المصدر: النشرة
توقّف مصدرٌ مُراقبٌ للتطوّرات الدّراماتيكيّة المُتسارعة في لبنان، عند تصريحَيْن الأُسبوع الماضي، رأى فيهما المصدر استفزازًا للشّعب اللُبنانيّ، واستخفافًا بما يُعاني منه كُلّ اللُبنانيّين…
التّصريح الأَوّل لرئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، في شأن المحكمة الدّولية الخاصّة بلبنان، والّتي أَعلنت توقُّفها عن العمل بسبب عجز لبنان عن سداد فاتورتها الباهظة… وسط الأَزمات الاقتصاديّة والماليّة المُتلاحقة، الّتي ينوء تحتها شعبٌ بكامله، بكُلّ أَطيافه ومشاربه… إذ وصف الحريري قرار المحكمة الخاصّة بلُبنان بـ”المُحزن”.
وأَمّا البيان الثّاني الأَكثر إِيضاحًا للاستفزاز، فهو ما صدر عن “المكتب الإِعلاميّ” للحريري، والّذي أَسف لوقف أَعمال “محكمة لبنان”، وتابع أَنّ المكتب “يدعو الحُكومة إِلى تسديد مُساهمتها” الماليّة في المحكمة، وكأَنّ الدّنيا بأَلف خيرٍ والعصافير تُزقزق فرحًا وسُرورًا!…
لا أَحد من اللُبنانيّين إِلَّا ويرغب في استكمال كُلّ الخطوات الآيلة إِلى مُحاسبة قتلة الشّهيد رفيق الحريري، فهو –شئنا أَم أَبينا– شهيد كُلّ لبنان… وله مكانةٌ في صُدور اللُبنانيّين توازي مكانة كُلّ شهيدٍ ولأيّ جهةٍ انتمى، أَو حزبٍ لُبنانيٍّ انتمى… ما دام قد سقط وهو يُدافع عن لبنان، ولو بحسب نظرته إِلى وطنٍ اختلف أَبناؤه ليس فقط على جنس الملائكة فيه… بل وأَيضًا على الكثير من تفاصيل بنائه، وتلاوين وجهه، وتوجّهات أَنظاره شرقًا وغربًا…
غير أَنّ كلام رّئيس الحكومة المُكلّف عن المحكمة الدّوليّة، يتزامن مع مشاهد الانهيار التامّ، الّتي تتجلّى أَكثر فأَكثر في الوطن الجريح… فإِضافةً إِلى أَزمة شحّ المحروقات وفقدان الأَدوية والموادّ الغذائيّة، أَصبح البلد على موعدٍ أَكيدٍ مع العتمة الشّاملة في غُضون أَربعة أَيّامٍ أَو خمسة، على ما أَكّد مصدرٌ في مُؤسّسة كهرباء لُبنان في نهاية الأُسبوع المُنصرم، و”لفترةٍ لا تتعدّى الـ15 يومًا”… وفي وقتٍ بات التُجّار الفُجّار، يُسعّرون البضائع على سعر صرف 14500 ليرة للدّولار الواحد…
إِنّ هذه المشهديّة المَهولة، وتزامُنًا الموقف الحريريّ من المحكمة الدّوليّة، وفي الشّكل الّذي ظهر عبر الإِعلام،
كما وفي وقت إِعلانه، قد أَظهرت رئيس الحكومة المُكلّف ومكتبه الإعلاميّ، وكأَنّهما لا يريان في كُلّ ما يُحيط بالشّعب اللبنانيّ
إِلّا عجز الدّولة اللُبنانيّة عن سداد تكاليف المحكمة الدّوليّة، فيما لا قطاعَ عندنا، إِلّا ويشكو من عجزٍ…
من العجز عن تأمين الدّواء، وقطرة الوقود، وبصيص نور كهربائيّ عن شعبٍ يُحتضر، إِلى العجز الكامل الشّامل
وعلى كُلّ المُستويات… حتّى غدا الشّعب اللُينانيّ بأكمله… شهيدًا!.
وفات الحريري ومكتبه أَنّ إِلغاء الدّعم عن المواطنين الجياع بات حتميًّا!.
كما ويأتي كلام الحريري في شأن المحكمة، في وقتٍ تتنقّل الأَزمة اللُبنانيّة بين عواصم القرار،
وقريبًا تحطّ رحالها في موسكو… حيث سيصل إِلى العاصمة الرّوسيّة اللواء عبّاس ابراهيم، المُدير العام للأمن العامّ،
وكذلك رئيسا “الحزب التقدُّميّ الاشتراكيّ” وليد جُنبلاط و”تيّار المردة” سليمان فرنجيّة…
وختم المصدر بالقول: “كان الأَجدى برئيس الحكومة المُكلّف أَن ينصبّ أَكثر على العمل على إِنجاز الولادة الحُكوميّة،
لكي يخدم القضيّة الّتي استُشهد من أَجلها رفيق الحريري في شكلٍ أَفضل…
ومِن هذه الزّاوية–كما ومن غيرها… يُمكن فهم ما رمى إِليه متروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأُرثوذكس المطران الياس عوده،
في عظته الأَحد الماضي، حين قال مُستذكرًا غسّان تويني “رجلًا كبيرًا مِن لُبنان” إذ سأَل عوده:
“أَين سياسيّونا من جُرأَته وإِيمانه بوطنه وإِخلاصه له”؟…