المصدر: المدن
شغل لبنان، في الأيام الماضية، بأخبار شحنة حبوب الكبتاغون المخدرة التي تم تهريبها إلى السعودية، وسط حالة من الفزع سيطرت على القطاع الزراعي في لبنان بعد قرار المملكة بفرض حظر على دخول الفواكه والخضراوات اللبنانية أو نقلها عبر أراضيها. وفي حين يثير البعض شكوكاً ويطلق اتهامات حول دورٍ مزعوم لحزب الله في هذه العملية، كشف عضو سابق في حزب الله لشبكة “ميديا لاين Media line” الأميركية، معلوماتٍ عن تورط الحزب في عمليات تهريب المخدرات منذ فترةٍ طويلة (نشرتها صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية).
العضو السابق في حزب الله الذي طلب عدم الكشف عن هويته، قال إن الحزب إياه بات يعتمد بشكل أساسي على بيع المخدرات منذ أن تسببت العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وعدد من أعضاء الحزب بنقص التمويل، ليزداد انخراطه في هذا المشروع بعد انهيار الدولة اللبنانية.
أضاف “كنا نعمل طوال اليوم في مزارع حزب الله، تحت حماية قوات الحزب إضافةً إلى فرق الجيش اللبناني، في قرى مثل اليمونة، (في محافظة بعلبك – الهرمل) وقرى لبنانية أخرى قريبة من مزارع شبعا، وهي المصدر الرئيس للمخدرات في لبنان.
ويقدّر العضو السابق حجم المخدرات التي شحنها الحزب من لبنان حتى عام 2016 بأكثر من 5 مليارات دولار سنوياً، ولا يشمل ذلك على حد قوله، تعاون الحزب مع منشآت إيرانية لتصنيع المخدرات في بعض مزارع دول أميركا اللاتينية.
وبخصوص المزارع التي تصدّر الخضار والتي يستخدمها الحزب في تجارته المزعومة، يكشف العضو السابق أنها ليست مملوكة لحزب الله، لكن كل من يفكر بأن لا يتعاون معه سيواجه مشاكل جمّة، فإما أن تُحرق محاصيله الزراعية أو يتم تهديده أو حتى قتله بعلم الدولة اللبنانية التي لا تستطيع أن تحرك ساكناً.
وتابع شارحاً: “أكثر من عشرة آلاف شخص، كلهم لبنانيون، يعملون برواتب لا تتجاوز 100 دولار شهرياً لتعبئة المخدرات، وأحياناً الأسلحة”.
وعن انخراط الحزب في تجارة السلاح، زعّم العضو السابق أن الأسلحة مستوردة من إيران أو سوريا أو ربما العراق، كما يتم إرسالها عبر شحنات الخضار والفواكه وبعض المنتجات الأخرى التي يصدرها لبنان، مثل الأجهزة الكهربائية. موضحاً أن الأسلحة لا تشكل سوى جزء صغير من هذه الصادرات، نظراً لصعوبة تصديرها، وبأن الدول التي يتم تصدير الأسلحة إليها في الخليج هي السعودية والكويت والبحرين.
وتابع بالقول “يمتلك حزب الله أكثر من خمسة معسكرات لتدريب مقاتلين من جماعة “أنصار الله الحوثي”، وكذلك مقاتلين من الجماعات المعارضة البحرينية والكويتية، الذين يخضعون لدورات تدريبية تتراوح بين أسبوعين وستة أشهر. أما بالنسبة إلى الأسلحة التي يتم تصديرها، فهي عبارة عن رشاشات ومسدسات، إضافةً إلى الصواعق، ومواد متفجرة وخصوصاً مادتيّ “تي أن تي TNT ” و”سي فور C-4″. أما باقي المواد التي تصنع منها القنابل فهي متوفرة في السوق المحلي”.
ويلفت العضو السابق بأن الأجهزة الأمنية اللبنانية على دراية بكل هذه النشاطات،
لكنها عاجزة عن التحرك مع انهيار الدولة اللبنانية. فكل شيءٍ ابتداءً من الجيش إلى وزارة الداخلية
ودائرة الجمارك والموانئ والمطارات أصبح تحت سيطرة حزب الله. وبرأيه،
ما حدث في مرفأ بيروت في شهر آب المنصرم كان خيرُ دليل ونموذجاً صغيراً لمّا يمتلكه الحزب من مواد متفجرة.
وتعليقاً على ما كشفه العضو السابق في حزب الله، أكد بدر عبد العزيز،
الخبير السياسي والأمني البحريني، في حوارٍ مع الشبكة الأميركية،
أن البحرين صادرت مرات عدة شحنات برية لبضائع لبنانية تحتوي على أسلحة أو مخدرات.
وأردف بالقول “هناك العشرات من المقاتلين البحرينيين الذين أعلنت البحرين سابقاً أن حزب الله دربهم في معسكرات
في قرى قريبة من مزارع شبعا أو في الضاحية الجنوبية لبيروت، لكن الدولة اللبنانية لم ترد على البحرين أو حتى دول الخليج في هذا الأمر”.
وحول قرار المملكة العربية السعودية بفرض حظر على دخول الفواكه والخضراوات اللبنانية، قال عبد العزيز:
“كان ينبغي اتخاذ القرار السعودي منذ فترة طويلة، وما أعلنت عنه السعودية بكشفها على حوالى 200 مليون قرص
مخدر ما هو إلا جزء صغير مما حاول حزب الله تهريبه”.
ثم أضاف مستطرداً “نعلم جميعاً أن الدولة اللبنانية ضعيفة، وأن حزب الله يسيطر على جميع المؤسسات المهمة فيها،
لكن دول الخليج لا يمكنها السماح للبنان بأن يكون مصدراً للمخدرات أو السلاح أو ساحة تدريب للخارجين على القانون
لزعزعة الأمن والاستقرار في الخليج.
في السابق، تم ضبط خمس أو ست شحنات آتية من لبنان، وهذه الشحنة الأخيرة التي استولت عليها السعودية ربما تكون الأكبر.
نحن في دول الخليج لم نتضرر من حظر الاستيراد من لبنان،
إذ لدينا مصادر أخرى لتعويض النقص البسيط في الخضار والفواكه ومنتجات لبنانية أخرى،
لذا يمكن القول أن الخاسر الوحيد هو الشعب اللبناني”.
وخّتم عبد العزيز بالقول أن تحقيقات البحرين أثبتت أن حزب الله كان يخطط لمحاولة تهريب أسلحة إلى البحرين،
تم ضبطها في حافلة آتية من العراق تقل زواراً شيعة بحرينيين، ورغم أن الشحنة كانت أتت من العراق،
تبيّن بعد التمحيص أن الحزب كان مسؤولاً عن تهريبها.
توازياً، نقل اللواء المتقاعد والخبير الأمني والاستراتيجي السعودي، محمد القبيبان،
موقف السعودية من الأزمة الأخيرة مع لبنان،
إذ قال للشبكة الأميركية “على مدى السنوات الست الماضية، صادرت المملكة العربية السعودية
أكثر من 600 مليون حبة مخدرات تصل عبر شحنات من لبنان.
ولا بد من القول أن قرار السلطات السعودية هو رسالة للبنان بأن الدولة وليس الأحزاب والميليشيات
في البلاد هي الجهة المسؤولة. وقد أبلغت السعودية السلطات اللبنانية مرات عدة بتهريب أسلحة ومخدرات من بيروت،
لكن لم يكن هناك أي تجاوب”.
وذّكر القبيبان بأن السلطات اللبنانية مسؤولة عن تفتيش جميع الحاويات قبل مغادرتها لبنان.
منوهاً بأن خمسة وسبعون في المئة من الشحنات التي يرسلها لبنان إلى الخليج تحتوي على مخدرات أو أسلحة ومواد أخرى ممنوعة.