المصدر: ليبانون فايلز
أثبتت مواقف امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله ان رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب حركت الجمود الحكومي القاتل. بعد خطاب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل “الايجابي” رأى “حزب الله” ان كوة فتحت في الملف الحكومي يمكن ان يبنى عليها، لا سيما وان “التيار الوطني الحر” صارح الثنائي الشيعي بأنه وصل الى مرحلة من الانزعاج تدفع به للتفكير جدياً بالاستقالة من مجلس النواب، تمهيداً لإنتخابات مبكرة. خيار سيزيد الاوضاع سوءاً ولكن لا بد منه بعدما سدت منافذ الحل وتقدمت الحاجة الى الإنقلاب على الواقع، من خلال انتخابات نيابية مبكرة. استحقاق كان الافضل لـ”التيار” لو يخوضه بعد سنة من اليوم، لكن هذا لا يلغي القدرة على خوضه قبل موعده وتحقيق النتائج المرجوة. لمس “حزب الله” ان طرحاً كهذا لا يقوم على سبيل المناورة واعتبر ان التلويح بحل المجلس النيابي خطير، فيما الاجواء لا توحي بالقدرة على اجراء انتخابات قبل موعدها، فتم تكثيف الاتصالات والضغط للحلحلة مستفيداً من عاملين اساسيين:
إستحالة سحب التكليف من الحريري، وان الرئيس المكلف لم يعد له من داعم خارجي وداخلي الا الثنائي الشيعي.
ولذا دعا السيد نصرالله الى تفاهم الرئيسين، واذا تعذر فالركون الى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وبعد الجلسة النيابية الاخيرة بوشرت الاتصالات على اكثر من مستوى تمحورت بغالبيتها حول الرئيس عون ورئيس
“التيار الوطني الحر” جبران باسيل، فيما تولى بري التواصل مع الحريري.
لا سيما ان تصعيد الحريري لمواقفه خطوة لم تلقَ استحسان حتى المتمسكين بتكليفه والمدافعين عنه.
ولذا حدد كلام امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله خيارات الحريري وحصرها بإثنين:
إما الذهاب الى بعبدا ويجلس مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وينقذا البلد و”يخلصونا”،
واما أن يأتي الجميع ويقول يا دولة الرئيس نبيه بري تفضل وابذل جهدك حتى ولو اضطررت
ان تخاطر بأمنك الشخصي وتذهب الى الرئيس عون”.
وضمناً يعني هذا الكلام ان على الحريري المسارعة الى حسم خياراته اما بالتفاهم مع عون
او يبادر بري الى تجاوز قطيعته وزيارة بعبدا، للتفاهم مع عون والحريري حول المخارج الممكنة.
تفويض تلقفه بري الذي طلب مهلة 48 ساعة للتفاهم مع الرئيس المكلف ويبني على الشيء مقتضاه.
لا يعتبر “التيار الوطني الحر” نفسه معنياً بالبحث عن مخارج اضافية بعد اعلان مواقفه،
سبق وقدم ما لديه والكرة في ملعب الثنائي لايجاد المخرج الملائم. المقصود الاول بكلام السيد هو الرئيس المكلف
الذي خرج خاسراً من الجلسة النيابية الاخيرة.
باعتراف اصدقائه من النواب فإن الرجل اخفق في تعديل مضمون كلامه والتخفيف من حدته بعد تراجع لهجة باسيل ومرونته،
لا سيما لناحية نفيه الرغبة بدفع الحريري الى الاعتذار او التمسك بالثلث المعطل.
حتى أن احد النواب قال في مجلس خاص انه لو كان مكان الحريري بعد كلمة باسيل لاستعاض عن كلمته
بارتجال موقف ايجابي يؤمن الخروج من المأزق.
مسجلاً بالنقاط تقدماً على خصمه السياسي، برأ رئيس “التيار الوطني” ذمته مستعداً للخطوة التالية
في حال سدت المخارج مجدداً. تلقف بإيجابية كلام امين عام “حزب الله” المقصود منه التوجه الى الرئيس المكلف حكماً.
لم يكن باسيل بعيداً من أجواء كلام السيد نصرالله. بعد الجلسة النيابية الاخيرة حصل تواصل مباشر بينه وبين بري
انهى قطيعة بين الرجلين كانت بدأت بعد استقالة حكومة حسان دياب، ليتوقف التشاور بينهما بالشأن الحكومي.
أبدى بري ارتياحه لمواقف باسيل واستعرض معه مع موفده علي حسن خليل ورقة الاقتراحات التي سبق
وسلمها للبطريرك الراعي، ويقع “حزب الله” في صلب المساعي التي يبذلها مع عون وباسيل.
لا يعتبر رئيس “التيار” نفسه معنياً بتقديم المزيد عما قدمه، فليس هو من صعد لهجته وغادر البلاد بعد الجلسة مباشرة.
ولذا فعين “التيار الوطني” على الايام المقبلة ليبني على اسسها خطواته التالية.
فإما أن يتم تشكيل الحكومة وإما أنه لن يرضى بأن يستمر الوضع على حاله بينما تتوسع الازمة الاقتصادية والمالية
ويتزايد الخوف الامني. خياراته واسعة وآخرها الكي بالاستقالة من مجلس النواب. وعلى عكس الانطباعات فإن رئيس “التيار”
هو في وضعية المستعد لكل الاحتمالات. المرابض في منزله في اللقلوق يستعد لأسوأ الخيارات،
وأمرّها على قلبه وهو انسحاب التكتل النيابي من مجلس النواب وتفاقم الازمة الداخلية.
وقبلها هناك خطوات اخرى منتظرة من رئيس الجمهورية يمكن ان يبنى عليها،
لكنه ينتظر نتائج الحراك الاخير ولو انه يبدو على يقين ان الحريري سيكون مأزوماً في حال شكل حكومة او لم يشكلها،
ولو ان رئيس “التيار الوطني” يتخوف مما سيحمله الآتي من الايام من تفاقم لأزمة تنبأ بحصولها قبل عام،
ويرى ان سبل علاجها لا يمكن ان تكون الا من خلال حلول جذرية وهذا يتطلب وقتاً.
زوار باسيل يلمسون من جهة حماسته للعمل من أجل تشكيل الحكومة وتهيبه لحجم الأزمات،
ومن جهة ثانية حذره من إفراط البعض في التفاؤل خصوصاً اذا كان هؤلاء يبنون تفاؤلهم على عودة سريعة للرئيس الحريري،
ويردد الزوار عبارة تقول “لا تقول فول حتى يصير بالمكيول”.