌ سنّيٌّ مدنيٌّ لرئيس الحكومة،
على أن يكون قاضياً معروفاً بنزاهته واستقامته. أمّا قائد الجيش فهو شخصية توافقية يمثّل مؤسّسة
ما تزال تُحظى باحترام اللبنانيّين. وتكون الحكومة مصغّرة من المدنيّين الاختصاصيّين غير الحزبيّين،
غايتها الأولى إجراء الإصلاحات في مؤسّسات الدولة ووزاراتها خلال المرحلة الانتقالية التي لا تتعدى سنتين.
ثانياً: المرحلة الانتقالية تدوم سنة إلى سنتين كحدٍّ أقصى، تقوم خلالها الحكومة الانتقالية بمهمّات ثلاث:
استعادة المال المنهوب، إجراء الإصلاحات الإدارية والمالية، والتهيئة لانتخابات نيابية..
ولئلا يكون استئثارٌ بالسلطة لا بدّ من رقابة دولية،
وهو ما يتماشى مع ما اقترحه البطريرك مار بشارة الراعي من عقد مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان.
ثالثاً: التزام الحكومة إجراء انتخابات نيابية خلال المدة المحدّدة،
وتكون الانتخابات تحت إشراف الأمم المتّحدة، وينتج عنها برلمان جديد ينتخب رئيساً جديداً يكلّف رئيس حكومة جديداً يؤلّف حكومة جديدة.
رابعاً: استعادة المال المنهوب من خلال التعاون مع المجتمع الدولي في إجراء تدقيق جنائي في البنك المركزي ووزارة المال ومختلف الوزارات.
خامساً: التفاوض مع صندوق النقد الدولي على قرض للبنان، وإعطاء الصندوق صلاحية رقابيّة على مصرف لبنان ووزارة المال.
سادساً: القيام بالإصلاحات اللازمة بالتعاون مع مؤسّسات الأمم المتحدة التي يكون لديها حقّ الرقابة على الإصلاحات.
سابعاً: إعطاء ضمانة لحزب الله لمدة سنتين في خلال المرحلة الانتقالية لمعالجة مشكلة السلاح والاستراتيجية الدفاعية.
ثامناً: في خلال المرحلة الانتقالية لن يُطلب نزع سلاح حزب الله مقابل تعهّد حزب الله بعدم تطوير أسلحته ووقف تدفّق السلاح إلى لبنان.
تاسعاً: إعادة تفعيل اتفاق الهدنة مع العدوّ الإسرائيلي،
ومن خلاله يتعهّد الجيش اللبناني بعدم شنّ هجمات من لبنان على إسرائيل، وتتعهّد إسرائيل بأنّها لن تشنّ اعتداءات على لبنان.
عاشراً: أمّا بالنسبة إلى العلاقات الخارجية فتعتمد الحكومة سياسة متوازنة بين القوى الإقليمية والدولية،
ولا تنحاز إلى أيّ صراع إقليمي، وتحافظ على الثوابت العربية،
ومنها التزام المبادرة العربية التي تضمّ عدداً من البنود من بينها عدم التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي
قبل قيام دولة فلسطين بحدود 67 وعودة اللاجئين.
أمّا بالنسبة إلى سوريا فيلتزم لبنان القرارات الدولية ويعمل مع الدول الصديقة على تسهيل عودة النازحين إلى سوريا.
فهل تنجح هذه المبادرات في تحريك المياه الراكدة في الأزمة اللبنانية أم ينتظر الجميع المفاوضات الإيرانية – الأميركية،
أو التطورات في اليمن وسوريا والمنطقة، لتحديد الموقف النهائي من الأوضاع في لبنان، وأهمّها تشكيل حكومة جديدة؟
لا بدّ من مبادرات، ولو أنّها بعيدة عن الواقع علّها تحّرك المياه الحكومية “الأسنة” التي لن يجري تكريرها إلاّ من الخارج..