المصدر: ليبانون ديبايت
نحن أمام أيام حكومية حاسمة. رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، بصفته اللاعب الأبرز والأوسع نطاقاً ويداً في الملف، حدّد مهلةً تنتهي عند أفول الأسبوع الراهن لاستبيان احتمالات تأليف الحكومة من عدمها. ويُتوقّع هنا، أن ينطق برّي ببحصة تمثل عملياً حجم جبل!
أوساط الثامن من آذار، يحتلّها شعور بأن الحريري لن يؤلف، وهو ماضٍ لمقايضة اعتذاره بثمن سياسي خارجي، بينما أوساط تيار “المستقبل” تتمايل بين الإيجابية والسلبية بحسب “المدرسة” السياسية التي ينتمي إليها كل “موزّع”، أما رئاسة الجمهورية، فتُعد آخر من يعلم بالإيجابيات، وهي موضوعة في أجواء أن مبادرة برّي قد “استنزفت وفي طريقها إلى الهلاك”! مع ذلك، لازالت تُشدّد على ضرورة “تسريع وتيرة التأليف، وإقدام رئيس الحكومة المكلّف على زيارتها مصطحبًا معه تشكيلة حكوميّة”.
تُسوّق “عين التينة” إيجابيةً محدودة في ملف التأليف، رغم أن المحيطين بالملف يؤكدون أن لا مؤشرات على حلول قريبة توفّرت في ظل الإستعصاء الذي يطبع مواقف كلّ من رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، ورئيس “تكتل لبنان القوي” جبران باسيل. الموضوع أعمق من خلاف على تسمية الوزيرين المسيحيين ومرجعية تسميتهما إذاً. مع ذلك، يُصرّ طرف ما على إشاعة أجواء إيجابية رافعاً مؤشرات التأليف إلى أقصاها. يراهن هذا الطرف على تعميم وتعويم الإيجابيات لا السلبيات، علّ ذلك يؤدي إلى زحزحة بعض المواقف الجامدة، لكن، وفي قرارة نفسه،
يدرك أن المسألة أبعد من تسويق إيجابيات إعلامية، وأبعد من فقدان ثقة وأبعد من خلاف على حكومة!
يتزامن كل ذلك مع إصرار “منقطع النظير” بالنسبة إلى “حزب الله” على تأليف حكومة. الحزب يضغط بكل ما أوتيَ من قوة لتبديد المخاوف التي تحتلّ نفوس شريكي التأليف،
سيّما خلال الساعات الماضية التي شهدت على اجتماع ثانٍ “ماراثوني” بين الخليلين وباسيل بدارة الأخير في البيّاضة،
تلى خطاب السيّد. ومع أن التسريبات لم تعطِ الإجتماع علامات كافية، وتردّد بأنه “إيجابي نسبيًا” و “حقّقَ تقدّمًا طفيفًا”،
بقي أن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، قد أخرج ما في صدر الحزب.
توقّع “السيد” في خطاب “ثلاثينية قناة المنار” أن تطول الأزمة الحكومية،
وهذا يعني نظرياً إعتذار الرئيس المكلّف (او اعتكافه) مع ما يعنيه ذلك من إرتفاع إحتمالات الدخول في حلقة تكليف
ثانية فارغة لكونها تمثّل مضيعة للوقت. هذا كله يعد مصدر إفادة إلى حكومة تصريف الأعمال، والتي يجدر بها وبحكم دهم المهل،
أن تخرج من سجن التصريف التي حجزت نفسها فيه. ما هو ثابت أن كل المساعي إلى الآن لم تفلح بإزاحة المتخاصمين قيد أنملة.
رغم ذلك، ما زال “الحزب” يراهن في المقابل على استكمال برّي لمساعيه واستمراره في تشغيل محرّكاته
من دون أن يطفئها، ولو قضى ذلك أن تُعطى مهلة أسبوع إضافي أو أكثر.
لكن برّي لا يبدو أنه مستعد لتمديد وساطته، وفي ظل دهم مهل الإنتخابات يصبح من الضروري استخراج الحل،
حتى ولو كلّف ذلك البحث عن بديل للرئيس الحريري.
ويبدو من خلال الأجواء التي سادت عقب لقاءات قصر بعبدا “سُنيّة الطابع” أن رحلة البحث عن البديل قد بدأت،
شرط إيجاد عنصر متوافق عليه يتعهد أن لا يترشّح للإنتخابات النيابية ويتولى فقط تسيير الأمور الأساسية بالإضافة
إلى الإنتخابات النيابية على أن يسلّم زمام الأمور لاحقاً إلى حكومة جديدة فور تأليفها.
هذا يُعطي انطباعاً أن الحريري ماضٍ نحو اعتذاره، وما يزيد من واقعية هذا التوجّه،
كلام وصلت أصداؤه إلى “ليبانون ديبايت” ومصدره تيار “المستقبل”، إذ يتوقّع أن يصدر عن الحريري موقف “مدوٍ”
على مسافة أيام من الآن. وربطاً بالأجواء غير الإيجابية السائدة حالياً وكلام برّي حول المهلة وموقف الحزب وأجواء “التيّار”،
يُفترض أن تكون الكلمة مخصّصة لإعلان الحريري اعتذاره.
يُفترض بهذه الحالة أن يعتكف الحريري عن أداء أي دور حيال التكليف الجديد عملاً بقاعدة أنه على زعل،
هذا إن لم يكن ثمة إتفاقية أبرمت من “تحت الطاولة” لمقايضة الحريري اعتذاره،
بتكليف لاحق بُعيد الإنتخابات إن حاز على “الحاصل الإنتخابي” الذي يُتيح له ذلك، وعندها يعود الحريري كما كان يأمل دوماً على حصان أبيض.
وفي الكلام عن “المقايضات”، بدأ يُشاع أن الحريري كان يُراهن على تعويض نفسه عن اعتذار قد يخسّره الكثير في الداخل،
من خلال نيل جوائز ترضية في الخارج، قد تُسعفه لاحقاً في تعزيز حضوره الداخلي طالما أنه لا زال يسبح في قناة
مقارعة رئاسة الجمهورية وجبران باسيل وتيارهما. هذا الكلام يوحي أن الحريري كان يُخطّط لمقايضة اعتذاره وتعطيل
عهد ميشال عون لفترة من الزمن،
على “شبه مصالحة خليجية” تقيه بالحد الأدنى من جحيم الملاحقات القضائية السعودية.
حتى الآن لا زالت الأجواء ملبّدة، وكلّ من الإمارات ومصر والرئيس بري و”حزب الله”،
يسعون إلى إخراج الحريري من محنته، مقابل ترفّع يبديه الرئيس المكلّف وكأنه محور الكون!