المصدر: ليبانون فايلز
امام التدهور الراهن على مستوى سعر الصرف، نعود الى المرحلة التي تولى بها الراحل ادمون نعيم (1985- 1991)، حيث واجه لبنان اقسى مرحلة اتسمت ايضا بالتدهور على كل المستويات السياسية والامنية والاقتصادية، وسجل تراجع كبير في ودائع المصارف، ارتفاع نسبة الدولرة ، المضاربات ضد الليرة…فارتفع سعر الدولار من ٣ ليرات الى نحو ٩٠٠ ليرة في العام 1991، ولكن على الرغم من هذا لم يستقل ادمون نعيم وظلّ يقاوم. لماذا لا تحسب هذه المقاومة الشرسة التي يقودها رياض سلامة اليوم ووحيداً ضد كل ما يتربص بلبنان لصالحه لتُحسب ضده من مجموعة لاهثين الى سلطة على حساب ثورة شعب؟؟
وعن اتهام مصرف لبنان بالتدهور الحاصل على مستوى الليرة، يشير الرئيس السابق “للجنة الرقابة على المصارف” سمير حمود، هو مجرد ادعاء، لان الكلام عن ان الفرق بين ربط ارتفاع سعر الدولار بحاكمية مصرف لبنان او بالموضوع السياسي، هو شعرة، مضيفاً: اي ارتياح سياسي يعطي للمصرف المركزي امكانية ان تكون اجراءاته فاعلة، واي ضبابية في الموقف السياسي تجعل من اجراءاته تذهب سدى.
ويعتبر حمود، في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” ان هذا الموقف السياسي ينعكس على سلوك المستهلك والمودع والمستثمر في اتجاه تعاطيه مع عملته الوطنية، لافتا الى ان “الضبابية الراهنة تجعل من معه دولارين يصرف ربع دولار ويخبّئ ما تبقى”، وبالتالي هذا الواقع يجعل البنك المركزي غير قادر على استرداد اي دولار يُصرف ان كان اسمه للدعم او غير الدعم.
وهنا يشرح حمود ان لا شيء اسمه “دولار مدعوم” بل بيع الدولار من اجل تأمين استمرارية الاستيراد، وبالتالي في اي صورة ايجابية يمكن ان يتطلع البنك المركزي الى امكانية استيعادة ما يصرفه من عملات اجنبية من خلال فائض ما يسمى ميزان المدفوعات.
وفي هذا السياق، يشدد حمود على ان الصورة السياسية لها تأثيرها، واكثر من ذلك يجب الاتجاه نحو الامور العملية، وبالتالي الارتياح السياسي الكلامي الاعلامي الاعلاني لا يفيد،
بل يجب ان يكون هناك لغة سياسية تترجم باجراءات فعلية على سبيل الحلحلة والاصلاحات المطلوبة.
ويتابع: ليس مطلوبا فقط تأليف حكومة تضم اي وزراء وتضع اي خطة عمل بل يجب ان “نكون جديين
مع انفسنا وبلدنا واصلاحاتنا” والا الصورة الواضحة التي ستبقى هي ان الدولار سيستمر بالارتفاع،
ومخزون العملات الاجنبية في البنك المركزي يستنفد، محذّرا من انه لا يوجد اي اتجاه آخر اذا استمرينا على هذا النحو.
وردا على سؤال، يشدد حمود على انه يجب اعطاء الصورة الحقيقية التي تدخل عقول كل الناس،
بان مسيرة الاصلاح ومسيرة ترتيب البيت الداخلي يجب ان تنطلق دون ان يكون هناك حقد او نكد او نكايات لان البلد لا يحتمل.
ويسأل حمود: كيف يمكن لجم سعر الدولار في حين ان البلد يستورد بنسة 70 الى 75% من احتياجاته،
كيف يمكن ان نتصور ان هناك امكانية للحد من الطلب على الدولار؟ وبالتالي فان المشكلة الاساسية في عرض هذا الدولار.
ويلفت الى ان مصدر الدولار راهنا يأتي حاليا من امرين :
تحويلات المغتربين ومن الزوار، شارحا: ولكن في الواقع لا نستطيع تأمين الدولار اكان من ابنائنا او من الاجانب
والاستثمارات المالية بما فيها الاستثمارات في الودائع المصرفية، هذا المورد انقطع،
كما ان السياحة شبه مقطوعة او قليلة جدا. لذا عرض الدولار قليل،
وفي المقابل كيف يمكن ان نحد الطلب والبلد بحاجة الى محروقات والدواء والقمح ومواد غذائية
وكافة المواد الاولية لاي صناعة محلية، بمعنى ان حجم الاستيراد يفوق 3 او 4 اضعاف حجم التصدير.
ويقول: قد نستطيع التخفيف من الطلب والاستيراد، ولكن لا يمكن الغاؤه لان الامر كناية عن احتياجات اساسية وحياتية وضرورية.
وماذا عن احتياطي الذهب، فهل اقترب المسّ به؟ يجيب حمود: حتى اللحظمة
ما زال هناك مخزون من الاموال بالعملات الصعبة، وبالتالي من المبكر الكلام عن المسّ بالذهب،
ولكن اذا استمرينا على نفس النمط فلا محال الا الوصول الى الذهب،
على غرار ما يحصل في بيوت الناس، حيث قد يستطيع المرء ان يصوم،
ولكن عندما يجوع فانه سيبحث عما هو متوفر في جيبه او بيته يمكن بيعه.
ويأمل حمود الا نصل الى هذا الحد او الى هذه المرحلة، قائلا: “على الرغم من انني ارى هذه المرحلة اذا استمرينا
على هذا النحو، لكن لا اريد ان اتكلم عن الموضوع بل علينا الاستمرار بالامل والتفاؤل،
لا سيما اذا انتقلنا الى العقلانية وتخلصنا من العصفورية السياسية السائدة، قبل ان نصل الى مرحلة المس بالذهب”.
وبالتالي، يخلص حمود الى القول: لا يمكن ان نحمّل البنك المركزي سبب ارتفاع الدولار،
او ان نحمّل المسؤولية الى المضاربة، مشددا على ان الحل ليس بالاعمال البوليسية والقمعية والقضائية لسجن
من يبيع الدولار او من يحتفظ به او من هو خارج المنصة، مذكرا ان لبنان لم يعش لمرة واحدة هذا الاسلوب،
فلم يُلاحق احد لانه تاجر بالدولار بل كان هناك بحبوحة وادارة سليمة ضمن الاقتصاد الحر والحرية المالية وتحويل الاموال.
ويختم: يجب ان يعود لبنان الى هذا النمط والالتزام بحرية التداول والتعامل.