المصدر: ليبانون ديبايت
إنسداد سياسي – حكومي تخرقه جولات مفاوضات متنقلة بين الداخل والخارج “ما بِطَعمي خبز”، تختصر واقع حال اللبنانيين العالقين بين مطرقة طبقة حاكمة مستفزّة وسندان أزمات متوالدة مستعصية، ومستقبل ما عاد أحد بحاجة إلى تنبؤات “الحايك وعبد اللطيف” لاكتشاف ما خفي من أحداثه، وانتظار لمزيد من تقطيع الوقت الضائع، حيناً بزيارات خارجية، صالحة للصرف في التجاذبات الداخلية، وأحياناً بفتح ملفات من باب الإنجازات.
ودون الغوص في مضمون المباحثات المغلقة، التي لا ندّعي خرق سرّيتها، متخطّين شكليات الإستقبال ومستوى حفاوته، مدة الإجتماع، “مع غدا أو بلا”، إستناداً إلى المؤتمر الصحافي الذي عقده “جبرانوف” وحيداً مع غياب نظيره السابق “لافروف” ، وتسمح طلّته الإعلامية عبر “روسيا اليوم” من استنتاج بعض ما خفي خلف الأبواب، وأبرزه:
-“المهم ماذا ستفعل الحكومة”، مستطرداً ،”أرضى بما يرضى به الآخرون لجهة آلية التسميات”. فهل يعني ذلك أن قطبة الحكومة المخفية هي أساساً في برنامجها السياسي الذي لا يمكن لأي اختصاصيين أن يتعاملوا معه، من ملف الترسيم والتطبيع، إلى اللاجئين والنازحين، وما بينهما من برنامج مبني على فلسفة اقتصادية جديدة؟ أما في النقطة الثانية، فواضح في تفسيرها أن حلّ التشكيل يكمن عند “حزب الله”، بدايةً في المداورة، وثانياً في التسمية. فلتطبّق الحارة على نفسها ما يُطبّق على الغير.
-“يجب إصلاح النظام السياسي، لكن الأولوية إقتصادية ومالية”. هنا تبدو أجندة باسيل مختلفة عن كل العالم، إذ أن المسؤولين الدوليين يربطون المساعدات بإصلاحات سياسية واقتصادية. إذاً هل الأمر رسالة إلى الداخل؟ أم هو “قَوطبة” وتأجيل لأي تغييرات دستورية حالياً؟
-“يجب تسوية العلاقات مع الدولة العربية”؟ فما الذي تغيّر اليوم؟ وهل يملك باسيل القدرة على إقناع حليفه، وقبل ذلك قيادات تياره، “بالفكّ عن رب الخليج”؟ أم هي رسالة الرمّان قد فعلت فعلها؟ أم استباق لنتائج محادثات بغداد وفيينا؟
-عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وحديثه عن الإنتخابات الرئاسية السورية. صحيح أنه موقف سبق أن أطلقه مرات، ولكن التساؤل مشروع، هل فعلت رسائل نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، بوجهيها، فعلها؟
-المسؤولية في انفجار مرفأ بيروت ليست فقط إهمال، وهو أمر صحيح مئة في المئة، وترجمته العملية تعني أن ثمة عامل آخر، قد يكون تدخلاً خارجياً. وهنا أمر لافت، لماذا لم تطلب أي جهة لبنانية معلومات استخباراتية من روسيا أو صور لأقمارها الإصطناعية، خصوصاً أنها ناشطة في هذه المنطقة، مع انتشار قواتها في سوريا.
-إغرائه روسيا “الجارة” للتدخل الإقتصادي باعتبارها “الحضن الإقتصادي المشرقي”. لا يخفى على أحد أن ما قيل على هذا الصعيد،
لا يعدو كونه كلاماً لا يُصرف في الواقع. فروسيا دولة تعجز عن أن تقدّم مساعدات إقتصادية، وتاريخها يؤكد ذلك.
ولكن هل يفتح ذلك ثغرة أمام موسكو للردّ على دخول بكين بوابتها الجنوبية في إيران،
فيكون المقابل تعزيز دور” الدب الأبيض” في لبنان الإيراني”؟
-“رئاسة الجمهورية آخر همّي، وكل ما يُنسج حول ذلك هو روايات وأفلام هدفها الإغتيال السياسي.
فالرئاسة وحدها غير كافية”. فهل يعني ذلك أنه يريد الرئاسة وحبّة مِسك فوقها؟ أم هو أول إعلان عن رغبته بعدم الوصول إلى بعبدا؟ وهل أوحى بتغريدته عن العقوبات والقوة، بأنها المؤشّر ليُبنى على الشيء مقتضاه؟
قد نحتاج إلى وقت لندرك أياً من الخيارات هو المتاح.
كلام روسيا لم يوازيه خطورة، حتى تاريخه، إلاّ ما قاله في أيلول 2019 جبران نفسه من نيويورك،
وانتهى إلى حرب إسقاط الدولة وقلب الطاولة على “العمّ والصهر” “بال”هيلا هيلا هو”.
فمن موسكو خاطب واشنطن والرياض، فسمعت الجارة السورية والكنّة الإيرانية.
أفهَمَ إسرائيل أن مزارع شبعا واحدة تكفينا، فانفرجت أسارير الوزير لافروف، فيما كشّ أهل الممانعة و”المقاومة”
في بيروت دون “التكشير” عن نيابهم حتى الساعة، رغم أن غداً لناظره قريب،
وما مقدّمات أخبارهم إلاّ عيّنة عما تختزنه عبقريتهم الجهنمية.
وبعيداً عمّا سبق من استنتاج وتحليل، كانت “المافيا الروسية” بفرعها البيروتي، كاسرةً الحصار عن “البرتقالي”، تسرّب،
أن المحادثات كانت أكثر من ممتازة، وأنها استغرقت نحو ساعتين بين اللقاء والغداء الذي فتح “النفس عالأكل فيه”،
بقّت موسكو “ما في بطنها” من أنها أبلغت إلى باريس والرياض أن العقوبات لا تؤدي إلى نتيجة، واعترافها”
بوجود ضغوطات كانت تمنع عملية التشكيل، أمّا اليوم فهناك حلحلة”. فعن أي ضغوط وأي حل يتحدث سكان ال “لالا لاند”؟
في كل الأحوال، أمر لم يثنِ فرنسا، عن إعادة ترتيب الأولويات من طرف واحد، مع إعلان وزير خارجية” الأم الحنون”،
بدء تنفيذ إجراءات لتقييد دخول الأشباح المعرقلة للعملية السياسية، أو المتورطين في فساد في لبنان إلى أراضيها”،
عشية زيارته إلى “عاصمة التبّولة والكبّة النيّة لشرب كاس عرق، والإحتفال بإنجاز دولته الخارق”.
بالتأكيد بيّ الشيخ سعد أقوى من عمّ صهر العهد، بدليل أن القيصر بوتين لم يحدّثه هاتفياً. ف”العين بصيرة واليد قصيرة،
ويا ريت فينا نساعد والله”. يقول المثل الروسي “ريشة بعد ريشة نُتفت الأوزة، هكذا يظن أصحاب البريسترويكا،
أنهم قادرون على حل الأزمة اللبنانية. ومن منطلق المقولات الشعبية الروسية نفسها،
ومن وحي كأس الفودكا يقول الشاطر حسن، “يدوم السندان أكثر من المطرقة”، وعليه فكلكم ذاهبون ولبنان واللبنانيون باقون….