المصدر: 24 – بلومبيرغ
“الرجاء إنجاب المزيد من الأطفال”.. هذه هي رسالة الصين للأزواج بعد عقود من وضع حدٍّ لمعظم العائلات بطفل واحد فقط. لماذا التحول المفاجئ؟ الصين تتقدَّم في السن، لأنَّ عدد السكان في سن العمل في الصين آخذ في التراجع. وتشير التوقُّعات إلى أنَّ ربع عدد السكان سيبلغ 60 عاماً أو أكثر بحلول عام 2030.
يهدد ذلك الوضع الازدهار الاقتصادي الذى جرى بناؤه على أساس توفير أعداد هائلة من العمالة، كما أنَّه قد لا يكون هناك عدد كافٍ من الأشخاص القادرين على العمل لرعاية كلِّ هؤلاء كبار السن. مما استدعى مشاعر القلق لدى صانعي السياسات على نحو متزايد من أنَّ هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة مجتمع يتقدَّم في العمر بطريقة سريعة.
1. ما الذي جرى إنجازه؟
ألغى البرلمان الصيني سياسات تنظيم الأسرة من خلال القانون المدني الجديد الذي دخل حيز التنفيذ هذا العام، مما يترك مجالاً للحكومة لإلغاء قيود المواليد تماماً. لم يحدث هذا بعد.
مع تغيير الصين لسياستها الخاصة بالطفل الواحد في عام 2016، وذلك عبر السماح للمرأة بالإنجاب بمعدل يصل إلى طفلين، نجح تغيير السياسة في البداية، وبلغ عدد الأطفال حديثي الولادة في عام 2016 حوالي 17.9 مليون، بزيادة تجاوزت المليون عن العام السابق.
ومع ذلك، انخفض عدد المواليد كل عام بعد ذلك، إلى 12 مليون في عام 2020، وهو أدنى مستوى منذ عام 1961. وانخفض متوسط عدد المواليد لكلِّ امرأة إلى 1.3 مولود في عام 2020، وهو أقل بكثير من 2.1 المطلوب لمعدل سكان مستقر، باستثناء الهجرة.
2. هل عدد السكان مايزال ينمو؟
نعم في الوقت الحالي، لكنَّه سيبلغ ذروته قريباً. وتتوقَّع الحكومة أن يبلغ عدد السكان ذروته عند 1.45 مليار بحلول عام 2030، في حين قال مركز أبحاث تابع للحكومة، إنَّه قد يصل إلى ذلك في عام 2027.
وقالت وسائل الإعلام الحكومية، مؤخراً، إنَّ ذلك قد يحدث في أقرب وقت خلال العام المقبل.
وقد تراجعت نسبة السكان في سنِّ العمل – الذين تتراوح أعمارهم بين 15، و59 عاماً – إلى 63.4% في عام 2020 من أكثر من 70% قبل عقد من الزمن.
وبلغ متوسط معدل النمو السكاني السنوي في الصين 0.53% بين عامي 2010 و2020، وهو الأبطأ منذ عام 1953.
3. من أين أتت سياسة الطفل الواحد؟
بعد إنشاء جمهورية الصين الشعبية عام 1949، ونهاية الحرب الأهلية، درَّبت الحكومة عشرات الآلاف من “الأطباء حفاة القدمين”
(عمل الأطباء في المناطق الريفية والفقيرة وكانوا يعالجون الناس حتى في حقول الأرز،
فاضطروا للتنقل فيها حفاة القدمين مثل المزراعين) لتقديم الرعاية الصحية للمناطق الفقيرة والريفية.
وانخفض معدل الوفيات، مما أدى لارتفع معدل النمو السكاني من 16 في الألف في عام 1949 إلى 25 في الألف بعد خمس سنوات فقط.
وقد أدى ذلك إلى أولى المحاولات لتشجيع تنظيم الأسرة في عام 1953. ومع ذلك،
توسَّع إجمالي عدد السكان إلى أكثر من 800 مليون في أواخر الستينيات.
وبحلول السبعينيات، كانت الصين تواجه نقصاً في الغذاء والمساكن. وفي عام 1979، قرر زعيمها،
“دنغ شياو بينغ“، تقييد معظم الأزواج بإنجاب طفل واحد فقط. (كانت هناك استثناءات للمزارعين الريفيين،
والأقليات العرقية، وبعض المواقف، كما في حالة لو كان الطفل الأول معاقاً).
4. كيف جرى تطبيقه؟
بحسب “هيومن رايتس ووتش“، أجبرت الصين النساء على الإجهاض. ولم يُسمح للأطفال المولودين خارج خطة الولاية
بالحصول على “hukou” (تعني تسجيل الفرد في النظام)، ويجب على الأفراد التسجيل الحكومي للحصول على بعض المزايا.
نتج عن تطبيق سياسة الطفل الواحد لسنوات مجموعة من الآثار الاجتماعية، فقد أدى التفضيل وفقاً للتقاليد بين الآباء الصينيين
للأبناء الذكور إلى قيام العديد من الآباء بإجهاض الأجنة الإناث، ووصلت نسبة الذكور إلى الإناث إلى 120، وإلى 100
في بعض المقاطعات. واستقرت نسبة المواليد بين الجنسين عند حوالي 105 في السنوات الأخيرة،
ولكن في بعض المناطق مثل “قوانغدونغ”، و”جزيرة هاينان” الإستوائية، ظلَّت النسبة مرتفعة فوق 110.
5. ما الحل؟
قد يكون من الصعب إقناع الأزواج الصينيين بإنجاب المزيد من الأطفال.
يعني الوقت والمخاوف المالية أنَّ الكثيرين يشعرون أنَّهم لا يستطيعون سوى إنجاب طفل واحد، هذا إن وجد.
أما بالنسبة للنساء العاملات، فإنَّ العديد من النساء “يرون أنَّ الولادات المتعددة،
والحياة المهنية الناجحة غير متوافقة في الأساس”، وفقاً لدراسة أجراها “يون زو” في جامعة “براون”،
كما وجدت لجنة أنشأها الكونجرس الأمريكي أنَّهم يواجهون “تمييزاً شديداً” من أرباب العمل، خاصة فيما يتعلَّق بمزايا الحمل والأمومة.
في حين أنَّ إلغاء الحد الأقصى تماماً للسماح بأكثر من طفلين؛ يمكن أن يؤدي إلى تحسينات أسرع للخصوبة،
فقد يحتاج المسؤولون إلى بناء خدمات طبية، ومدارس، وإعفاءات ضريبية جديدة للعائلات أولاً.
ومن غير المرجح أن تكون الهجرة حلاً، إذ تفرض الصين قيوداً صارمة على العمال الأجانب.
من جانبها، لا تنتظر الشركات زيدات المواليد، فقد دفع نقص العمالة المصنِّعين في دلتا نهر اللؤلؤ
(تقع في مقاطعة قوانغدونغ جنوب الصين)، التي تعدُّ قوة التصدير الصينية عبر الحدود من هونغ كونغ، إلى الاستثمار في الأتمتة والروبوتات.