المصدر: علاء الخوري _ ليبانون فايلز
منذ أكثر من سنة يتحدث قادة ومرجعيات سياسية عن انهيار التركيبة اللبنانية وانفجار الوضع الاجتماعي في البلاد، ولكن ما من أحد يمكنه التنبؤ بمثل هذا الحدث فيركن الى بعض الاستحقاقات التي تساهم بتسريع وتيرة الانهيار فالانفجار. بعض تلك الاستحقاقات داخلي وبعضها الآخر خارجي، والقراءة المتأنية لما يلوح في الافق تؤكد أن العناصر اكتملت وهي تنتظر “فتيل” التفجير.
على ابواب شهر رمضان المبارك، يردد بعض الوزراء في حكومة تصريف الاعمال أن الرئيس حسان دياب لم يعد قادرا على تحمل كل الاعباء الملقاة على عاتق حكومته لا سيما تلك المتصلة بدعم السلع، وعليه فاننا قد نشهد في الايام المقبلة ارتفاعا كبيرا في سعر بعض المواد اضعاف ما كانت عليه، اضافة الى توقيف “بدعة” عرض الزيت والسكر وغيرها من المواد المدعومة بشكل نهائي، تزامنا مع وجود العراقيل التي تواجه اصدار بطاقات التموين للعائلات الاكثر فقرا.
وبحسب الوزراء فان الامور لن تقف عند المواد الغذائية، فالدولة أيضا لم تعد قادرة على تمويل فواتير الهاتف والكهرباء وكل ما يتصل بالخدمات الاساسية التي باتت كلفتها عالية جدا عليها بعد أن فقد مصرف لبنان الكثير من احتياطات العملة الخضراء، وذكر هؤلاء بسلفة ال 200 مليون دولار التي أقرها مجلس النواب لدفع فاتورة الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، ما ساهم بتسريع وتيرة رفع الدعم.
في المقابل تؤكد جهات معارضة أن استسلام الدولة لهذا الواقع قابله تحرك حزب الله الذي تمكن الى حد كبير من تأمين بيئته الحاضنة عبر افتتاح التعاونيات الغذائية “النور”، وتوفير البطاقات التموينية “السجّاد” لتلك العائلات، واللافت أن بعض المواد التي تباع في تلك المولات كانت مدعومة من قبل الدولة وتتواجد بشكل كبير على “الرف”، فيما اللبناني يبحث عن “غالون زيت” مدعوم ولا يجده بأي سوبر ماركت.
وفيما الدولة تعلن افلاسها وانهيارها، يعمل حزب الله، على تأمين ما تيسر من حاجات وخدمات اجتماعية لبيئته بهدف ابعادها من نيران الانفجار لفترة أطول. وتشير المعلومات الى ان الحزب تمكن من تخزين الكثير من المواد الغذائية المدعومة أو التي استوردها من ايران عن طريق البر ليتمكن من الاستمرار ومنع وصول الانفجار الى الضاحية أو الجنوب، وقد سعى الحزب الى توفير ايضا المواد النفطية من مازوت وبنزين بعد أن تصاعدت وتيرة الاحتجاجات وزادت النقمة من قبل بيئته، حتى خدمة الانترنت متوافرة بشكل خاص من قبل الحزب ولن تتأثر بأي زيادة، وتأتي اطلالة النائب حسن فضل الله قبل ايام على قناة المنار وحديثه عن الخدمات التي يعمل على توفيرها الحزب عارضا بعضها على الاعلام لتؤكد أن الحزب “اكتفى ذاتيا” وقادر على التحكم أكثر بشارعه.
في المقابل نجد القرى والبلدات اللبنانية من بيروت الى الشمال ومناطق أُخرى في تخبط اقتصادي، فالافران أغلقت ابوابها بعد أن فُقد الطحين “عن قصد أو غير قصد”، والملاحم في طرابلس لم تعد قادرة على بيع كيلو اللحم بسعر 80 الف ليرة ومحطات البنزين رفعت خراطيمها وهي ان أوجدت الحل فيبقى آنيا وسقف التعبئة محدد بكمية معينة، فيما طوابير السيارات في الشمال والبقاع على حالها حيث نشهد بشكل يومي زحمة خانقة بسبب تقطير هذه المادة على المواطن، وبات عمل المحطات مقتصرا على دوام قبل الظهر.
وعلى وقع هذا الانحدار والتخبط السياسي لايجاد مخرج للأزمة جاء موقف صندوق النقد الدولي لينبه لبنان من وضعه الاقتصادي السيء حيث لفت مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق جهاد أزعور الى أن من الصعب جدا على صندوق النقد تقديم أي شيء غير المساعدة الفنية للبنان في غياب الحكومة. وهذا الموقف يتقاطع ايضا مع المواقف الغربية التي سلمت بالامر الواقع أو خضعت ل “لاءات” السياسيين الرافضين لأي مشروع حكومي لاخراج البلاد من أزماتها، فانتقل هؤلاء وتحديدا الاوروبيين الى الخطة “ب” مع الاعلان عن اصدار لائحة عقوبات بحق مسؤولين لبنانيين وقد يُعلن عنها هذا الاسبوع. ومن شأن هذه العقوبات أن تمنع من شملتهم القيام بأي اجراء مالي خارجي أو السفر الى البلدان الموقعة على تلك اللائحة، في حين تتجه دول الخليج الى رفع مستوى المقاطعة في حال تحول الوضع في لبنان الى الاسوأ.
سياسة “الرتي” التي يمارسها المسؤولون في لبنان، لن تدوم طويلا، وقد انتهت مدتها وشهر رمضان المبارك هذا العام يُنذر بتصعيد خطير، وهذا ما عبرت عنه الرسائل المتبادلة لبعض السفارات في لبنان مع مرجعياتها الدبلوماسية حيث عبرت عن مخاوف من “انفجار وشيك” على الساحة اللبنانية.