المصدر: لبنان 24
مع انسداد أفق الحل في ما يتعلق بإمكانية تشكيل حكومة قريباً ومع تصاعد الخلافات والمواقف السلبية، عاد الحديث في الآونة الأخيرة عن أرجحية فرض عقوبات أوروبية على مسؤولين لبنانيين تحت عنوان التعطيل والعرقلة واختلاس الأموال العامة.
الاتحاد الأوروبي هدد صراحة بفرض عقوبات مباشرة على المسؤولين اللبنانيين في حال لم يتحركوا لإنقاذ البلد من الانهيار الشامل. وتردد ان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد جوزيف بوريل أسمع المسؤولين الذين التقاهم في زيارته الأخيرة لبيروت كلاماً من العيار الثقيل ووضعهم أمام خياري” الحكومة أو العقوبات”.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر دبلوماسية انه “يتم الحديث عن ان اول دفعة من العقوبات ستشمل مستشارين قريبين من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد ورئيس “التيار الوطني الحر “جبران باسيل”.
وتشير المصادر إلى “ان الفرنسيين لم يتطرقوا لعقوبات تشمل دائرة الرئيس نبيه بري لكنهم يعتبون عليه وعلى حزب الله في ما خص قصة المداورة وضرب المبادرة الفرنسية، ولاسيما ان حزب الله وعد الفرنسيين بأن يتوسط لدى باسيل لتسهيل التشكيل ولكن هذا الأمر لم يتحقق”، وبالتالي تعتبر المصادر “ان كل المسؤولين اللبنانيين هم مذنبون ومتضامنون بموضوع عرقلة تشكيل الحكومة”.
ما هي العقوبات وما الآلية المعتمدة لفرضها ؟
وعن طبيعة العقوبات الأوروبية التي يجري الحديث عنها تحدث أستاذ القانون الدولي ورئيس مؤسسة “جوستيسيا” المحامي الدكتور بول مرقص لـ “لبنان 24” قائلا انه “للمرة الأولى أصبحنا نتحدث اليوم عن عقوبات وليس إجراءات، وهذا الأمر جاء على لسان الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، وهي من المرات النادرة التي يتحدث بها مسؤولون أوروبيون عن عقوبات على مسؤولين لبنانيين”.
وأشار مرقص إلى انه “في الأسابيع والأشهر الماضية كان الحديث يجري عن “إجراءات” كانت فرنسية الطابع، أما وقد أصبحت اليوم على طاولة الاتحاد الأوروبي فهي تحولت إلى عقوبات، ومن المفترض بالتالي ان تشمل هذه الإجراءات الأرصدة المصرفية، أي تجميدها ،وتعذر إجراء تحاويل مصرفية من قبل المسؤولين الذين حوّلوا الأموال على نحو غير مسبوق خلال الأزمة اللبنانية، إضافة إلى إجراء منع السفر إلى أراضي الاتحاد الأوروبي”.
كيفية تحديد الأشخاص المُستهدفين
وأوضح مرقص” ان المادتين 30 و31 من معاهدة الاتحاد الأوروبي تُجيز له ان يُنزل عقوبات بأفراد ومؤسسات وكيانات، وفي لبنان نحن أمام عقوبات إفرادية أي على أشخاص ويُحكى انهم من المستشارين للحلقات الضيقة المعنية بتشكيل الحكومة، أي دائرة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، ولكن ما من أمر مؤكد حتى الساعة وبالتالي هذه ستكون الدفعة الأولى من العقوبات”.
أسباب هذه العقوبات
وتحدث مرقص “عن 4 أسباب للعقوبات: أولا إعاقة تشكيل الحكومة ، ثانيا عرقلة الإصلاحات، الإرتكابات المالية التي تزامنت مع الأزمة في لبنان، ورابعا انعكاسات هذه الارتكابات على حقوق المواطن اللبناني والتي تدخل في إطار انتهاكات حقوق الانسان الناجمة عن الأزمة المالية والمعاناة التي تركتها هذه الأزمة على المواطن اللبناني”.
مراحل العقوبات
وأشار مرقص إلى ان مراحل العقوبات تبدأ في مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي ومن ثم اللجنة السياسية والأمنية في الاتحاد الأوروبي حتى الوصول إلى فريق عمل المشرق العربي المولج النظر بالقضايا الملحة المطروحة بالعقوبات المتعلقة بالبلدان العربية ومن ثم نصل إلى تصويت مندوبي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وهنا هذا القرار بحاجة إلى اجماع 27 دولة، لكنه لن يصدر في حال معارضته، ذلك ان تأمين الاجماع ضروري أو في أقل تقدير الامتناع عن التصويت بما لا يتجاوز ثلث عدد أعضاء دول الاتحاد الأوروبي الذين يمثلون ثلث السكان، مؤكدا ان باريس تعمل مع الدول الأعضاء المعنية لتأمين إجماع حول هذا القرار أو أقله عدم معارضته.
يُشار إلى ان اجتماعا سيُعقد في بروكسل لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي هذا الاسبوع من المرجح ان يتم في 24 حزيران الحالي، سيُناقش الوضع اللبناني في ضوء التقرير الذي سيرفعه بوريل عن نتائج زيارته الى لبنان، بالتوازي مع درس العقوبات التي ستفرضها بعض دول الاتحاد مجتمعة او فرادى على من تعتبرهم يعرقلون حل الأزمة اللبنانية. فهل ستنجح التهديدات الاوروبية هذه المرة بالدفع باتجاه تشكيل الحكومة؟