المصدر: ليبانون ديبايت
لا زالت “اللعبة” السياسية في الداخل، تُدار على التوقيت الخارجي، وتحديداً على إيقاع المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران. والجميع بات مُقتنعاً بأن لا حلول على صعيد تأليف الحكومة إلا بعد خروج دخان المُفاوضات الأبيض في سماء المنطقة. من هنا، فإن ما يُحكى عن حلول ومُبادرات وتدخّلات متعدّدة الأوجه، ليست سوى محاولات تخدير للمواطن لتقطيع الوقت بانتظار وصول كلمة السرّ.
بخلاف ما يُشاع عن أجواء سياسية داخلية بدأت تُلامس حد الإقتراب من إنتهاء أزمة تأليف الحكومة، وذلك في ظل الرسائل “المُشفّرة” بين دوائر قصر “بعبدا” و”بيت الوسط”، والتي تُرجمت في الساعات الأخيرة على أنها مُحاولات مُتبادلة للوصول إلى نُقطة التقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المُكلّف سعد الحريري، فإن واقع الحال يدلّ على أن التأليف ما زال بعيد المنال وهذا ما أكدته اللقاءات “الثنائية” غير المُعلنة، التي كانت حصلت بين قيادتي “حزب الله” و”التيّار الوطني الحر” خلال فترة ما قبل الأعياد، والتي أفضت إلى أن لا حكومة إلا في حالتين: إمّا بقرار خارجي، أو خضوع الحريري لكافة مطالب تحالف السلطة.
في ظلّ هذا التأرجح على حبال التأليف العالقة بين رغبة الداخل وموانع الخارج، تخرج تسريبات عن زعيم حزب لبناني تكشف خبايا سياسية تُقلق مرجعاً سياسياً معنيّاً بشكل أساسي بعملية تأليف الحكومة. وتشير تسريبات الزعيم الحزبي إلى امتعاضه من “لُعبة” تُحاك من وراء ظهره لإبطال مفعول مهمّة الرئيس المُكلّف الحكومية، والمجيء ببديل “سُنّي” يرتضي لنفسه بأن يكون شاهد زور على حكومة ظاهرها “عونيّ” وباطنها “مُمانع”.
وبحسب ما نُقل أيضاً عن المرجع السياسي، ثمّة إمعان مُستمر من الجهة المُعطّلة لعملية التأليف بضرب المبادرات والتسويات التي يتقدّم بها الداخل والخارج، مما يدلّ على أن النوايا التي يتحدثون عنها من أجل تشكيل الحكومة، لا وجود لها من الأساس، وأن ما يُحاولون فعله، هو تقطيع الوقت بانتظار حصولهم على ورقة تفويض إقليمية، تُتيح لهم التحكّم بمسار البلد ومصيره، وبالتالي، فإن الجهة نفسها تنتظر مصير المفاوضات الأميركية والإيرانية والسعودية، لفرض واقع حكومي جديد، يكون “مُعلّب” بالخارج و”ممهور” بصناعة وطنية.
مقابل مسعى أهل السلطة لفكّ تكليف الحريري، سواء من خلال الضغوطات السياسية التي تُمارس ضده،
وآخرها محاولة وزير الخارجية شربل وهبي تعكير علاقة لبنان بدول الخليج على الرغم من تبرّؤ رئاسة الجمهورية منه،
أو من خلال هزّ علاقاته الخارجية تحديداً مع الفرنسي والروسي، تؤكد مصادر مُقربة من “بيت الوسط”،
أن “ما يتعرّض له الحريري في السياسة أو الشخصي، لن يُثنيه عن متابعة مهمته في سبيل إنقاذ الوضع الإقتصادي.
وتُشدّد المصادر عينها، على أن “اعتذار الحريري هو أمر شخصي يعنيه وحده، وهو صاحب القرار الأوحد فيه، لذلك،
فإن كل هذه الضغوطات لا تجد لها مكان في المجهود الذي يبذله الحريري،
وإصراره على متابعة مهمته في حكومة اختصاصيين إلى حين أن يُقرّر هو ما يجب فعله،
في حال استمرار محاولات التعطيل الداخلية، خصوصاً وأن الحريري لديه قناعة بأن الوقت الحالي
هو للعمل من أجل إنقاذ الوضع قبل فوات الأوان، وليس للمناكفات وتصفية الحسابات”.
وحول ما يُحكى في الكواليس السياسية عن وجود محاولات داخلية لإقصاء الحريري واختيار بديل “سُنّي” لمهمة التأليف،
تؤكد المصادر أن هذه “الحرتقات” لا تخرج سوى من فريق مُحدّد يعجز عن فرض إرادته وخياراته
على بقيّة اللبنانيين الرافضين بغالبيتهم لمحاولات من هذا النوع.
أمّا بالنسبة إلى محاولات هذا البعض لزجّ الخارج في تسيير أمورنا الداخلية واختراع بعض المواقف التي لا وجود لها سوى
في عقولهم وطريقة ممارساتهم، فإن دور الخارج يقتصر على طرح الحلول ومحاولات تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء،
أمّا اختيار الأسماء، فهذا له علاقة بطبيعة الأحجام السياسية والدور الذي يلعبه كل فريق سياسي.”