المصدر: لبنان 24
قبل أسابيع، دقّ مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية ناقوس الخطر: “سيكتمل الانهيار في النصف الثاني من هذا العام”.
تحذير لم يلق اهتماما فعليا لا عند أصحاب القرار ولا عند الناشطين ولا حتى في الوسائل الاعلامية، وكأن الجميع يريدون غض النظر عن الواقع المرير والمؤلم الذي نتجه اليه دون محاولة المعالجة او الاعتراف حتى.
ما نعيشه فعلا، هو نوع من “النكران” او “الرفض” وهي مشكلة نفسية عند الشعب والسلطة وكل من يتنفس الهواء على الاراضي اللبنانية من شمالها الى جنوبها، فأين نحن من الانهيار الشامل او الكبير، وهل بدأت معالمه تظهر بشكل واضح وصريح؟
الدولة اللبنانية أعلنت تعثرها
في هذا الاطار يقول الخبير الاقتصادي بلال علامة لـ “لبنان 24″ انه في ” الواقع اللبناني هناك لغط واضح حول مفهوم الانهيار الكبير او الشامل ، فعند الحديث عنه نكون بصدد توقع شيء ما اوكارثة معينة، فبعض الشعب اللبناني ينتظر الانهيار الكبير او الاخير بهدف ان يطيح بالسلطة السياسية بمختلف اشكالها وتكاوينها، والبعض الاخر من اللبنانيين يحذّر من هذا الانهيار خوفا من تبعاته غير المحمودة في مختلف الاتجاهات.
وفي الحقيقية نحن حاليا في صلب الانهيار، ودخلنا هذه المرحلة منذ العام الفائت، لحظة اعلان الحكومة توقفها عن دفع سندات “اليوروبوند”.
ففي المفهوم العام للانهيار، اي دولة تتوقف عن سداد ديونها تصبح مباشرة ووفقا للقوانين غير مؤهلة لاصدار السندات او حتى الاستدانة.
بمعنى اخر، الدولة اللبنانية بطريقة او باخرى اعلنت تعثرها ودخولها مرحلة الانهيار، لكنها لم تقدم على وضع خطة انقاذية ترسم معالم طريق الخروج من هذا النفق الاسود”.
السلطة السياسية قد تبيع موجدات الدولة
أما في ما يخص الانهيار الشامل، فيؤكد علامة اننا “لم نصل اليه أقله حتى اللحظة، ومن الواضح ان السلطة السياسية ستحارب بواسطة أموال الناس حتى تمنع حدوثه وبالتالي منع الاطاحة بها وبكل أركانها.
فالانهيار الكبير ندخل فيه عندما تصبح ادوات الحياة الاستراتجية مفقودة بشكل كلي في المجتمع اللبناني، والمقصود بالادوات الاستراتجية هو الامن الصحي والاجتماعي والغذائي، فاي مجتمع يمسي غير قادر على تأمين مقومات الحياة الاجتماعية والصحية والغذائية، يدخل في مرحلة تفاقم الانهيار وسرديته السلبية وصولا الى مفهومه الشامل.
اذا، ان الانهيار الكبير يظهر عند الفقدان الكلي للسلع الاستراتجية، كالخبز والمحروقات والدواء والمواد الغذائية الاساسية، ما يشير مباشرة الى توقف عجلة الحياة واستحالة استمراريتها.
ما يحدث حاليا من صعوبة كبيرة في تأمين متطلبات الحياة هو مؤشر واضح الى اننا متجهون بوتيرة سريعة نحو توسيع دائرة الانهيار وتحويله الى شامل وكبير”.
ويضيف علامة، “لكن يبدو ان القرار الاستراتيجي للسلطة الساسية، هو الاستمرار في الانفاق واجبار مصرف لبنان على متابعة انفاق امواله حتى اخر دولار موجود لديه،واعتقد انه لا مانع للسلطة من الوصول الى التصرف باصول الدولة وبعض الذهب، لكن باطار محدد ومدروس جدا.
فعلى سبيل المثال، قبل فتح اعتمادات البنزين الاخيرة، تلقى حاكم مصرف لبنان عددا هائلا من اتصالات الضغط من مختلف اركان السلطة،
ووزير المالية غازي وزني ، اصدر 4 قرارات بصرف 62 مليون دولار لشراء (الغاز اويل) و(الفيول اويل) لشركة كهرباء لبنان، على الرغم من ان قانون السلفة الذي أقره مجلس النواب وجمّده مجلس شورى الدولة، ما زال متوقفا.
بمعنى اخر، ان السلطة الحالية تعوّل على تمرير الوقت بانتظار تسوية معينة، تعطيها كمية من الاوكسجين، فتتمكن من الاستمرار.”
البطاقة التمويلية باب واسع للهدر
اما بالنسبة للبطاقة التمويلية، فيؤكد علامة انه “ليس للسلطة السياسية قدرة على تأمين متطلباتها، وبالتالي سيذهبون مباشرة الى استعمال اموال الاحتياط الالزامي، وقيمة هذه البطاقة سنويا ستصل الى مليار و400 مليون دولار، هذا ان سلمنا جدلا، انها لن تدخل نفق الزبائنية والمحسوبيات مما يؤدي الى رفع تكلفتها بشكل مباشر.وفي الحقيقة، لا ادري كيف تراهن السلطة، انها ستدفع( فريش دولار) من خلال هذه البطاقة التمويلية، ففي المفهوم الاقتصادي، تشكل هذه العملية خطرا على المجتمع واسواقه، لان اي تمويل للاستهلاك يعتبر هدرا من المنظار الاقتصادي.
لذلك على السلطة ان تووجه الى تمويل الانتاج ورفع الانتاجية، فبدل اعطاء الناس اموالا للصرف لا بد من البحث عن كيفية رفع مدخول الناس بواسطة الانتاج والاستثمار”.