المصدر: أساس ميديا
بعد لقاء الخليلين (الحاج حسين الخليل، وهو المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والمعاون السياسي لرئيس حركة أمل ومجلس النواب نبيه بري، الوزير السابق علي حسن خليل) برئيس التيار الوطني الحرّ، في منزله بالبيّاضة، وتضارب الأجواء الصادرة عن الاجتماع بين ما أشاعه باسيل من إيجابية ووضع الكرة في ملعب الرئيس المكلّف سعد الحريري، وما ردّت به مصادر الخليلين بأنّ الطابة ليست في ملعب الحريري حالياً.
فعلى الرغم من الاتفاق على عقد اجتماعات مماثلة لاحقة إلا أن الجميع بدأ يحمّل علناً باسيل مسؤولية عرقلة الحكومة. ولعلّ أكثر من يعبّر عن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله هو نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، الذي أعلن أنّ معرقل تشكيل الحكومة هو جبران باسيل لأنّه يفاوض ليس على اعتباره رئيس كتلة نيابية من 20 نائباً بل لأنّ رئيس الجمهورية ميشال عون جيّر له توقيع الرئاسة الأولى
موقف الفرزلي العلني هذا هو موقف الثنائي الشيعي غير المعلن بهذه الصراحة بعد. بل برز في ردّ الخليلين على وضع باسيل الكرة الحكومية في ملعب الحريري معتبرّين أنّ هذا القول ليس دقيقا بل إن حلّ العقد يستوجب عقد اجتماعات أخرى مع باسيل.
وفي معلومات “أساس” أنّ “الثنائي الشيعي” سيستكمل مسعاه مع باسيل رغم قناعة بدأت تتكوّن بأنّ العقدة الحقيقية ليست في تسمية الوزيرين المسيحيين أو في توزيع الحقائب أو في إعطاء باسيل الثقة، بل هذه ليست إلا واجهة لمطلب واحد يسعى باسيل إلى نيله وهو إعادة إحياء التسوية الرئاسية مع الحريري.
فباسيل يحمّل الحريري مسؤولية الأزمة السياسية منذ اليوم الذي أعلن فيه استقالة حكومته بعد انتفاضة 17 تشرين. في ذلك اليوم، يقول مقرّبون من الحريري، إنّ رسالة وصلت من باسيل إلى بيت الوسط مفادها: “ندخل معاً أو نخرج معاً من أي حكومة”. وبالتالي فإنّ أيّ حكومة جديدة يرأسها الحريري يفترض أن تضمن تمثيل باسيل فيها من بوابة تجديد التسوية الرئاسية بينهما عسى أن تمتد الى استحقاق رئاسة الجمهورية عام 2022.
في مقابل هذا الكلام، تؤكد مصادر مقربة من الحريري وعين التينة استحالة الاتفاق على تسوية رئاسية تسبق تشكيل الحكومة. لا بل ان الحريري أعطى لنفسه مهلة زمنية قبل الاعتذار. واعتذاره سيكون بالتنسيق مع الرئيس برّي، ضمن خطة سياسية واضحة، وعلى أن يكون مرتبطاً بخطة سياسية تحكم مواقفه من الاستحقاقات المقبلة حتّى الانتخابات النيابية، وعلى أن يخوضها من صفوف المعارضة وخارج أي حكومة مقبلة.
في هذا السياق، وزّعت مصادر بيت الوسط أنّه “خلافاً للشائعات التي يبثّها جبران باسيل وفريق رئيس الجمهورية
من أنّ الحكومة تتشكل في البياضة فهذه محاولة ساذجة لتكريس أعراف من المستحيل أن “يمشي” بها الرئيس سعد الحريري.
فالحريري لم يكلّف أحدا بتأليف الحكومة والاجتماعات السياسية التي تحصل حالياً في البياضة أو غيرها
لا تعدو عن كونها مشاورات سياسية بين عدة أطراف. لكنّ المضحك المبكي فيها أنّ جبران باسيل
يحاول أن يخترع دوراً له بعدما بات معزولاً.
فنصّب نفسه رئيساً للجمهورية وبات يتصرف على هذا الأىساس.
ولسخرية القدر أنّه “مصدق” هذه الكذبة. فالحكومة تتألف وفقا للدستور بالتفاهم بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية.
والرئيس سعد الحريري متمسك بهذه الأصول ولن يزيح عنها ونقطة على السطر”.
سرعان ما ردّت أوساط بعبدا قائلة إنّ باسيل “لم يسعَ يوما إلى إجراء مشاورات لا في البياضة ولا في غيرها،
وهو تحفّظ على الطرح بداية حتّى لا تُفسر على أنّها محاولة تشكيل بتغييب أو إقصاء الرئيس المكلّف،
إلا أنّه بناءً على مبادرة الرئيس برّي وحرصاً على إنجاحها فتح باب التشاور بين ممثلي كتل نيابية،
وحبّذا لو يتشاور الحريري نفسه مع رئيس الجمهورية في المكان الطبيعي للتشكيل،
أي في القصر الجمهوري الذي لا يقبل الرئيس اطلاقا استبداله لا بالبياضة ولا بأي مكان آخر،
كونه المكان الطبيعي لاعلان ولادة الحكومة المفترض ان الحريري يعرفه تمام المعرفة إلا إذا نسيه اللهمّ!”
وردّاً على بعبدا وزّع بيت الوسط أنّ “المهم أن يتذكّر فخامة الرييس هذا الأمر وأن لا تتطوّع أروقة بعبدا للتحدّث باسم البيّاضة”.
بعد لقاء الخليلين عاد المعاون السياسي للرئيس برّي والتقى الحريري وأطلعه على نتائج الاجتماع مع باسيل.
لا خرق في العقد الحكومية ولا بوادر لأيّ تفاهم سياسي يعيد التواصل بين بيت الوسط والبياضة.
وبانتظار نضوج قرار الحريري بالاعتذار، يجول رئيس تيار الكرامة فيصل كرامي على المرجعيات السياسية
بعدما استدعاه عون إلى لقائه في بعبدا.
وفي الساعات الأخيرة زار وفد من السفارة الأميركية دارة كرامي. وعلم “أساس” أنّ الزيارة ليست سياسية،
بل تأتي ضمن سلسلة لقاءات دورية يعقدها مستشارون سياسيون في السفارة مع ناشطين وإعلاميين وسياسيين.
جاء هذا وسط حديث عن نصيحة تلقّاها الأخير بعدم الاستجابة لإمكانية ترؤّسه أيّ حكومة ستكون شبيهة
بحكومة حسان دياب وفاقدة للغطاء السنّي. لأنّ العمل الحقيقي جارٍ على تشكيل حكومة انتخابات
ترأسها شخصية سنية تقليدية تُحظى بدعم رؤساء الحكومات السابقين وتمتلك القدرة على أن تكون ندّاً لرئاسة الجمهورية، لا خاضعة لها.