المصدر: لبنان 24
لا شيء يدل حتى الآن على نضوج “الطبخة الحكومية”، إذ تشير الأجواء السياسية إلى أن العُقد ما زالت على حالها ولا تقدم ملحوظا لتذليلها.
ووفقاً للمصادر المتابعة، فإنه لا “إيجابية” ملحوظة في اجتماع النائب جبران باسيل مع “الخليلين” يوم أمس، إذ انتهى من دون التوصل إلى نتائج ملموسة قد تقود نحو حلحلة. ومع هذا، تقول الأوساط المتابعة أن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري دخلت مرحلة “العد العكسي”، وما يحصل مؤخراً بشأنها هو “آخر المحاولات”.
غير أنّ الإشارات التي أطلقها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله باتجاه الملف الحكومي، اعتبرتها المصادر “جرعة جديدة لمبادرة برّي”، وقول نصرالله بأن “حزب الله مستمر بمساعدة بري يعني أن المسعى مع باسيل لتذليل العقبات مستمر، وهذا الأمر لن يتوقف”.
ولكن ما تبيّنه خلفيات خطاب نصرالله أن “الأزمة الحكومية قد تطول في حال لم يكن هناك تنازلات من قبل الأطراف”، في حين أن الأمين العام لـ”حزب الله” حمّل باسيل والرئيس المكلف سعد الحريري بشكل غير مباشر مسؤولية التدهور المستمر نتيجة عدم تشكيل حكومة.
ومع هذا، تقول المصادر السياسية أن “حزب الله” و”حركة أمل” ما زالا يتمسكان بالاستمرار بتكليف الحريري لتشكيل الحكومة، والمحاولات الحالية قائمة للاستمرار به، وتضيف: “سيتم استنفاد كل الوسائل للاستمرار بهذا التكليف، وفي حال الوصول إلى حائط مسدود، سيكون هناك كلام آخر”.
باسيل يورّط الحريري
وخلال الأيام الماضية، كان “تيار المستقبل” يؤكد بوضوح أن ورقة اعتذار الحريري عن عدم التشكيل قائمة، وقد يُشهرها الأخير في الوقت المناسب خصوصاً عندما يرى أن مبادرة بري قد انتهت.
وفي الواقع، فإن الحريري عندما طرح نفسه لتولي الحكومة، كان يعوّل على المبادرة الفرنسية بالدرجة الأولى، ورأى من خلالها مدخلاً له من جديد إلى السراي الحكومي وللإصلاح. كذلك، كان الحريري يعتبر تلك المبادرة تأسيساً لحلّ دولي يقدم للبنان الدعم المالي المتكامل، على أن يكون عرّاب هذه المرحلة.
وضمنياً، فإن تفكير الحريري بهذا الإطار كاد سينعكس إيجاباً على لبنان بغض النظر عن الاستفادة السياسية والشعبية،
إلا أنه لاحقاً اصطدم بمطالبات باسيل وشروطه المضادة بحجة حقوق المسيحيين والمناصفة وغيرها من الشعارات.
وما حصل حينها، هو أنّ باسيل سعى إلى اجهاض المبادرة من خلال ما قدمه من طروحات، وهو الأمر الذي ترافق مع ترسخ للأزمات.
وكما كل الشعب اللبناني، فإن باسيل يُدرك تماماً أن “عهد ميشال عون سقط”،
كما أنه اعتبر أنه لن يسمح للحريري بأخذ الأضواء والتفوق عليه وعلى العهد.
وهنا، اتخذ باسيل قراره بالتصدي لمبادرة الحريري بتولي الحكومة و “راح يحط العصي بالدواليب” على قاعدة “
او منغرق كلنا أو ما فنغرق لحالنا”. ومن خلال الأخذ والرد،
استطاع باسيل استدراج الحريري الى” الفخ”الذي كان يتحدث عنه أحد المقربين السابقين من الأخير.
وبشكل أساسي، فإنه لو تشكلت حكومة قبل 8 أشهر من الآن،
لكان الحريري وبدعم الأطراف السياسية الأخرى قد استطاع تخطي سلسلة من العقبات “المُتفجرة”
التي باتت تحيط به حالياً. إلا أن الحريري اليوم، وفي حال نجح في تشكيل الحكومة، فسيُواجه قنبلة رفع الدعم بالدرجة الأولى،
وفي حال اتخذ هذا القرار فإنه ستتم مواجهته في الشارع. كذلك، فإن أمام الحريري مسؤولية استكمال إعادة أموال المودعين
ومعالجة تدهور الليرة، كما أنه مطلوب منه معالجة أزمة الكهرباء القائمة فضلاً عن دوره في مكافحة
احتكار الدواء والمواد الغذائية وغيرها من السلع. أما الأمر الأهم فيكمن في قدرة الحريري على تأمين النظام المصرفي
وحفظه من الإنهيار والافلاس واعادة الثقة به.
وبشكل واضح، فإن الملفات أمام الحريري كبيرة جداً ومتراكمة، وهذا ما يريده باسيل. وبالتحديد،
فإن أي قرار اليوم برئاسة الحريري، إن لم يكن شعبياً، فسيُقابل بالرفض، والناس ينتظرون حلولاً من الحكومة المقبلة،
وإن لم يكن الأمر كذلك، فالمشكلة ستتفاقم أكثر. ولهذا،
فإن باسيل استطاع توريط الحريري في مسألة تضييع الوقت خلال كل الفترة السابقة وقام بزراعة قنبلة متفجرة له
أساسها الملفات المعيشية المتدهورة، وقد بات رئيس “الوطني الحر” يرى أن نهاية الحريري السياسية قد باتت قريبة ويريدُ
إسقاطها من خلال الأزمات “المُفتعلة”. واليوم، فإن أي حكومة سواء برئاسة الحريري أو غيره،
يتوجب عليها حسم ملف الدعم الذي قد يفتح الباب أمام فلتانٍ أمني يقود البلاد نحو مرحلة شديدة الخطورة.
جرعة “انقاذ”
ووسط كل هذا المشهد، فإن ما لا يدركه باسيل هو أن وراء الحريري دعماً وقبولاً،
ويمكن أن يحظى الأخير بثقة دولية فضلاً عن ثقة داخلية وغطاء من نادي رؤساء الحكومات السابقين.
كذلك، فإن الرئيس نبيه بري “لن يترك الحريري يسقط بين أنياب باسيل”، وسيتم تكريس كل الدعم له في الحكومة.
وهنا، تقول المصادر السياسية أنه “بمجرّد التشكيل، فإن الأمور رح تقلّع، وما من أحد لديه مصلحة بالعرقلة”.