المصدر: ليبانون ديبايت
بغض النظر عن الجهة التي تقف وراء تهريب شحنة المخدرات الأخيرة إلى الممكلة العربية السعودية أو غيرها من الدول العربية والأوروبية، سواء انطلاقاً من لبنان، أو من خلال استخدامه كمحطة “ترانزيت” لعبور عمليات التهريب هذه، يتّضح بشكل لا لُبس فيه، أن لبنان تحوّل إلى كيان يُشبه إلى حدّ كبير، تلك المناطق التي تُسيطر عليها جماعات “المافيا” العالمية، والتي يحكمها قانون القتل والمخدرات والسلاح، في ظل غياب المسؤولين بشكل كامل عن واجباتهم تجاه ما تبقّى من وطنهم، أو لجهة البحث عن مخارج وحلول لوضعه مُجدّداً على خريطة إعادة البناء.
ما حصل في عملية تهريب المخدرات، لا يُمكن فصله بأي شكل من الأشكال عن الممارسات المُمنهجة التي يعتمدها أصحاب السلطة في لبنان، لإسقاط المؤسّسات وضرب هيبة الدولة، خشيةً من تحقيق العدالة التي يبدو أنها لو تحقّقت فعلاً، فسوف تطال رؤوساً كبيرة لها يد بكل هذا الوضع المأساوي الذي وصل إليه الشعب، ولعلّ ما يحصل في القضاء اليوم، هو خير دليل على الحرب السياسية التي يخوضها السواد الأعظم من هذه “البوتقة” السياسية على قاعدة، “عليّ وعلى أعدائي” غير آبهين بمصير بلد بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة، وخير شاهد على النهاية هذه، خراب المؤسّسات وتقسيم القضاء وسعي كل فريق أو مذهب، للدفاع عن جهاز أمني وطريقة عمله، في وجه بقيّة الأجهزة.
في وقت سابق، كانت اتهمت الدولة الفرنسية السياسيين اللبنانيين، بـ”التقاعس عن القيام بما يلزم في التصدّي لخطر الإنهيار الذي يواجهه لبنان”. ومن باب التهديد، وجّهت فرنسا، مجموعة إنذارات لهؤلاء السياسيين، وذلك بتأييد واسع من المجموعة الدولية التي تراقب الوضع اللبناني، باتخاذ إجراءات مُشدّدة في حق من يمنع قيام الدولة عن طريق رفض تشكيل الحكومة من خلال المبادرة التي طرحتها الدولة الفرنسية.
من نافل القول، أن ما حذّرت منه فرنسا، وما زالت تُحذّر منه بقيّة الدول سواء المُقرّبة من هذ الحلف الداخلي، أو من ذاك، هو الذي أوصل إلى تقويض مؤسّسات الدولة بكافة فروعها. من هنا، تُشير مصادر سياسية تنتمي إلى محور “المقاومة” في لبنان والمنطقة، إلى أن ما يحصل في لبنان يندرج ضمن خانة “التواطؤ على هذا البلد، بإدارة وتوجيه خارجيين، لكنه يُنفّذ بآياد داخلية. وهُناك من يُمعن في هذا النهج التخريبي بهدف إعادة ترتيب البلد على أُسس جديدة يكون له فيها مرهون لإدارة وسياسة الخارج، ويحجز فيها بعض الداخل، موقعاً مُتقدّماً بدل التهميش الكُليّ الذي يعيشه اليوم”.
وترى المصادر نفسها، أن ما حصل أخيراً في موضوع تهريب المخدرات، وما سبقه من إجراءات لبعض السفارات في لبنان،
هو بحدّ ذاته استهداف للبنان كدولة أولاً، وثانياً لمحور “المقاومة” من خلال زجّه في أمور جانبية تُلهيه
عن المعركة الأساس التي يخوضها في وجه إسرائيل، ومن أجل التغطية على “موجة” التطبيع المُستمرة مع الكيان الصهيوني”.
من جهة أخرى، تكشف مصادر بارزة تنتمي إلى خط “14 أذار”، عن وجود “تنسيق عالي المستوى بين محور الممانعة
في لبنان والخارج، لتدمير مؤسّسات الدولة الصحيّة والتربية والقضائية وشلّ قدرتها الإقتصادية،
تمهيداً لإعادة صياغة دستور جديد يُفصّل على قياس هذا المحور تُفرض فيه حقوق مذهبية وطائفية وحزبية
داخل تركيبة جديدة، وأبرزها رُبّما إعادة خلط أعراف وقوانين لجهة تتعلّق بمواقع الرئاسات الثلاث، وذلك انطلاقاً من قانون إلغاء الطائفية السياسية”.
وبحسب المصادر نفسها، فإن “حزب الله، ومن أجل تطبيق كل هذه الطموحات، “لا بد وأنه يحتاج إلى شريك مسيحي،
يُعاونه في تحقيق مشروعه، ويبدو أنه وجد ضالته بالنائب جبران باسيل الأوفر حظاً لإنجاح هذا المُخطّط،
وذلك من خلال تفاهمات تندرج في إطار توزيع الأدوار بينهما، بشكل يُمسك فيه باسيل بالوضع الداخلي وسياسة لبنان الداخلية،
على أن يتولّى “الحزب”، السياسة الخارجية وتحديد العلاقات مع الدول الخارجية، طبعاً بالطريقة التي تؤمّن مصالحه”.
وأبرز ما كشفت عنه المصادر، أن “هذا المخطّط كان جرى طرحه في إيران منذ نحو عام بين محور “الممانعة”،
وكان رأي الرئيس السوري بشار الأسد يومها أن الوزير سليمان فرنجية هو الشخص الأنسب لهذا الدور،
إلّا أن وجهة نظر “الحزب” رجّحت باسيل، باعتبار أنه مُستعد للعب أي دور سياسي، في حال وصوله إلى رئاسة الجمهورية،
وذلك على عكس فرنجيّة الذي لديه الكثير من المواقف والآراء التي لا تنسجم مع سياسة “حزب الله”.