المصدر: ليبانون ديبايت
من التفاؤل والترقّب لإمكان ولادة الحكومة، إلى حرب الأوساط والمقرّبين التي شهدناها بالأمس “شعرة مصدر”، أطلّ برأسه على اللبنانيين من البيّاضة ليسوّدها ويطيح بتفاؤل أكبر المتفائلين. صحيح أن الذاكرة عادت بنا إلى “حرب البيانات”، إلا أن لدينا كامل الحق بمعرفة الأسباب الكامنة وراء الإطاحة بكل أجواء التفاؤل، ومن يقف وراء هذا الأمر، والأهم لماذا؟
وردّاً على هذه الأسئلة، أوضح مصدر سياسي مراقب، أن كل المؤشّرات تؤكد أن العِقَد التي افتعلها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل غير منطقية وغير موضوعية، إذ كيف يمكن أن يحصل رئيس الجمهورية على 8 مقاعد وزارية، وهو أكبر عدد لفريق واحد على مستوى الحكومة، من دون أن تقوم كتلته النيابية بمنح الحكومة الثقة؟
وشدّد المصدر، على أن التمييز ما بين رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” غير منطقي، ولا يستقيم عند أحد، فـ”التيار” هو حزب العهد، لذا لا بد لكل مقارب للسياسة الحقّ، أن يقول إن باسيل يضع العراقيل بشكل متعمّد، ولكن المستغرب في الأمر أن “حزب الله” وضع كل ثقله في تسهيل التشكيل، ليس فقط من خلال الموفدين، إن كان عبر معاون أمينه العام حسين خليل أو مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق فيه وفيق صفا، وإنما عبر كلام أمينه العام السيد حسن نصرالله العالي النبرة، والذي وجّه كلاماً واضحاً لباسيل في ما يتعلّق بتلويحه بورقة الإنتخابات المبكرة، بأن عليه أن يحزم حقائبه باتجاه التأليف ويدير محرّكاته من أجل أن يسرّع بذلك أيضاً.
ولفت المصدر نفسه، إلى أنه من الواضح أن باسيل، لا يريد التأليف والشروط التي يضعها تعجيزية بهدف الحصول على مكسب سياسي، والمسألة أصبحت واضحة للغاية بأنه يهدف إلى ذلك، والواضح أيضاً أن “حزب الله” يتعامل مع رئيس “التيار”، على قاعدة أنه لا يريد أن يسمع ما هي المكاسب التي يريدها قبل التأليف،
الأمر الذي حوّل الخلاف والصراع ما بينه والحزب، وأشعل التوتر على محور من يحلم ببعبدا ـ
الضاحية إسوةً بالتوتر القائم على محور بعبدا – بيت الوسط. وأشار المصدر، إلى أنه،
وعلى الرغم من أن هذا الخلاف المستجدّ غير مرئي، فهو ظهر بشكل أو بآخر على مسرح الأحداث،
بالرغم من أنه لا يزال مضبوطاً، ذلك أن باسيل يريد من هذه المعمعة، أن يعطي الأولوية لما بعد نهاية العهد،
في حين أن الحزب يولي الأولوية للتأليف، ولا يعطي أي مجال للبحث في أي مسألة كانت قبل تأليف الحكومة،
الأمر الذي حوّل الخلاف إلى صراع أولويات ما بين الطرفين.
وبحسب المصدر السياسي ذاته، باسيل لا يريد تقديم التأليف لـ”حزب الله” على طبق من فضّة من دون أي مقابل،
حيث أنه من الواضح جداً أن الأخير بحاجة جداً لهذا التأليف،
وذلك بكل بساطة من خلال مواقف أمينه العام وحركة موفديه وتركيزه وتوتّره وتلويحه بالثبور وعظائم الأمور.
وسأل: هل سيتمكن “حزب الله” من لَيّ ذراع باسيل، وأن يبدّي أولويّة التأليف على أي شيء آخر؟
علماً أن الإشارة الأساسية في هذا الإطار، هي أنه لا يمكن الكلام أبداً عن خلاف أو تناقض قد يؤدي إلى افتراق الطرفين،
وإنما عن “شدّ حبال” بينهما تحت سقف الإبقاء على تحالفهما الإستراتيجي.
واعتبر المصدر، أن “حزب الله” ليس في وارد دفع الثمن الذي يطلبه باسيل، أو أي ثمن سياسي آخر في هذا التوقيت بالذات،
نتيجة وجود تحالفات لديه ووضع المنطقة ووضع باسيل الشخصي، في ظل العقوبات المفروضة عليه،
بالإضافة إلى وضع باسيل الشعبي المتراجع بشكل كبير جداً،
كما في ظل عدم استعداد الحزب لدفع أي ثمن سياسي “سَلَف” نتيجة أن الرأي العام اللبناني أصبح لا يميل إطلاقاً إلى العهد.
وأضاف، أن السؤال الذي يطرح نفسه في حال تألّفت الحكومة، هل سيكون ذلك جراء الضغط الذي يمارسه “حزب الله”
على باسيل وإرغامه على التراجع، باعتبار أنه من الواضح أن صبر الحزب بدأ ينفذ حيال رئيس “التيار”،
أو يكون ذلك نتيجة دفعه الثمن السياسي لباسيل؟
الجواب، بحسب المصدر، لا يمكن معرفته يقيناً، سوى عبر انتظار ما ستؤول إليه الأمور،
إلا أن الثابت الوحيد حتى هذه اللحظة، هو أن الطرف الشيعي بدأ يعلن، وليس فقط يعتبر،
أن معركة تأليف الحكومة هي معركته، وأن صورته على المحكّ، وهو لا يرضى أبداً أن تُضرب هذه الصورة،
ويُمنى بنكسات سياسية، وأن يُصوّر على أنه غير قادر على التأثير على حلفائه، لذلك،
يجب الإنتظار لمعرفة ما هي الخطوة التالية التي سيقوم بها لمواكبة الخطاب العالي النبرة الذي يعتمده.
وختم المصدر، مؤكداً أنه في ظل التوتر ما بين فريق العهد، وتحديداً باسيل، وفريق بيت الوسط الذي عاد إلى سابق عهده،
وكأن هناك من يقول إن مبادرة “الثنائي الشيعي” أصبحت في خبر كان، فهل هذا صحيح؟ طبعاً،
إن منسوب التشاؤم في هذه المسألة يفوق منسوب التفاؤل، ولكن يجب الإنتظار لمعرفة كيف سيتعامل هذا “الثنائي”
مع الواقع الراهن، لا سيما لجهة أنه “ضُرب من منزله من قبل جبران باسيل”.