المصدر: القناة الثالثة والعشرون
بالأمس، أوقفت وحدات الجيش 6 مواطنين و3 سوريين كانوا يهربون حوالى 11,000 ليتر من مادة البنزين و6,000 ليتر من المازوت من البقاع الى سوريا. أمّا في لبنان، فتُرفع الخراطيم أمام المواطنين بحجة نفاد المخزون، وسط تزايد تدريجي مستمر في اسعار المحروقات، المهددة برفع الدعم مع توقعات بوصول سعر صفيحة البنزين الى 80 الف ليرة، بحسب نقيب الشركات المستوردة للنفط، وإنتقال مشهد التضارب على السلع المدعومة من السوبرماركت الى محطات الوقود، في بلد حيث الحدود “السائبة” تعلّم الناس “الحرام”.
في تصريحات له، إعتبر وزير الطاقة ريمون غجر أن السبب الرئيسي خلف أزمة الوقود هو التهريب إلى سوريا التي تعاني بدورها من شح في المحروقات، حيث الحاجة في السوق السوري للبنزين تدفع المهربين اللبنانيين إلى تهريب المحروقات إلى سوريا لتحقيق أرباح طائلة، وبالعملة الصعبة.
والقصة غالباً ما تبدأ ليلاً، “بيك اب” وشاحنات، غالونات وخزانات صغيرة، كل الاساليب متاحة امام مسلسل التهريب من لبنان الى سوريا، عبر المعابر غير الشرعية التي إعتادها المهربون، وتلك الطرقات الفرعية المستحدثة التي يستخدمها هؤلاء، على الرغم من حواجز الجيش الموجودة عند الطرق المؤدية الى الجرود، وكل الاجراءات المشددة لقمع عمليات التهريب التي تشكل عبئاً بالدرجة الاولى على اهالي البقاع أنفسهم، وخصوصاً انّ قلّة تعمل في مجال التهريب، وباتوا معروفين الى الجميع، مقارنة بالنسبة الكبيرة من سكان المنطقة وخصوصاً المزارعين واصحاب المصالح المتضررين من نفاد المحروقات، والذين يجدون أنفسهم في دائرة من المخاطر الصحية والاجتماعية والامنية والاقتصادية.
وكما مافيات الداخل، كذلك للحدود “مافياتها”، كما يؤكد مصدر أمني متابع لعمليات التهريب في البقاع لـ”لبنان 24″، حيث يشير الى أنّ مهربي لبنان استفادوا من ازمة المحروقات في سوريا، وتتم هذه العمليات عبر ما أسماهم “مستثمري المعابر غير الشرعية” الذين يقومون بعمليات البيع حصراً بالدولار، عبر الصهاريج ومختلف الوسائل التي تنقل الحمولات ليلاً على الطرق الترابية الجردية بإتجاه الحدود، وتتعدى هذه الحمولات الـ150 حمولة يومياً. وقد شكل هؤلاء شبكة علاقات كبيرة مع سوريا، هي ليست بجديدة، ولكنها أصبحت على مستوى اكبر وأخطر بعد ازمة المحروقات في سوريا والتي تفاقمت بعد العقوبات على دمشق.
وهذه الارقام الخطيرة تعني أنّ البقاعيين يُحرمون من المحروقات وتتعطل اشغالهم بسبب “التسيب الامني” الحاصل بلا حسيب أو رقيب على الرغم من الجهود الامنية المبذولة لوضع حد لهذه المهزلة، وخصوصاً ان البقع الاساسية التي ينشط فيها التهريب اصبحت معروفة غالباً.
يقول المصدر الامني، إنّ هذه المعابر معروفة، ولكن المسألة تحتاج الى تشدد اكثر في التعاطي الامني والسياسي
دون إعطاء أي إعتبارات لتغطيات سياسية حزبية، “والضرب بيد من حديد”، مشيراً الى انّ هذه النقاط
هي في الشمال الشرقي في البقاع، على المساحة الممتدة من منطقة القصر الحدودية، وعرسال، والقاع،
وكذلك في البقاع الشمالي والبقاع الاوسط باتجاه الحدود.
وإذ تتردد معلومات عن نية الجيش بإقفال الطرقات المؤدية الى الجرود، وخصوصا ناحية البقاع الشمالي بإتجاه سوريا،
نفى المصدر الامني ذلك، معتبراً انّ المسألة تحتاج الى تنسيق أكبر، “هناك مصالح ومزارعون يحتاجون الى تسيير امورهم،
يُضاف الى ذلك إستحالة إغلاق الحدود لجملة اسباب جغرافية وسياسية، وسط واقع مأزوم يجعل عملية ضبط التهريب
مسألة صعبة المنال، وبالتالي فإنّ الحل الراهن الذي يمكن إستثماره هو بضبط التوزيع والتشدد في عمليات مكافحة التهريب،
وهذا ما تقوم به قيادة الجيش، وذلك لمصلحة اللبنانيين وخصوصاً اهل البقاع الذين يعانون من شح توزيع المحروقات”.
يروي مواطنون كُثر في البقاع صعوبة الازمة، حيث تُقفل بشكل شبه يومي ابواب محطات المحروقات مساء،
وكأن لا يكفيهم كل المشاكل الامنية والاقتصادية والصحية لتضاف لها ازمة شح البنزين والمازوت،
وقود التنقل اليومي وتشغيل المصالح الصغيرة لابناء البقاع وحرمانهم من أدنى مقومات الاستمرار
بسبب شجع بعض التجار واستغلال المهربين ومافيات الحدود التي لا يبالي مشغلوها بلقمة عيش البقاعي المهددة.
فالى متى هذا التفلّت، وإمتناع المحطات عن بيع البنزين الى الزبائن، أو تقنينها، والتحكم بالكميات المسموح بها لكل سيارة؟.