المصدر:ليبانون ديبايت
رأت مصادر روحيّة كنسيّة ، أن أحد أسباب ووجوه الأزمة اللبنانيّة ، يكمن في إصرار فئة من اللبنانيين على مساواة الحقّ مع الباطل، معتبرة أنه لو كانت هنالك جرأة لدى هذه الفئة أو غيرها، لتسمية الأمور بأسمائها وأن تقول عن الباطل إنه باطل والحقّ إنه حقّ ، لما وصلت الأمور في البلاد إلى ما وصلت إليه اليوم، ولكن هناك من يحبّ باستمرار أن يغسل يديه كبيلاطوس من دم هذا الصدّيق ، بعيداً عن الشهادة للحق والإعتراف بالوقائع.
وشدّدت المصادر على أن المشكلة ، لم تكن يوماً ما بين رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع واالرئيس ميشال عون، وإنما صُوّرت المشكلة على هذا النحو، فمشكلته كانت منذ بدايات تسلّم عون للسلطة مع الـ”Establishment” ، والذي كان هدفه الأول والأخير تدميره، وبذلك تدمير المناطق المحرّرة. وهنا لا جيب أن ننسى أن أول طرف اصطدم معه عون، كانت بكركي ، التي لم يرتكب أي فريق مسيحي أو غير مسيحي معها وفي كل تاريخها، ما ارتكبه هذا الفريق بحقّها وبحقّ مثلّث الرحمات البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير.
وأوضحت المصادر أن المشكلة لم تكن مع “القوّات” ، وإنما مع كل من كان موجوداً في المناطق المسمّاة في حينه “الشرقيّة”، كانت مشكلته مع الكنيسة، والرهبانيات، والقوى والشخصيات المستقلة، ومع الأحزاب كافة، ومع الصحافة، ومع الجميع، وإنما بحكم أن “القوّات” كانت القوّة الأبرز في تلك المناطق وهي المسؤولة عمليّاً عنها ، فكان اصطدامها مع سياسات عون أمر بديهي ، وذلك على الرغم من أنها حاولت مراراً وتكراراً ، الحؤول من دون ذلك ، وبذلت جهوداً كثيرة لإعادته إلى رشده السياسي والعسكري إلاّ ان لا شيء نجح معه، ولذا رأت نفسها مضطرّة لخوض المواجهة معه بالنيابة عن الجميع.
وأكدت هذه المصادر أن للكنيسة وجهة نظر واحدة في هذه المسألة ، وهي تعبّر عنها بشكل واضح وصريح، ومن هنا،
فإن أصحاب نظريّة “جعجع وباسيل سيلعنكما التاريخ” ، إنما هم يتلاعبون بالحقيقة تماماً كما يحاول فريق العماد عون القيام به، وعليهم أن ينظروا إلى المواجهات المفتوحة التي يخوضها هذا الفريق السياسي: فهل إطلاقه هاشتاغ “#راعي_الفساد “، هو من ضمن المواجهة ما بين جبران باسيل وسمير جعجع؟ وهل مواجهة بكركي التي تنطق بالحقّ وتقول رأيها، وافقنا أو لم نوافق عليه، تتمّ على هذا النحو وبهذه الطريقة التي نراها من قبل هذا الفريق؟ وهل المواجهة المفتوحة ما بين تيار “المستقبل” والعهد، هي من ضمن ما يسمّونه “المواجهة ما بين جبران باسيل وسمير جعجع”؟ وهل المواجهة المفتوحة ما بين هذا الفريق و”حركة أمل”، وبين هذا الفريق و”الحزب التقدمي الإشتراكي”، وما بينه وتيار “المردة”، وما بينه و”ثورة 17 تشرين” التي صدحت حناجر ثوارها في كل أرجاء الوطن “هيلا هيلا هو”، هي كلّها مواجهات تندرج تحت عنوان بين “سمير جعجع وجبران باسيل”؟
ولذا أعتبرت المصادر، أنه على أصحاب نظريّة “لعنة التاريخ “، أن يعيدوا النظر بكل ما يقولونه باعتبار أن التعميم
وخلط الحابل بالنابل وعدم الدلالة بشكل واضح على الأمور كما هي عليه،
إنما هو إمعان في إخفاء الحقائق عبر وضع الباطل والحقّ على قدم المساواة،
فيما أنه لا يمكن أن يصطلح لبنان كما لا يمكن الخروج من هذه الأزمة ، إلاّ من خلال قول الحقيقة وتسمية الأمور بأسمائها،
وذلك بحسب الآية الإنجيليّة “بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ”.
كما ان أصحاب هذه النظريّة، وهم معروفون تماماً ، يُدركون أنهم بما يرتكبونه ،
ينقضون رسالة الكنيسة في هذا الشرق وهي الشهادة للحق.
وشدّدت المصادر الروحيّة الكنسيّة ، على ان من أوصل لبنان إلى ما وصل إليه اليوم ، هو أداء فريق العهد،
الذي أمعن ويمعن في مواجهة الجميع لأهداف سلطويّة محضة،
وما يحصل اليوم من مواجهة مع غبطة أبينا البطريرك وكل القوى السياسيّة الأخرى أكبر دليل على ذلك، ويؤكد المؤكد،
وهو أن المواجهة ليست ما بين “القوّات” و”التيار” ، وبالتالي على أصحاب نظريّة “لعنة التاريخ”،
أن يعيدوا النظر في مفهومهم تبعاً للآية الإنجيليّة: “وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ”،
لأن مفهومهم هذا لا يخدم سوى التعمية على الحقيقة.
وختمت المصادر مكرّرة التأكيد على وجوب إعلاء الحق والحقيقة وتسمية الأمور بأسمائها.