المصدر: ch23
لم تكن جلسة مجلس النواب التي عقدت اليوم على مدار ساعتين بعيدة عن التراشق الكلامي بين الرئيس المكلف سعد الحريري والنائب جبران باسيل.
وفعلياً، فإنّ الجلسة التي جاءت اليوم لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون بشأن تشكيل الحكومة، لم تخلُ من الحدّة بين الحريري وباسيل، إذ تبادلا الاتهامات بتعطيل تشكيل الحكومة، في حين أن الرئيس نبيه بري كان أكد في بداية الجلسة على “الوحدة” وكرّر ذلك لـ3 مرات.
وخلال الجلسة التي بدأت عند الساعة 2 ظهراً وانتهت قرابة الساعة الرابعة، كان للحريري موقف ناري من رئيس الجمهورية “الذي يمتلك تجربة كبيرة، لا بل باعاً طويلاً في التعطيل، من تعطيل تشكيل حكومات متتالية، لاشهر طويلة”.
أما باسيل فحاول تبرير هدف رسالة رئيس الجمهورية، وقال إن “الأولية من كلمته حث الرئيس المكلف على التشكيل وليس إلى سحب التكليف منه”، معتبراً أنّ “رئيس الجمهورية وحده لا يستطيع حل الأزمة”.
توصية المجلس
وفي ختام الجلسة، تلا رئيس مجلس النواب نبيه بري توصية المجلس بشأن رسالة عون، وقد أكدت على “ضرورة المضي قدماً من قبل الرئيس المكلف للوصول سريعاً إلى تشكيل حكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية”.
وجاء في نص التوصية: “بعد الاستماع لرسالة عون حول مسار تشكيل الحكومة الجديدة، وبعد النقاش المادة 145 من النظام الداخلي، اتخذ المجلس النيابي الموقف التالي: استناداً للنص الدستوري حول أصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور، ولما لم يرد أي نص دستوري آخر حول مسار هذا التكليف واتخاذ موقف منه، وبما أن رئيس الجمهورية قام باستشارات ملزمة وقف ما ورد، وبعد اطلاع رئيس مجلس النواب عليها، أتت تنيجتها تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة”.
وأضاف بري: “وباعتبار أي موقف يطال التكليف وحدوده يتطلب تعديلاً دستورياً ولسنا الآن في صدده الآن، ولأن مقدمة رسالة رئيس الجمهورية تشير بوضوح إلى فصل السلطات وتعاونها وحتى لا تطغى سلطة على أخرى، ولحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية، وحرصاً على الاستقرار في مرحلة معقدة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً تستوجب إعطاء أولوية لعمل المؤسسات، يؤكد المجلس النيابي على ضرورة المضي قدماً من قبل الرئيس المكلف للوصول سريعاً إلى تشكيل حكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية”.
وكانت غالبية كلمات النواب قد شددت على ضرورة الوصول إلى حكومة تنفذ اصلاحات وتنتشل البلد من الانهيار، في حين دعا البعض الآخر إلى اجراء انتخابات نيابية مبكرة، كما كان هناك إجماع على عدم وجود فرصة حالياً لمناقشة تعديلات دستورية باعتبار أن الوقت الآني ليس لهذا الأمر.
الحريري: عون يمتلك باعاً طويلا في التعطيل
وفي كلمته، اعتبر الرئيس المكلف سعد الحريري أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون يمتلك “باعاً طويلاً في التعطيل”، مؤكداً أنه “لن يشكل الحكومة كما يريدها فريق عون، ولا كما يريدها اي فريق سياسي بعينه”.
وقال: “في الشكل، نحن أمام رئيس للجمهورية يمارس حقاً دستورياً في توجيه رسالة للمجلس النيابي، يطلب منه مناقشتها واتخاذ ما يراه مناسبا بشأنها. لكن في الحقيقة، نحن امام رئيس للجمهورية يقول للنواب: سميتم رئيسا للحكومة، انا لا اريده، ولن اسمح له بتشكيل حكومة، تفضلوا وخلصوني منه”.
وأردف: “لقد قلت منذ اليوم الاول، لقبولي لهذه المهمة الوطنية النبيلة والخطيرة في آن معا، وللتحديات الهائلة الماثلة امامنا، بأنني لن اشكل إلا حكومة اختصاصيين غير حزبيين، والتي باتت تشكل شرطا مسبقا لأي دعم خارجي، والمفصلة في خارطة الطريق التي باتت معروفة باسم المبادرة الفرنسية”.
وتابع: “نحن أمام رسالة يوجهها فخامة الرئيس للمجلس النيابي، وفي ذلك بارقة امل بأن فخامته يعترف بالمجلس النيابي، لندعوه الى الاعتراف بأن المجلس النيابي انتخب رئيسا للجمهورية، وأن المجلس النيابي ايضا، سمى رئيساً للحكومة”.
وقال: “ما على فخامة الرئيس اذن إلا الافراج عن التشكيلة، لتذهب الحكومة إلى المجلس النيابي، فإذا فشلت في نيل الثقة، يكون قد تحقق له ما يريد، وتخلص من رئيس الحكومة، واعطى المجلس النيابي الفرصة الوحيدة التي يتيحها الدستور لإلغاء مفاعيل تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة. نحن باختصار امام رئيس للجمهورية يصرّ على مخالفة الدستور بأن يحصر بشخصه منح الثقة للحكومة، بينما ينص الدستورعلى ان مجلسكم الكريم، علاوة على انه دون سواه من يختار الرئيس المكلف، هو الذي يمنح الثقة او يمنعها. وانا منذ البداية كنت راضياً بحكمكم، منحا او منعا، ولهذا آثرت الصبر حتى لا اكون شريكا في استباحة سلطاتكم الدستورية مثلما تستباح السلطات الأخرى”.
وختم: “دعوتي الصادقة إلى فخامة رئيس الجمهورية، وفريقه السياسي، ان يكفوا في هذه السنة الاخيرة المتبقية من عهده عن محاربة طواحين الهواء، والخروج من الازقة الضيقة، التي علقوا فيها طوال خمسة اعوام، فأوصلتنا وأوصلتهم إلى هنا”.
باسيل: نحضّ الحريري على تشكيل حكومة وليس لسحب التكليف منه
وكان النائب جبران باسيل قال في كلمة له خلال جلسة مجلس النواب أنّ “البلد مكسر ولا أعتقد انه يمكن لأحد أن يبدي مصلحته على تشكيل حكومة والأولوية اليوم تشكيل حكومة لتنفيذ إصلاحات”.
وأضاف: “كلمتي هدفها تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري وأيّ تفسير آخر لكلامي هو خارج سياقه وإفتراء”.
ولفت باسيل إلى أنه “بمجرد أن يكون رئيس الجمهورية لديه توقيع على تشكيل الحكومة فهذا يعني أنه يجب أن يكون موافقاً على كل تفصيل فيها”.
وتابع: “الأولية من كلمتي حث الرئيس المكلف على التشكيل وليس إلى سحب التكليف منه، ورئيس الجمهورية وحده لا يستطيع حل الازمة بل مجلس النواب مجتمعاً”.
ومع هذا، فقد رأى باسيل إلى أنه “لا نستطيع أن نضع الأسماء في الحكومة قبل أن نعرف من هو مرجعها وإلى أي طائفة أو أي فريق سياسي تتبع لأن نظام بلدنا هكذا”.
وأشار باسيل إلى أنّ “الوضع كارثي ولا يسمح أن نعتمد أمور غير مألوفة مع النظام مثل أن نقول إن رئيس الحكومة يسمي الوزراء عن الكل أو أن نقول إن رئيس الحكومة يؤلف ورئيس الجمهورية فقط أما يوافق أو لا يوافق”.
وأكد باسيل دعم الحكومة في كل خطوة إصلاحية، وقال: “لدينا مصلحة أن نجعل الحكومة تنجح”، وأضاف: “المطلوب تعديل دستوري يحدد المهل في تشكيل الحكومة لأن الدستور حالياً يعطل نفسه”.