المصدر: ch23
نشر موقع “التلفزيون العربي” مقالاً للصحافية جويس الحاج خوري، تحت عنوان: “إنفجار مرفأ بيروت.. البيطار يكشف لـ”العربي” مصير التحقيق وفرضياته”.
وجاء في المقال: “شاقة هي رحلة الوصول إلى مكتب المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، فصعود الطبقات الأربع سريعًا، وسط درجات حرارة تتخطى الـ35 درجة يبدو منهكًا. لكنّ هدف اللقاء والاستماع إلى ما سيقوله يستحق عناء انقطاع الأنفاس”.
وأشار المقال إلى أنه، “في الطبقة الرابعة في مبنى قصر عدل بيروت، وفي آخر رواق مظلم، يقع مكتب القاضي البيطار، الرجل الذي أعطى آمالًا جديدة للعديد من اللبنانيين بأنه ما زال في “الدولة” من يمكن الركون إليه، آمال انطلقت بعد إصدار القاضي استنابات قضائية بحق شخصيات يعلم الجميع في بيروت أن حصانتهم السياسية لا يمكن المسّ بها”.
وتابع، “تحيط بمكتب القاضي البيطار هذه الأيام حراسة مشددة لم تكن مألوفة في زيارات سابقة. لكنّ هذا التشديد الأمني ليس مفاجئًا، فما فعله الرجل قبل أسبوعين شكّل صدمة على الساحتين السياسية والشعبية، وفي الخارج تستنفر العناصر الأمنية، أما في الداخل فيلملم الرجل أوراقًا تبعثرت من ملفات على طاولته”.
وأضاف المقال، “تحيط بمكتب القاضي البيطار هذه الأيام حراسة مشددة لم تكن مألوفة في زيارات سابقة. لكنّ هذا التشديد الأمني ليس مفاجئًا، فما فعله الرجل قبل أسبوعين شكّل صدمة على الساحتين السياسية والشعبية”.
وأردف: “لا يبدو القاضي البيطار مرتاحًا، ربما بسبب درجات الحرارة المرتفعة وانقطاع التيار الكهربائي في قصر العدل، وعدم قدرته على العمل وسط هذا الجو الحار، وبيدو محبطاً”.
وفي هذا السياق، رداً على سؤال تبدو محبطاً؟ يقول القاضي البيطار لـ”التلفزيون العربي”: “كيف لا أكون كذلك وقد بدأت الحملات تطالني”.
ولدى سؤاله إن كان قد تسلم رسميًا قرار رفض وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي السماح بالتحقيق مع المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، قال: “نعم، استلمته”.
وعن سؤاله: ماذا بعد؟ ما هو مصير التحقيق؟ أجاب: “التحقيق مستمر ولن أتوقف قبل كشف الحقيقة. لقد وصلنا إلى نقاط متقدمة جدًا في الجانب التقني من التحقيق، وبتنا على مشارف الانتهاء منه”.
ورداً على سؤال: “هل سيعيق رفض الوزير استكمال التحقيق؟ أجاب: “هناك طرق أخرى يمكنني اللجوء إليها للاستماع إلى اللواء إبراهيم”.
ولفت المقال إلى أن “القاضي البيطار يتكتم في البداية، في محاولة لعدم الكشف عن الخطوات المقبلة. لكنه يكشف في نهاية المطاف أنه أرسل كتابًا بهذا الشأن إلى مدعي عام التمييز بالوكالة غسان خوري (مدعي عام التمييز بالأصالة القاضي غسان عويدات تنحى عن الملف لوجود صلة قرابة بينه وبين أحد النواب المتهمين غازي زعيتر).
وأضاف البيطار ضمن المقال، أنه “طلب من المدعي العام الإذن لاستجواب إبراهيم، حيث سينتظر بعدها 15 يومًا، وهي المهلة المحددة للمدعي العام للرد على طلبه”.
وعن “ماذا حل بالفرضيات الثلاث حول وقوع الانفجار؟”، قال: “إن أيًا من هذه الفرضيات لم يستبعد من البداية، إلا أن احتمال أن يكون الانفجار ناجمًا عن صاروخ إسرائيلي استهدف المكان صار مُستبعَدًا، وهذا ما تضمنه أيضًا التقرير الفرنسي الذي تسلمه، حول تحليل التربة والمياه في مكان الانفجار”.
وأشار المقال إلى أن “في الفرضية الأخيرة ينتظر القاضي البيطار تنفيذ محاكاة لانفجار الرابع من آب 2020. ولإنجاز المحاكاة، تم تشييد بناء مشابه للعنبر رقم 12 الذي كانت وضعت فيه آلاف الأطنان من نيترات الأمونيوم. في هذا البناء، ستوضَع كمية صغيرة من النيترات وسيُجرى اختبار تلحيم، للتأكد مما إذا كان يمكن لشرارات التلحيم أن تصل إلى الداخل وتشعل المواد وتؤدي فعلًا إلى انفجار مشابه لذاك الذي حصل الصيف الماضي”.
وشرح البيطار أن “أدوات التلحيم نفسها التي استخدمت قبيل الانفجار ستستخدم خلال المحاكاة. أما موعد العملية، فتحددها شعبة المعلومات التي عملت على تحضير هذه المحاكاة، وهي تنتظر ظروفًا مناخية مشابهة إلى حد كبير لما كانت عليه يوم الرابع من آب”.
وأكّد أن “التحقيق لن ينتهي قبل أن تظهر الحقيقة. إصراره لا يزال على حاله. وإلى جانب البعد القانونيّ، يقارب البيطار الملف استنادًا إلى جانب إنساني أيضًا. يقول: إن الناس تنتظر الحقيقة، وإن أهالي الضحايا يؤكدون له في كل لقاء أنهم يريدون فقط معرفة الحقيقة”.
ويستفيض البيطار في هذا الجانب: “هذا واجبي. هناك شباب ماتوا. هناك أشلاء عثر عليها وأخرى لم يعثر عليها بعد. هناك أهالٍ دفنوا في توابيت فارغة. وقد استلمت هذا الملف للوصول به إلى النهاية”.
ويضيف مؤكدًا: “قطعت وعدًا على نفسي يوم قبلت استلام القضية بأن أكشف الحقيقة”.
ولدى سؤاله: “هل ستستطيع تحقيق ذلك وسط كل ما يجري؟”، عاد البيطار إلى السنوات الماضية وعدد القضايا التي عمل عليها، من المواجهات بين جبل محسن وباب التبانة في طرابلس، ذات البعد السياسي المذهبي، إلى ملفات الإرهاب، وصولا إلى ملف الطفلة أيلا طنوس التي بترت أطرافها الأربعة بسبب خطأ طبي. ويشرح كيف أنه في كل هذه الملفات، وفي أخطرها، لم يتراجع”.
وعن أنه “هل تعرّض للتهديد بعد صدور الاستنابات في قضية المرفأ؟ أجاب بالنفي، مؤكّدًا أنّه “لم يتعرّض لمثل هذا الأمر طيلة مسيرته المهنيّة”.
ولدى سؤاله، هل تلقّى في المقابل أيّ تهنئة أو دعم بعد خطواته التي انقسمت حولها الآراء بين من اعتبرها “تهوّرًا” وبين من رأى فيها في المقابل “جرأة”؟ أجاب البيطار بنفي آخر،” ما يؤكّد المؤكّد، فكلّ الخطابات الطنّانة المطالبة بالحقيقة، وتلك الرنّانة التي تؤكد أنّها تحت سقف القانون، ليست سوى “عراضات شعبية”، على جري العادة”.
وعن ما مصير التحقيق؟ ماذا لو رفض مدّعي عام التمييز طلبه لملاحقة إبراهيم؟ وماذا لو رفض البرلمان رفع الحصانات المطلوبة؟، قال البيطار: “سأصدر قراري الظنّي، وأذكر فيه، بالأدلة والبراهين، كل الأسباب والمعطيات التي دفعتني إلى ملاحقة هؤلاء، ورفضهم لذلك. وليحاكمهم الرأي العام”.
وختم البيطار حديثه: بالقول: “بلدنا يستحقّ أبناءه، ولن يبقى كما هو، والتغيير يجب أن يحصل”. بهذه القناعة، مؤكداً إيمانه بلبنان”.