االمصدر: بقلم طوني الكعكي
كتب عوني الكعكي: بعد مرور أكثر من 8 أشهر على عملية إنفجار أو تفجير مرفأ بيروت لا تزال الجهود القضائية تُبذل للوصول الى الحقيقة، ولكن للأسف ولغاية اليوم لم تستطع الوصول الى شيء محدّد، وهذا يؤكد أنّ العملية التي حدثت في المرفأ تشبه الى حد كبير عملية الإغتيال السياسي، حيث يُعْرَف مَن الذي قام بعملية الإغتيال، ولكن لا يوجد إثبات يؤكد ذلك، وكمثال على ذلك يعرف العالم كله من قتل الرئيس كينيدي في الستينات، والذي نفّذ العملية قُتِل أيضاً، وهكذا ضاعت الطاسة وضاعت القضيّة.
هذه العملية تشبه الى حد كبير عمليات الإغتيال السياسي.
البارحة جاء وفد دولة ألمانيا ودرس خرائط المرفأ وجال الوفد الهندسي على المرافق في المرفأ وتفقّد الخسائر الكبرى التي تسبّب بها الإنفجار.
في الوقت نفسه، جاء وفد فرنسي وآخر صيني، وزار الوفدان وزير الأشغال العامة
وأبديا رغبتهما بإقامة مشاريع في تلك المنطقة.
أما الوفد الألماني برئاسة السفير الالماني في لبنان اندرياس كيندل فقد ضمّ موظفين من السفارة، إضافة الى ممثلين عن شركة «هامبورغ بورت» (Humburg- port) للإستشارات، وشركة هندسية تدعى «كوليرز»،
واجتمع أفراد الوفد في مقر رئاسة مجلس الوزراء بوزير الأشغال ووضعوا مخططاً أولياً حول المشروع المعتزم إجراؤه في مساحة 126 هكتاراً في المرفأ.
وسيقسّم المشروع الى قسمين:
قسم عبارة عن محطة كبيرة للحاويات وما يرافقها،
وقسم ثانٍ يتم تطويره لبناء مدينة صغيرة نموذجية أسوة بكل دول العالم المتقدّم،
عالم يحترم ويقدّر ثقافة الحياة ويرفض ثقافة الموت.
ما كاد الحديث يبدأ عن دراسات تبحث عما يجب فعله،
حتى بدأت أصوات ثقافة الموت تقوم بتركيب الأفلام للإساءة الى مشروع «سوليدير»
وهي ليست المرة الأولى التي يتم التهجّم والإنتقاد الى معزوفة الحقوق التي سلبتها «سوليدير» من المواطنين،
وهم لا يتحدثون بأنّ «سوليدير» شركة دفعت 600 مليون دولار للمهجرين والنازحين والمحتلين
وتجار المخدرات في تلك المنطقة.
فعلاً ان ما يثير المواطن الشريف أنه يرى نفسه أمام مشروعين:
مشروع ثقافة الحياة الذين يتمثل بشركة «سوليدير» ومشروع ثقافة الموت الذي يتمثل بمنطقة الأوزاعي.
للتذكير فقط، لو تحدثنا عن منطقة الأوزاعي أو ما يسمّى بمدخل بيروت الجنوبي،
وعرفنا كيف كانت تلك المنطقة قبل عام 1958 لقادنا الحديث عن تلك الفترة الى البلاجات الموجودة على أجمل شاطئ رملي بدءًا
من الكورال بيتش، الى الكوت دازور (Côte d‘Azure) الى السان سيمون، الى السان ميشال،
أكابولكو (Akapolko) ، الى Sands.
في الستينات وقبل ثورة 1958 وحتى في السبعينات كانت تقام في مسبح Sands حفلات صراع ديكة،
وكان مستوى الذين يترددون على تلك المنطقة الجميلة مميزاً من أرقى المجتمعات وأكثرها ثقافة وحضارة.
فعلاً تلك المنطقة التي تعتبر مدخل بيروت الجنوبي كانت من أجمل المداخل لعاصمة مميزة مثل بيروت،
ولكن للأسف تغلبت فيها ثقافة الموت على ثقافة الحياة. وهكذا تحوّلت من أجمل منطقة في بيروت الى منطقة لا علاقة لها بأي مشروع حضاري،
حيث في العام 1958 كان عدد البيوت التي أقيمت بطريقة غير شرعية وعلى الأملاك الخاصة والأملاك العامة بالمئات،
أما اليوم فأصبح عددها يفوق مئات الألوف. لذلك نقول لو أنّ المرحوم الشهيد الرئيس رفيق الحريري كان موجوداً لما كانت منطقة الأوزاعي كما هي اليوم.
نقول هذا الكلام عندما سمعنا بعض الاصوات التي ارتفعت واخذت ترفع شعارات فارغة مثل قول احدهم
بوجود مخطط لسرقة حقوق المواطن اللبناني ويتمثل بسرقة مشروع المرفأ.
عندما يكون عندك قطعة أرض وتريد أن تقيم عليها مشروعاً
وأنت لا تملك المال لإقامة هذا المشروع فماذا تفعل؟
بكل بساطة، تحضّر المشروع الذي تنوي إقامته مع دراسة الجدوى الاقتصادية
وتبدأ ببحث المشروع مع جهة «تَمْلِكُ»
المال وترغب في استثمار مالها وهذا ما يسمّى بـ
[B.O.T] يعني build Opreate Transfer يتم تبني المشروع وتسمى إدارته وتحوّل الأموال الى الدولة التي «أعطتك»
المشروع حيث تتقاسم المدخول بينك وبين الدولة.
أتمنى ولو لمرة واحدة أن لا نغرق في ما يسمّى بثقافة الموت،
لأنه وبنظرة سريعة الى ما كانت عليه سوريا قبل عام 2000،
يعني أيام الرئيس حافظ الأسد، وما أصبحت عليه اليوم في عهد الرئيس بشار الأسد يظهر الفرق الكبير.