المصدر: لبنان 24
بقدر ما تبدو فكرة الحصول على 400 دولار نقداً “مغرية”، يجمع عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين على خطورة توقيع المودعين على التعميم 158 الصادر عن مصرف لبنان والداخل حيز التنفيذ ابتداءً من 1 تموز الجاري. وبعد الاطلاع على الأوراق التي يُدعى المودعون إلى توقيعها للاستفادة من مفاعيل التعميم، يؤكد الخبراء أنّها مليئة بالأفخاخ والألغام، مؤكدين أنّ بنودها توفر حماية “قانونية” للمصارف وتتيح لها الإمعان بسرقة ما تبقى من حسابات المودعين. علماً أنّ المصرف المركزي لم يعمم عقداً موحّداً على المصارف، حيث عمد كل مصرف إلى صياغة ما يناسبه من بنود لتمكين المودع من الاستفادة من التعميم 158.
ويحذر الخبراء من أنّ التعميم يشمل فئة واحدة من المودعين (كل شخص مقيم أو غير مقيم يملك حسابات مصرفية بالعملات الأجنبية قبل 31 تشرين الأول 2019)، معتبرين أنّ هذه النقطة بحدّ ذاتها تؤكد أنّ فيه “قطباً مخفيةً”. ونظراً إلى أنّ التعميم صارد عن “المركزي”، هذا يعني أنّه ملزم لجميع المصارف، وبالتالي ما من ضرورة لأن يوقع المودع على ورقة للاستفادة منه، بحسب ما يشرح الخبراء. ويرى هؤلاء أنّ إجبار المودعين على التوقيع يكشف غاية المصارف المضمرة، القاضية بإجبار المودع على التوقيع على عقد يحميها من المساءلة.
ويركز الخبراء على بند “براءة الذمة العامة والشاملة والسابقة والمستقبلية والمطلقة” الذي يحمي المصرف من الملاحقة القانونية، ويتيح له حجز أموال المودع ويمنعه من التحفظ والاعتراض في حال تم وقف عملية التسديد “لأسباب خارجة عن إرادته (المصرف)”. ويتحدّث الخبراء عن اتحاد الذمم المالية في الحسابات المشتركة، بحيث يستفيد حساب واحد من التعميم 158.
وينبه الخبراء من أنّ المصارف تجبر المودع “اليائس” على التوقيع على رفع السرية المصرفية عن حساباته، وموافقته على تحويل بقية أمواله خارج مبلغ الـ50 ألف دولار (المشمول بالتعميم) إلى 1500 ليرة وليس 3900 ليرة، في حين أنّ سعر صرف الدولار في السوق الموازية بلغ 18 ألف ليرة.
ويلفت الخبراء إلى أنّ التعميم 158 ليس قانوناً، ما يعني أنّه ليس مبرم والتراجع عنه ممكن، وفي حال وقّع المودع على بنود المصارف، فإنّه سيحرم من الاستفادة من تعاميم أخرى قد تكون مفيدة أكثر بالنسبة إلى وضعه؛ يحظّر على العميل الذي وافق على الاستفادة من التعميم 158 أن يستفيد من التعميم 151، الذي يجيز له سحب دولار من حساباته وفق سعر صرف 3900 ليرة للدولار، وفقاً للبيان الاستيضاحي الصادر عن مصرف لبنان.
كما يحذّر الخبراء من أنّ أغلبية المصارف تجبر المودع على التوقيع على تجميد نصف الوديعة لمدة 5 سنوات، وعلى إعطاء الحرية للمصرف بإغلاق الحساب متى ما يشاء، ودفع ما تبقى من الوديعة بعملة الإيداع أو “ما يوازيها بالليرة” أو شيك مصرفي، كما أنّها تمنعه إجراء تحويلات خارجية. ويشير الخبراء إلى أنّ المصارف تجبر المودع أيضاً على التوقيع بأنّها غير ملتزمة سوى بالدفع سنة واحد من التعميم، ما يعني بقاء ما تبقى من الأموال محجوزاً لديها بعد انقضاء هذه المدة.
وعليه، يعتبر الخبراء أنّ هذا التعميم يضر بشكل خاص أصحاب الودائع التي تتعدى قيمتها الـ10 آلاف دولار، حيث تنوي المصارف تحميل هذه الفئة من المودعين الخسائر. فبعملية حسابية بسيطة، يستطيع المودع الذي يملك حساباً مصرفياً بعشرة آلاف دولار أن يحصل على ماله عبر التعميم خلال سنة، أمّا من يملك عشرين ألفاً خلال سنتيْن.
وبموجب مصرف لبنان، يستفيد من التعميم 158 كل شخص مقيم أو غير مقيم يملك حسابات مصرفية بالعملات الأجنبية قبل 31 تشرين الأول 2019. ويتم تحديد الحد الأقصى المسموح به لاستعماله من رصيد الحساب 50 ألف دولار، تُسحب على أساس 400 دولار نقداً شهرياً و400 دولار بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف المنصة الإلكترونية، نصفها أي 200 دولار بالليرة نقداً، و200 دولار بالليرة عبر بطاقة مصرفية يتم استعمالها في نقاط البيع.