رضوان مرتضى- الاخبار
التحقيقات في انفجار المرفأ تتقدّم، والقرار الظني سيصدر في غضون أشهر قليلة. هذه الخلاصة تقولها مصادر مطّلعة على التحقيقات، متحدّثة عن أدلّة جديدة توصّل إليها التحقيق. وقد تسلّم المحقق العدلي القاضي طارق البيطار تقرير المحققين الفرنسيين الذين استبعدوا نظرية استهداف مرفأ بيروت بصاروخ أو عبوة ناسفة تسببت بالانفجار. «سقطت» فرضية لتبقى فرضيتان
كان القاضي طارق البيطار يعلم أنّ قبوله بتكليفه محققاً عدلياً في جريمة انفجار مرفأ بيروت هو بمثابة القبول بمهمة انتحارية.
إذ إنّ المحقق العدلي السابق فادي صوّان فجّر قنبلة صوتية ودخانية ليُغطي على انسحابه من ملف تولّاه،
من دون أن يعتمد أي استراتيجية تحقيق منطقية. كبّر الحجر كي لا يصيب الهدف، بل ليرضي الجمهور إعلامياً.
والفوضى التي خلّفها صوّان أضاعت الحقيقة وقدّمت سلسلة شبهات شعبوية لا تستند إلى أدلّة متينة.
كما أنّها رتّبت على المحقق العدلي الذي تلاه عبئاً معنوياً يتمثّل بسقف وهمي حدّده صوّان الذي لم يتمكّن،
طوال أشهر تولّيه التحقيق، من تحديد مَن أدخل نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وكيف دخلت لتبقى أكثر من 6 سنوات وتنفجر يوم 4 آب 2020.
هل دخلت بالصدفة أم أنّ مؤامرة حيكت لإدخالها؟ لم يحدّد كيف خُزِّنت ومن المسؤول عن تخزينها!
إنما كان يعمل على إيقاع الإعلام لإيجاد كبش محرقة له: كُن الذبيحة، حتى ولو من دون دليل. وبالتالي،
حُشِرَ بيطار بين اثنين: سلوك مسلك صوّان بتكبير الحجر ولو على حساب الحقيقة، وخيار التحقيق بحثاً عن الحقيقة الكاملة ولو لم تُعجِب أحداً. الأيام المقبلة كفيلة بإلإجابة عن أيّ الأمرين سيختار. متابعة مسار التحقيقات تُبيّن الاختلاف أو التطابق.
بقي صوّان محققاً عدلياً لنحو ستة أشهر لم تكفِه للاستماع إلى جميع المشتبه فيهم،
بينما يتولى البيطار التحقيق منذ ٣ أشهر ونصف شهر أنهى خلالها الاستماع إلى نحو خمسين شاهداً ومدعى عليهم.
سطّر استنابات قضائية وراسل ١٣ دولة طلباً لصور الأقمار الصناعية التي لم تكن قد طُلِبَت بعد.
وبحسب المعلومات، إنّ أشهراً قليلة تفصل عن صدور القرار الظنّي الذي من المنتظر أن يتضمّن تفاصيل ما حصل،
ومن المفترض أن يكون مدعّماً بالأدلة والإفادات.
في مستجدات التحقيق، تسلّم البيطار التقرير الثاني من المحققين الفرنسيين،
بعد ملخّص تقرير أوّلي كان قد تسلّمه المحقق العدلي السابق. ويختلف التقرير الحالي
عن السابق بأنه أكثر دقة وتفصيلاً عن سابقه. وقد خلُص التقرير إلى استبعاد فرضية استهداف المرفأ بصاروخ،
بالاستناد إلى تحليل التربة في موقع الانفجار الذي بيّن عدم وجود عامل خارجي (سواء عبوة ناسفة أو صاروخ)
تسببت بالانفجار. هذه المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار» من مصادر مطّلعة على التحقيق، لم يؤكّدها المحقق العدلي البيطار، الذي تحدث في دردشة مع صحافيين عن ثلاث فرضيات:
الأولى: حصول خطأ أثناء عملية تلحيم باب العنبر الرقم 12 أدى إلى اندلاع الحريق، ثم وقع الانفجار.
والفرضية الثانية هي حصول عمل أمني أو إرهابي متعمّد داخل المرفأ تسبّب بالكارثة.
أما الفرضية الثالثة فهي فرضية الاستهداف الجوي عبر صاروخ.
وذكر البيطار أن «إحدى هذه الفرضيات استبعدت بنسبة 70 في المئة،
والعمل يجري على الحسم النهائي بين الفرضيتين المتبقيتين»، من دون أن يحددهما.
وبحسب المعلومات، لا يزال هناك تقرير فني ثالث يُنتظر تسلّمه من المحققين الفرنسيين،
إذ يُفترض أن يُسلّم إلى القضاء اللبناني في نهاية شهر أيلول المقبل. ومع أنّ التقرير الفرنسي الثالث سيأتي متأخراً،
تتحدث مصادر مطّلعة على مسار التحقيقات بأنّ هناك تقدّماً يُسجّل لناحية دحض فرضيات وتقدّم فرضية على ما عداها.
إذ لا يُعلم إذا كان المحقق العدلي سينتظر تسلّم التقرير لإصدار قراره الظني،
أو أنه قد يُصدره قبل تسلّمه في حال باتت تفاصيل ما حصل واضحة أمامه.
وقد انتهى المحقق من مسح الكاميرات وداتا الاتصالات في موقع الانفجار.
كذلك كُلّفت لجنة فنية بالإشراف على تنفيذ محاكاة للحريق الذي تسبب بالانفجار الكبير في الرابع من آب الماضي
في العنبر الرقم ١٢، علماً بأنّ فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي يتولّى الإعداد اللوجستي لتنفيذ المحاكاة.
وعلمت «الأخبار» أنه في مسألة دخول الباخرة روسوس إلى لبنان،
باتت في حوزة البيطار خيوط تعزّز اقتناع المحقق العدلي، لجهة إن كانت قد دخلت صدفة أو أنّ هناك مؤامرة.
أما بالنسبة إلى الانفجار، فتكشف المصادر أنّ هناك «أدلّة جديّة ودقيقة». كذلك علمت «الأخبار»
أنه لم يتم التوصل الى تحديد هوية أصحاب البضائع الحقيقية، لكن اكتشف المحققون نشاطاً،
خلال العام الجاري، لشركة «سافارو»، التي تملك شحنة نيترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت.
ويدحض ذلك فرضية أنها شركة «نائمة» أو وهمية، وأن مهمتها كانت حصراً إيصال النيترات إلى بيروت
تمهيداً لتفجيرها بعد سنوات. فقدْ تبيّن أنّ الشركة عقدت في بداية عام ٢٠٢١ صفقة مع مصر لبيعها كبريت وصوديوم وفوسفات.