المصدر: الشرق الاوسط
تغيب المؤشرات على حل سريع لأزمة انقطاع الدواء في لبنان، بعد إعلان «المصرف المركزي» عن أن دعمه للدواء تضاعف عما كان عليه في العام الماضي، ووصل إلى مليار ونصف المليار دولار، ما يحمل اتهامات مبطنة بتخزين الأدوية واحتكارها وتهريبها عبر المرافق الحدودية، وهو ما رد عليه وزير الصحة بأنه غير معنيّ بالرقابة، وطالَب «المركزي» بـ«تقدير خطورة الموقف».
ويعاني لبنان أزمة انقطاع الأدوية من الصيدليات، حيث يحجم المستوردون عن تسليمها بسبب امتناع «مصرف لبنان» عن دفع فواتير استيرادها بالعملة الصعبة، علماً بأن «المركزي» يوفر الدولار للاستيراد، بينما تدعم الحكومة بيعه على سعر 1500 ليرة للدولار الواحد، في حين تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء 20 ألف ليرة.
وقالت مصادر في وزارة الصحة لـ«الشرق الأوسط» إن الشركات المستوردة «تنتظر أن يحول (مصرف لبنان) الاعتمادات لها كي توزع الأدوية في السوق»، مشيرة إلى أنه «من غير ذلك، فإن أزمة الأدوية مستمرة، والأمر متوقف على تحويل الاعتمادات».
لكن «المركزي»، توقف عند أرقام الاستيراد التي أكد أنها تضاعفت عما كانت عليه في عام 2020؛ ما يعني ضمناً أنه يتهم جهات لبنانية بتخزين الدواء واحتكاره وتهريبه، وبالتالي تبديد أموال الدعم التي استنزفت خزينته بـ10 مليارات دولار منذ مطلع عام 2020.
وقال «المركزي» في بيان، مساء أول من أمس (الأربعاء)، إن فاتورة الدواء والمستلزمات الطبية للنصف الأول من سنة 2021 يتعدى كامل فاتورة سنة 2020، مشيراً إلى أنها ناهزت المليار ونصف المليار دولار، في حين أن الكلفة السنوية للمبالغ التي سدّدت من قبل «مصرف لبنان» لدعم استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية عن كامل عام 2020 بلغت نحو 1.173 مليار دولار.
ورد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، بالقول إن «البيان الأخير الصادر عن (المصرف المركزي) غير متوازن وبمثابة توصيف لتخبط رقمي بحاجة إلى تدقيق»، موضحاً أنه «أورد الأرقام كسلة متكاملة في حين أن هذه الأرقام بحاجة إلى تفنيد وتبويب، وهو ما ستقوم به وزارة الصحة العامة». وقال: «إن فاتورة أدوية (كورونا)
وُضعت كفرق إضافي على المبالغ المدفوعة للدواء، وكأن الجائحة لم تكن، يجب أن نكون موضوعيين في محاكاة الأزمات،
وليس هكذا يُكافأ المجتمع ووزارة الصحة العامة في ظل الظروف الراهنة».
وشدد على أن «استيراد الدواء وتأمينه في السوق مرتبط مباشرة بتحويلات (المصرف المركزي)،
أما دور الوزارة فيقتصر على تنظيم سوق الدواء ومراقبته».
ويرى نقيب الصيادلة غسان الأمين أن جمع «المصرف المركزي» لقيمة الفواتير التي دفعها،
والأخرى التي في عهدته، تصل إلى هذا الرقم، لكن في الواقع «هناك سوء تفاهم في الحسابات،
لأن قيمة الأدوية المستوردة لا تتعدى الرقم الطبيعي الذي يصرفه لبنان، البالغ 100 مليون دولار شهرياً،
أما الفواتير الأخرى غير المدفوعة، فهو لم يوافق عليها بعد كي تُضاف إلى المصروف».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الفواتير التي حازت على موافقته، تم ذلك بعد استيرادها بفترة خمسة أشهر،
أما غير الحائزة فتحتاج أيضاً إلى أشهر، بحسب آليته، وبالتالي إذا فُنّدت يكون المدفوع لا يتخطى الرقم الطبيعي».
وكان «المركزي» يوفر 100 مليون دولار شهرياً لاستيراد الدواء، وهو معدل الاستيراد في عام 2019،
وقلص هذا الرقم إلى النصف، وفق الاتفاق الأخير في القصر الجمهوري، وأنهت وزارة الصحة العامة ترتيب مسؤوليتها فيه
من خلال إنجاز لائحة الحاجات الملحّة الدوائية منذ نحو أسبوع.
ولم ينفِ الأمين أن هناك تهريباً وتخزيناً، لكنه أكد أن مواجهة المهربين «من مسؤولية القوى الأمنية»،
ورأى أنه «لا يمكن ضبط التهريب إلا ببطاقة صحية لكل مواطن، بحيث يحصل على الدواء من الصيدلية،
بموجب وصفة طبية ضمن نموذج مكننة لضمانة الشفافية منع التخزين والتهريب».
وكان وزير الصحة شدد على أن «صحة المواطن هي الأهم بالمفاضلة مع السلع الأخرى»،
وتمنى على «المصرف المركزي تقدير خطورة الموقف»، مؤكداً «أننا معه لتصويب الدعم ومراقبته؛
فوزارة الصحة العامة تريد ضبط الفاتورة، إنما من دون زعزعة النظام والسلسلة الدوائية للمواطن».