بقلم اندريه قصاص – لبنان 24
لقد جاء قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان بإلزام المصارف تسديد 400 دولار شهريًا للمودعين على اثر البلبلة التي أحدثها قرار مجلس شورى الدولة، الذي أدّى بدوره إلى ما يشبه “الهستيريا”لدى المواطنين الذين تهاتفوا في شكل جنوني على سحب أموالهم على سعر 3900 قبل العودة إلى سعر الـ 1500 ليرة بدل الدولار الواحد، مع ما ترافق ذلك من تخوّف لدى الأجهزة الأمنية من تفلت الأمور من عقالها وتعميم الفوضى على كل المستويات بعد الإنفجار الإجتماعي الكبير.
قرار مصرف لبنان، ترافق مع بلبلة مصرفية بين بيانين متناقضين، الأول جاء فوريًا على لسان جمعية المصارف التي على علاقة متوترة مع المركزي، وأعلنت فيه “أنها غير قادرة على توفير اية مبالغ نقدية بالعملة الأجنبية مهما تدنّت قيمتها، لأن سيولة المصارف بالعملة الأجنبية لدى المراسلين ما زالت سلبية بما يفوق المليار دولار”. أمّا البيان الثاني فجاء بعدما تحرك “سعاة الخير” بين الجانبين، فثمّن عاليًا “العمل الذي يقوم به المجلس المركزي لمصرف لبنان برئاسة الحاكم في هذه المرحلة الحساسة جداً للحفاظ على الإستقرار النقدي والعمل على تسديد الجزء الأكبر من الودائع بالعملات الأجنبية للمودعين الصغار”.وأعرب البيان “عن استعداد جمعية المصارف الكامل لبحث مندرجات التعميم المزمع إصداره من قبل مصرف لبنان بإيجابية تامة لما فيه المصلحة العامة”.
وقبل الحديث عمّا يمكن أن ينتج عن قرار المصرف المركزي من إيجابيات على صعيد تحريك الدورة الإقتصادية في البلاد، لا بدّ من طرح بعض الأسئلة التي يُفترض من المسؤولين الإجابة عنها، وهي برسم كل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بحياة الناس المعيشية:
-هل يمكن إعتبار الإجراء الذي إتخذه المصرف المركزي بمثابة عملية “تخدير” للناس للحؤول دون الإنفجار الكبير؟
-إذا كان هذا القرار جدّيًا فكيف يمكن التعاطي معه على أرض الواقع، وكيف ستكون ترجمته عمليًا؟
-لماذا لم ينسّق المركزي مع جمعية المصارف قبل إصدار هكذا قرار، مع العلم أن الجميع يعرفون واقع المصارف الحالي وما تعاني منه بعد تخّلف الدولة عن سداد ديونها؟
-لا يفهم المودعون ماذا يجري بين المصارف والمصرف المركزي والدولة،
وهم غير معنيين بمن يتحمّل مسؤولية الإستيلاء “الشرعي” على أموالهم،
لكن ما يعلمونه هو أنهم أودعوا أموالهم لدى المصارف، التي يجب عليها أن تردّها إليهم مع فوائدها متى يحين موعد إستحقاق تسديدها.
-على المصارف التي هرّبت قسمًا كبيرًا من إحتياطها إلى الخارج مجبرة على أن تعيده إلى أصحابه،
أقله وفق آلية الـ 400 دولار شهريًا.
بالتوازي مع هذه الأسئلة المشروعة لا بدّ من الإقرار، وهذا ما يقوله أكثر من خبير إقتصادي ومالي،
من أن قرار المركزي والتجاوب المستلحق من قبل جمعية المصارف ستكون له مفاعيل إيجابية
جدًّا على الحركة التبادلية إقتصاديًا وماليًا في السوق اللبناني، وذلك نظرًا إلى أن توافر السيولة لدى المواطنين،
ولو بحدّها الأدنى، سيعيد الحيوية إلى الإقتصاد الذي فقد الكثير من مقوماته،
على أمل أن تعود الحياة تدريجيًا إلى شرايين الإقتصاد اللبناني،
بالتوازي مع تشجيع المغتربين على تمضية فصل الصيف في الربوع اللبنانية وتحسين نوعية الخدمات الضرورية
كتأمين الطاقة الكهربائية والمحروقات، وهما يشكلان في الوقت الحاضر عقبة اساسية أمام المغتربين الذين يتوقون
إلى زيارة وطنهم الأم.
قد يكون في كلامنا الكثير من التفاؤل أمام ما تشهده البلاد من حالة جمود قاتلة،
أقله على خط التشكيل الحكومي. لننتظر ونرَ.