المصدر: نداء الوطن
قد تدخل حكومة الرئيس حسان دياب موسوعة “غينيس” اللبنانية للأرقام القياسية، في الأسبوع الأول من تموز المقبل، لأنها ستكون الحكومة التي أمضت المدة الأطول في تصريف الأعمال في تاريخ الحكومات اللبنانية.
لكن مدة تكليف الرئيس سعد الحريري، من دون تأليف حتى الساعة، ليست الأطول، فهو مكلَّف منذ ثمانية أشهر، أي ما زال أمامه “متسع من الوقت” ليدخل موسوعة “غينيس” بصفته رئيساً مكلّفاً من دون تأليف. لكنه قد يصل إلى الرقم مكلّفاً، لأن الإعتذار عن عدم التأليف يبقى، حتى إشعار آخر، بالون اختبار، وقد اختبره الرئيس المكلف الاسبوع الفائت فلم يحظَ بتأييد الثنائي الشيعي ولا سيما من أحد طرفيه، الرئيس نبيه بري.
لم يتغيَّر شيء بين الأسبوع الماضي وهذا الاسبوع، ليعود الرئيس الحريري إلى نغمة الإعتذار، فخطوة بهذا الحجم من شأنها ان تُعطي انتصاراً مجانياً لرئيس “التيار الوطني الحر”، وحتى لرئيس الجمهورية، (والبديل وراء الباب)، وتُفقِد الرئيس نبيه بري ورقةً ثمينة في مواجهته القديمة الجديدة مع النائب باسيل، والمواجهة المستجدة مع رئيس الجمهورية. ومن البديهي ان الرئيس المكلَّف لن يُقدِم على هذه الخطوة من دون التشاور مع الرئيس بري الذي سيرفضها بالتأكيد. لا بل اكثر من ذلك فإن مطالبته بعدم الإعتذار تجاوزت الحدود المحلية، وثمة معلومات تحدثت عن ان السفيرة الأميركية التي زارته امس لم تشجعه على الإعتذار.
في هذه الحال، ماذا يمكن ان يحدث ؟
فريق رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر”، اخذا المسألة في الإتجاه الذي يناسبهما، لجهة “تطييف” التشكيل وصلاحيات رئيس الجمهورية، فاستثمرا في كلام رئيس مجلس النواب لجهة محاولات المسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية، في محاولة جديدة لاستنهاض واقع طائفي يعوِّض الخسارات المتتالية للعهد، سنياً وشيعياً ودرزياً، وحتى مسيحياً.
تأسيساً على ما تقدَّم، فإن كل فريق سيتمسَّك بأوراقه أكثر من أي وقتٍ مضى، لا بل سيحاول ان يجمع المزيد من الاوراق في معركة قد تمتد حتى موعد الإنتخابات الرئاسية المقبلة في خريف 2022.
فالرئيس عون، ومعه النائب باسيل، سيتمسكان بالتوقيع على التشكيلة، وفي اعتقادهما ان معركتهما على هذا “المحور الدستوري” رابحة.
والرئيس بري سيتمسك بدستورية ان المجلس هو الذي يسمي الرئيس المكلَّف في استشارات نيابية ملزمة، ولن يتراجع عن هذه الورقة.
في معلومات متداولة ان الأنظار شاخصة إلى ما يمكن أن يكون عليه موقف “القوات اللبنانية”، او ما يمكن ان يؤول إليه موقف “القوات” الرافضة المشاركة في الحكومة والمطالبة بانتخابات مبكرة لإعادة إنتاج كل السلطة. وتقول المعلومات في هذا الصدد ان هناك مساعي تبذل مع “القوات” لأن تُمسِك العصا من منتصفها بمعنى الا تشارك في الحكومة الآتية، مع ترك الباب مفتوحاً امام منحها الثقة على أساس أن تكون حكومة مطابقة لمواصفات المبادرة الفرنسية بالكامل. في حال نضج هذا السيناريو، يعتبر الساعون أن “القوات” تكون قد سلَّفت الداعين إلى تقليع الحكومة ثقة وازنة، مع الإحتفاظ لنفسها بحق المعارضة، علماً ان ثمة رأياً آخر لا يشجِّع “القوات” على هذا الخيار كما أن القوات تعتبر أن أي معطى جديد لم يتغيّر حتى تغيّر موقفها.
كل الاحتمالات واردة لكن ما هو مؤكد جملةٌ من”اللاءات”: لا اعتذار. لا ثلث معطِّلًا لا مباشرةً ولا مواربة، ويبقى خلط الاوراق، المعطى البارز في موضوع الثقة وامكان تصويت كتلة “القوات” على الثقة بـ”نعم”، من دون المشاركة في الحكومة في حسابات من يراهنون على هذا الأمر.