المصدر: ام تي في
كتب محمد تلحوق:
لا يجب ان تسأل لماذا يرتفع سعر الدولار وانت العالم والمحرك الرئيسي في هذا الاطار. لا يجب ان تستغرب وانت من اوكل السياسيين، من خلال انتخابهم، على مدى اكثر من ثلاثين عاما لاتخاذ قرار في السياسية المالية والنقدية للبلد والتصرف بأموال المودعين على تعزيز النظام الزبائني القائم. لا شك أن الوضع الحالي من شلل سياسي، وإداري، وانتاجي، وفشل في إدارة مؤسسات الدولة من الكهرباء، والتهرب الضريبي، ونظام المناقصات والمشتريات في القطاع العام ومالية الدولة له تأثير على سعر صرف الليرة والسياسة النقدية.
ولكن الحس الوطني والمسؤولية الإجتماعية والإقتصادية وادبيات المواطن اللبناني لها التأثير الأكبر. إن قمة المسؤولية والتغيير تبدأ بمحاسبة الذات وفي هذا الإطار لنستعرض سوياً بعض الممارسات اليومية للمواطن اللبناني: أولا القيام بتوزيع الحسابات على المصارف من خلال ايداعات صغيرة وسحب الليرة اللبنانية من هذه الحسابات والقيام بشراء الدولار من السوق الموازية، ثانيا شراء شيكات الدولار نقدا بالليرة اللبنانية على سعر اقل من ٣،٩٠٠ ل.ل. وإيداعها في الحسابات المصرفية وسحبها بالليرة للاستفادة من فرق السعر، ثالثا ادخار الدولار الأميركي من هذه العمليات في المنازل وعدم التدوال به في السوق، رابعا القيام بصرف الحوالات الخارجية على دفعات بغية الاستفادة من تصاعد الدولار، خامسا التداول بالنقد وعدم استعمال الأدوات المالية الأخرى مثل الشيكات والبطاقات والحولات الداخلية، والفذلكات الأخرى التي تساهم جميعها في ارتفاع الدولار مقابل الليرة.
لا شك أن هذه الحقيقة سوف تدفع البعض للقوال إننا نقوم بذلك للتحوط وتأمين معيشتنا في هذه الظروف الصعبة وأن لا ثقة لنا بالدولة والمصارف ويجب أن نفعل ما باستطاعتنا للحفاظ على مدخرتنا. ولكن هل سألنا أنفسنا من قام بتكريس هذه الدولة والطبقة السياسية؟ هل سألنا أنفسنا كيف كنا نقوم بشراء المحروقات بأسعار ارخص من الدول المصدرة للنفط؟ هل سألنا أنفسنا كيف نقوم باستهلاك الكهرباء وكيف نستطيع أن نقود السيارات الفارهة وكيف أن كل اسرة لديها عاملة اجنبية؟ وكيف نسافر في السنة مرتين كحد أدنى؟ لقد عشنا فوق طاقتنا وفوق طاقة اقتصادنا والجهة الموكلة لفت النظر ووضع حدا لهذا البزخ، وهي الدولة والطبقة الحاكمة، لم تفعل شيئاً لأنها كانت وما زالت تستفيد من الوكالة الحصرية التي اعطيناها إياها. نعم يجب أن نحاسب أنفسنا أولاً، ويحب أن نضبط سلوكياتنا لنستطيع وضع حد للتدهور الحاصل ونبدأ في بناء وطن لنا ولأولادنا بعيداً عن الاستزلام والفساد والطائفية والعبثية.
إن الحقيقة مؤلمة ولكن لا نستطيع التقدم أن لم نعترف بأخطائنا وجهلنا وانعدام بصيرتنا فكل ما نحن عليه هو ممّا جنت أيدينا ومن خياراتينا السياسية والاقتصادية الفاشلة. لم يفت الأوان ومشكلتنا الاقتصادية بحاجة إلى وعي جماعي والى حوكمة وشفافية وخطة وطنية في التنفيذ، لا نستطيع من جديد تفويض سلطة أثبتت فشلها على مر ثلاثين عاماً وأكثر، لإخراجنا من هذا المستنقع، فخيارتنا وسلوكنا ووطنيتنا والترفع عن الأنانية والشخصانية هي سبيلنا الوحيد. وكما يقول الحديث الشريف “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” (ص).