بقلم حسن سعد – ليبانون فايلز – الحدث
صحيح أن بعض الحظ حالفه في بداياته، وأنه تلقّى الكثير من العون خلال تدرُّجه الحزبي السياسي الوزاري والنيابي. لكن ما لا يجوز إنكاره هو أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ما كان ليترك بصمة، بمعزل عن حُسْن أو سوء أثرها، في كل المناصب والمواقع الرسمية التي شغلها، وما كان ليصل إلى حدود تحقيق طموحه الرئاسي، لو لم يكن يتمتع بقدر كبير من النشاط والحنكة والقلب القوي.
ومما شكَّل ترجمة فعلية لحماسة وحذاقة وجرأة باسيل، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:
– فرض باسيل نفسه نداً سياسياً وميثاقياً “طبيعياً” للرئيس المكلَّف، “طبيعياً” أيضاً، سعد الحريري، وذلك حصل بمساعدة اشترك في تقديمها كل من رئيس الجمهورية وحليف “مار مخايل” بشكل مباشر، وأخصام “التيار” بشكل غير مباشر.
– لعب باسيل دوراً كبيراً ومؤثراً في استدراج الرئيس الحريري إلى التراجع عن غالبية شروطه لتشكيل الحكومة، والتي باتت مقتصرة على رفض “وهمي” لأن يكون الثلث المعطل بيد فريق واحد.
– أوصل باسيل الرئيس الحريري، في حال كانت لديه نيّة التأليف، إلى مرحلة الاقتناع والتسليم بأن امتلاك الفريق الرئاسي، منفرداً أو “بالاتفاق” مع حليفه الثابت، للثلث المعطل بات أمراً لا مفر منه.
– زرع باسيل في درب الحريري عبوتين “ميثاقيّتين”، مستغلاً الخدمة المجانية، التي قدّمها له رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عبر عدم تسمية تكتل “الجمهورية القوية” للحريري. عبوة أولى، مُعدَّة للمناورة وتربيح الجميلة لا للتفجير، كانت “التكليف غير الميثاقي” بحكم امتناع أكبر تكتلين مسيحيين عن التسمية. أما العبوة الثانية، المُعدَّة للتفجير، في حال تمّ فرض تشكيلة حكومية لا تستوفي المعايير الرئاسية، فستكون “الثقة غير الميثاقية” نتيجة حجبها من قِبَل “التيار” حتماً ومن قِبَل “القوات” إذا ما بقيَ على موقفه.
– امتلك باسيل، نتيجة تجاوبه مع مساعي رئيس مجلس النواب نبيه بري للتهدئة، خلال جلسة مناقشة الرسالة الرئاسية، وإن لم يكن ما قاله مقنعاً للكثيرين، إثباتاً بالصوت والصورة، أمام الشعب اللبناني والمجتمعَين العربي والدولي، على رفض الرئيس المكلَّف حل الأزمة وإصراره على عرقلة عمليتي التشكيل والإنقاذ.
– قطف باسيل، جراء شراسة كلمة الحريري في جلسة المناقشة، مناصرة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، عبر عظة الأحد الماضي، للرئيس ميشال عون من خلال مطالبة سيد بكركي الرئيس المكلَّف بتقديم تشكيلة جديدة ومحدَّثة إلى رئيس الجمهورية.
ربح باسيل، بهدوئه ومرونته وتجاوبه، تفهم الثنائي الشيعي، وبالأخص ارتياح وانفتاح الرئيس نبيه بري، بعد طول انزعاج وجفاء.
في الخلاصة، ومن دون مقارنة مع منافسيه على الرئاسة النائمين على حرير، يمكن القول عن باسيل: “شو قلبو قوي” في أدائه، والذي قد يبلغ، مع اقتراب موعد نهاية ولاية العهد، حدّ التجرُّؤ على القول للثنائي الشيعي: “من يتمسّك بالمُعطِّل فهو مُعطِّل مثله”. أيضاً، وفي ظل ما وصلت إليه حال الحريري مع داعميه والمتمسكين به، يمكن اعتبار أن باسيل “مُنَاوِر محترف” أدخل الحريري إلى ملعب واسع وتركه وحيداً هناك، لا كُرَة بين يديه ولا أمام قدميه ليقذفها إلى غيره.
وكما دائماً، العبرة بالخواتيم.