المصدر: الديار _ صونيا رزق
بعد ستة واربعين عاماً على ذكرى 13 نيسان 1975، تاريخ بدء حرب الآخرين على ارض لبنان، التي تحوّلت لاحقاً الى شتى انواع المعارك والحروب الداخلية، تسترجع مصادر سياسية مخضرمة تلك المآسي وما إحتوته من مخاطر ومشاهد مخيفة، لكن وفي ظل ما نعيشه اليوم من كوارث وانهيارات، تقول المصادر، ينتابنا الخوف اكثر من ان تتجدّد تلك المشاهد عند اي مفترق خطر، فالضحايا والجرحى والى ما هنالك من معوقين ومفقودين ومعتقلين، ودمار وخراب وويلات، يعيدوننا بالذاكرة اكثر الى كل تلك المآسي، في ظل إستمرار بعض السياسيين والاحزاب في التلّهي بالقشور، لان مصالحهم الخاصة تتقدّم على مصلحة لبنان، لانهم على ما يبدو لا يستذكرون شيئاً من كل مشاهد القتل والدمار والدماء، وإلا لكانوا وضعوا مصالحهم الخاصة جانباً، وعملوا من اجل الوطن الذي لا يزال حتى اليوم جريحاً في الاطار المعنوي، بحيث نسمع كل يوم تهديدات من هنا واخرى من هناك، عن إمكانية عودة الحرب، مع أخبار عن تسلّح اكثرية الاحزاب، وكأنهم لم يتعلّموا شئياً من دروس الماضي الاليم، لان المتاريس تحولت من عسكرية الى سياسية، فبقي كل شيء على حاله، شحن طائفي – مذهبي، انقسامات وخلافات حزبية لا تعّد ولا تحصى، أمراء الحرب توّلوا المناصب الرفيعة، ولا زالوا يتناحرون على المناصب، فقط تغيّرت بزّاتهم العسكرية الى لباس رسمي وربطة عنق، لكن ما كان يدور في النفوس لم تزحزحه الجبال، ووحدهم الضحايا لم يتغيّروا لانهم دفعوا الثمن، والى ما هنالك من جرحى ما زالوا يدفعون ثمن إعاقتهم حتى اليوم، من دون ان ننسى الجريح الاكبر لبنان، الذي دُمّر وُحطّم ونزف بفضل مخططات جهنمية ارادت إنهاءه، لكن في النهاية كلمة واحدة فقط يجب ان تسود يومياً، وهي الترّحم على كل الشهداء الى أي طائفة او مذهب إنتموا…
وعلى خط الشعب اللبناني المسكين، الذي كان ولا يزال يدفع الغالي لغاية اليوم، فكلماته تترّدد كل عام في هذا التاريخ المأساوي مع عبارتين، «تنذكر وما تنعاد»، لكن ما يجري حالياً لا ينطبق على هذه المقولة، لان الوطن مهدّد بإمكانية إعادة إحياء تلك الذكرى الاليمة على ارض الواقع.
الى ذلك، ابدت مصادر مسيحية متابعة لما يجري على الساحة اللبنانية، عبر «الديار» إستياءها الشديد من الوضع الراهن، ورأت انّ الوضع الحالي الكارثي لا يطمئن، لان الدولة تكاد تنهار نهائياً، لذا على جميع السياسيين والاحزاب والتيارات من دون أي إستثناء، ان يجهدوا في حال كانوا عن حق وحقيقة يريدون إلغاء ال 46 عاماً من النفوس اولاً، وان ينقذوا لبنان عبر مساعدة الدولة وجيشها، لاننا بتنا نعيش يومياً 13 نيسان بسبب ما يجري من خلافات بين السياسيين، الذين جعلوا ذاكرتنا عاصية على النسيان، بسبب معاركهم اليومية على الحصص والمغانم، وان يقفوا الى جانب الرئاسة الاولى ويمنعوها من السقوط، لان سقوطها يعني زوال المسيحيين ولبنان.
واملت المصادر المذكورة بأن يعي اللبنانيون اهمية التفاهم على الثوابت والمبادئ الوطنية، ودعت الى التلاقي على كلمة واحدة هي «لبنان وطن الجميع» على إختلاف إنتماءاتهم وتوجهاتهم، وبالتالي فإن محو هذه الذكرى يكون بأخذ العبر منها، والانطلاق نحو حوار جدّي يطرح المشاكل الحقيقية، «لا حوار طرشان» بل بالبحث عن السبل لدرء الاخطار عن لبنان، وحمايته من التجاذبات الإقليمية والدولية التي تنعكس سلبياً على وحدته الوطنية، إضافة الى ضرورة الابتعاد عن أي رهانات خاطئة دفعنا جميعا ثمنها، ولا نزال نجهد للتخلص من تداعياتها حتى اليوم، لان الاحزاب اللبنانية لم تتعلّم شيئاً من دروس الحرب وهذا ظاهر للعيان.
وختمت المصادر بالدعوة الى التضامن في هذه الذكرى الاليمة، والى تغليب صوت الحكمة والعقل، لانه على الرغم من مرور كل تلك السنوات، لم نصبح بعد شعباً قادراً على التحّكم بأموره، لا بل على العكس يحتاج دائماً الى الوصاية، وهذا مؤسف ومستغرب. فكيف لكل تلك العقود التي مرّت، ولم يتعّظ المواطن اللبناني بعد ويسير في الخط الوطني المستقيم؟ وسألت عن عبارة «التعايش الاسلامي – المسيحي» المتداولة بين اللبنانيين، فأين اصبحت اليوم؟!