استقالات جماعية في “التيار”

المصدر: المدن

عند متابعة صفحة مسؤول العلاقات الدبلوماسية في التيار الوطني الحرّ، سابقاً، ميشال دوشدرفيان، تجدها ممتلئة باللقاءات مع الدبلوماسيين والسفراء من كل الدول. لا توحي لقاءاته بأن الحزب الذي ينتمي إليه دوشدرفيان معزول في السياسة، أو محاصر دولياً، كما هي الحال مع التيّار الوطني الحرّ ومع رئيسه جبران باسيل.

لمن لا يعرف هذا الرجل، هو الذي انتمى إلى التيار قبل نشوئه، رافق رئيس الجمهورية ميشال عون منذ أن كان رئيس حكومة انتقالية. تولى مسؤولية العلاقات الدبلوماسية للتيار. فكان صلة الوصل بينه وبين عواصم العالم. كان دوشدرفيان يجول على السفراء شارحاً وجهة نظر عون في سنوات منفاه، وفي ظل نضال العونيين ضد الوجود السوري. كان عون يومها -كما يقول دوشدرفيان- يطلب منه أن يصطحب معه جبران باسيل إلى الاجتماعات، يوم كان باسيل لا يزال ناشطاً عونياً. نجح الرجل في نسج علاقات دبلوماسية هائلة، فتطورت بعض العلاقات إلى صداقات.

يوم عاد عون من منفاه، عيّن دوشدرفيان مستشاراً للشؤون الدبلوماسية. فبقي إلى جانبه حتى انتخابه رئيساً للجمهورية. طلب عون منه أن يكون مستشاراً دبلوماسياً لوزير الدفاع يعقوب الصرّاف، في حكومة الحريري، قبل أن يترك هذا المنصب عند تولي الياس بو صعب الوزارة.

بعد السابع عشر من تشرين ليس كما قبله، يقول دوشدرفيان، لـ”المدن”. في تلك الفترة قام مسؤول العلاقات الدبلوماسية في التيار باتصالات مع عدد من السفراء. عاد بها إلى باسيل، وقال له إن الوضع الدولي مأزوم تجاه لبنان، ولا يمكن البقاء مكتوفي الأيدي.

لم تلق دعوات دوشدرفيان ردود فعل إيجابية لدى أصحاب القرار. تفاقمت الأزمة بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، وامتد الاشتباك بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ أشهراً عدة، كان دوشردفيان ينقل فيها لباسيل أجواء الدبلوماسيين الغربيين بضرورة تشكيل حكومة: “لم يعد مهماً وزير بالزايد ووزير بالناقص، البلد عم ينهار”. هكذا قال دوشدرفيان لباسيل، مشيراً إلى أن رفع الدعم سيؤدي إلى 13 تشرين أخرى على قصر بعبدا، أكثر ضراوة من تلك التي شهدها في العام تسعين.

يضيف دوشردرفيان في حديثه إلى “المدن”: لم يرحمنا المجتمع الدولي حينها. ولن يرحمنا اليوم، لأن الوضع أصعب مما كان عليه في العام تسعين. قلت لباسيل إن الأجواء الدولية تحمّل العهد المسؤولية الكبرى، وتحمّله هو شخصياً مسؤولية عدم تشكيل حكومة. فرد باسيل قائلاً لا تصدق ما يقوله لك السفراء. صدقني أنا في ما أقول لك”. عندها، وبعد فشله في إقناع باسيل بحقيقة الجو الدولي، وسط تمسك رئيس التيار الوطني الحر بموقفه، اتخذ دوشدرفيان قراره بالاستقالة من منصبه كمسوؤل للعلاقات الدبلوماسية. فقدّم استقالته في 17 كانون الأول الماضي.

بعد أن قدم استقالته من منصبه، دعي دوشدرفيان إلى مؤتمر نظمه “الخط التاريخي” (وهم العونيون القدامى)،

في فندق بادوفا، لإلقاء محاضرة عن الأجواء الدبلوماسية. فلبى الدعوة.

بعد ذلك بأيام تلقّى دوشدرفيان اتصالاً من المحامي ماجد بويز، الذي يتولى الإشراف على المجلس التحكيمي

في التيار الوطني الحرّ. سأله بويز عن السبب الذي دفعه للمشاركة في المؤتمر. أجابه دوشدرفيان،

سائلاً بويز إذا كان هو منتسباً إلى التيار في سنوات النضال. يعلق لـ”المدن” قائلاً:

“لست من هؤلاء الذين تسلّقوا السلطة في التيار الوطني الحرّ. فأنا،

حتى لو تخليت عن بطاقتي، عندما أمشي على الطريق يدلون عليّ بالإصبع ويقولون هذا الرجل عوني. والقصة مش قصة بطاقة”.

بعد حوالى الشهر على تلك المحاضرة، تم تعيين موعد للتحقيق مع دوشدرفيان.

فوصلته رسالة عبر الهاتف حددوا له عبرها موعداً عند الساعة الرابعة وعشر دقائق،

على أن يبدأ التحقيق مع شخص آخر في الساعة الرابعة والربع. أي تم تخصيص خمس دقائق لكل شخص.

لم يمثل دوشدرفيان في جلسة الاستماع أمام الهيئة الأولى لدى مجلس التحكيم. وفي 26 نيسان الجاري،

وصلته رسالة تعلمه بفصله من التيار، الذي عمل فيه مسؤولاً للعلاقات الدبلوماسية لمدة ثلاثين عاماً.

في الوقت الذي فصل فيه دوشدرفيان عن التيار كانت الرسالة نفسها قد وصلت إلى حوالى خمسة عشر شخصاً آخر.

معظمهم قدم استقالته سابقاً. وتتحدث المعلومات عن أن الاستقالات لم تنته بعد. بل هناك شخصيات كثيرة،

ومن بينها نواب، يستعدون للمغادرة. ولكنهم ينتظرون التوقيت المناسب لذلك.

يضيف دوشدرفيان قائلاً إنه لم يعد يستطيع الدفاع عن التيار الوطني الحرّ لدى الدبلوماسيين. فهو يسمع انتقادات أينما ذهب.

ولم ينجح في تغيير السلوك السياسي لأصحاب القرار في التيار وفي بعبدا.

ينهي دوشدرفيان كلامه بالقول إنه سيستمر في نشاطه الدبلوماسي بصفته الشخصية،

بعدما نجح في نسج أفضل العلاقات الدبلوماسية مع مختلف الجهات. أما عن الدفاع عن حقوق المسيحيين ووجودهم في لبنان،

فيقول دوشدرفيان إن من يحمل راية الدفاع عن المسيحيين لم ينتبه بعد أنهم أول الخاسرين من هذه المعارك السياسية،

وأول المهاجرين. وهذا ما أسمعه في المكاتب الدبلوماسية لعواصم العالم.

Exit mobile version