10 آلاف دولار سعر الشقّة في لبنان
المصدر: الأخبار
كتب رضا صوايا في “الاخبار”: “كثر اعتبروا أن تملّك عقار، مهما كان ثمنه منفوخاً، يبقى أهون الشرين، وأفضل من وديعة غير ملموسة، ولا وجود لها إلا في السجلات الدفترية للمصارف.
سُوِّق لفكرة «المنفعة» على كل من المودعين والمطورين العقاريين والمصارف. إلا أن ما حصل، فعلياً، هو أن المطورين استفادوا من الهجمة لسداد القروض المتوجبة عليهم للمصارف، وأن هذه الأخيرة وفّرت على نفسها عبء سداد ودائع بمليارات الدولارات (تراجعت قيمة الودائع بأكثر من 35 مليار دولار). فيما وحدهم المودعون تحملوا خسارة هائلة، عبر شرائهم عقارات بقيمة تفوق قيمتها الفعليّة بكثير.
أستاذ استراتيجيات الاستثمار في الأسواق العقارية في الجامعة اللبنانية الأميركية جهاد الحكيّم يعطي مثالاً لشرح حجم هذه الخسارة. «لنفترض أن أحدهم باع شيكاً مصرفياً قيمته 300 ألف دولار وتقاضى 70% من قيمته نقداً كما كان معمولاً به في شباط 2020، فإنه كان سيجني 210 آلاف دولار. أما في حال اشترى بالشيك عقاراً بالقيمة نفسها وباع هذا العقار اليوم بقيمة 500 ألف دولار مقابل شيك مصرفي بدل 300 ألف دولار سابقاً، فإنه لن يجني من الشيك أكثر من 125 ألف دولار وفق القيمة الفعليّة الجديدة للشيكات (كل شيك يساوي 25% فقط من قيمته)».
يبقى الطلب الداخلي الذي يخضع لعوامل عدة تساهم جميعها في شلله. فمع غياب القروض السكنيّة وتبخر الودائع، أصبح ما تبقى من المدخول أو الراتب هو المعيار الأساسي الذي يحدد سعر الشقق». ويوضح أن «قاعدة الإقراض المتبعة عادةً في معظم دول العالم والتي تؤثر على الطلب على العقارات، تقوم على منح المقترض مبلغاً يفوق راتبه السنوي بمرتين إلى مرتين ونصف مرة. إذا أخذنا السيناريو الأكثر تفاؤلاً واعتبرنا أن معدل الرواتب في لبنان يقدر بحوالى 3.5 ملايين ليرة شهرياً (وهو رقم مبالغ فيه)، وقلّلنا من شأن معدلات البطالة المستشرية والموظفين الذين باتوا يتقاضون نصف راتب وتقلصت قدرتهم الشرائية بحكم التضخم وتدهور سعر صرف الليرة، يكون الراتب الوسطي السنوي للبناني 42 مليون ليرة. إذا ضربنا المبلغ بمرتين ونصف مرة نصل إلى 105 ملايين ليرة، وهو رقم يساوي، حسب الفرضية المتبعة، ثلاثة أرباع سعر الشقة الذي يمكن للمقترض تحمله استناداً إلى راتبه. وإذا أضفنا ربع قيمة الشقة التي يفترض أن تشكل الدفعة الأولى، أي حوالى 26 مليون ليرة، فإن سعر الشقة الذي يمكن للبناني تحمله هو 131 مليون ليرة، أي حوالى 10 آلاف دولار وفق سعر الصرف الحالي. واللافت أن هذه الأسعار مشابهة لأسعار الشقق التي تبلغ مساحتها حوالى 70 متراً مربعاً في المناطق الحيوية من كاراكاس، عاصمة فنزويلا، التي يشبّه كثيرون لبنان بها رغم وجود فوارق عدة بين وضع كلا البلدين حتى اللحظة».