اخبار محلية

لبنان المعطل قنبلة تهدد الجوار!

المصدر: روسيا اليوم

نشرت صحيفة “زافترا” الروسية مقالاً للكاتب والمحلل السياسي رامي الشاعر حول التطورات في لبنان، جاء فيه:

تتدهور الأوضاع في لبنان من سيء إلى أسوأ، دون أن تظهر ملامح لما يمكن أن يبدو عليه قاع الأزمة، التي كلما مرت بإحدى مراحلها، ظننا أن القاع قد أصبح وشيكاً، إلا أننا نمارس سقوطاً حراً لا يبدو له قاع حتى اللحظة.

ما نلاحظه، ويؤلمنا شديداً، هو تقاعس بعض القوى السياسية المؤثرة، والتي كان يجب أن تلعب دوراً بارزاً في إقناع الرئيس عون بقبول قائمة الوزراء الـ 24، التي تقدم بها الحريري، وهم جميعاً أخصائيون لا هدف لهم سوى العمل حصراً على إخراج لبنان من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، دون أي أجندة سياسية مرتبطة بأي من الأحزاب.
كان من المفترض أن تحظى مثل هذه الحكومة بتأييد عربي ودولي واسع، حتى تبدأ عجلة الإنقاذ، التي تأخرت كثيراً، في الدوران.

لكن رهانات عون على تشكيل حكومة تحمل لوناً أو لونين لن تتحقق في ظروف الوضع الحالي، ويستحيل أن تشكّل مخرجاً من الأزمة الراهنة.

يتعامل الرئيس، ميشال عون، وفريقه مع الملف الأزمة اللبنانية كصالة للقمار تعلو فيها الرهانات، وتتزاحم سعياً نحو المكسب الأعلى، والذي يعني بالتبعية خطورة أعلى وأعلى. لكنه في الوقت نفسه يعطي انطباعاً وكأنه يتعامل مع المشهد اللبناني كرقعة شطرنج تتحرك فيه القطع وفقاً لقواعد اللعبة السياسية الراسخة، في وقت لا يحتاج فيه الشعب اللبناني لا إلى القمار ولا إلى الشطرنج، ولا إلى أي لعبة أخرى. فقد سأم الشعب اللبناني اللعب، وبلغ الضيق مبلغه. فلا كهرباء، ولا ماء، ولا صحة، ولا بنية تحتية، ولا أفق لأي ركن من أركان الدولة. الدولة اللبنانية في خطر، ولا تحتمل أي ألعاب سياسية،

تلك هي الحقيقة الماثلة أمام الجميع، والتي يعجزون عن النظر في المرآة لرؤيتها،

ناهيك عن التعامل معها بروح المبادرة والمباغتة السياسية المسؤولة والمحسوبة.

يحتاج لبنان إلى إرادة سياسية للحل، ويحتاج إلى تفكير خارج الصندوق، وخارج الأطر القديمة البالية، ولكن مع حساب كل المخاطر التي تحملها كل خطوة في أي اتجاه.
منذ أيام، قرأت دراسة قديمة تحمل عنوان “توقعات 2020 – استشراف مصري لأبرز قضايا الإقليم والعالم”

صادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية،

وهي من تحرير الدكتور خالد حنفي علي، وتحت إشراف المدير العام، الدكتور خالد عكاشة،

وباستشارة أكاديمية من الدكتور عبد المنعم سعيد.

دراسة وافية شافية عن كل ما يهم العالم العربي من قضايا إقليمية ودولية،

وخريطة واضحة ومحددة لكل التيارات التي تؤثر من قريب أو من بعيد على المشهد المعقد في المنطقة، مع وضع توصيات وتوقعات

لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في العام الجديد. والآن وقدر مر على هذه الدراسة عام ونصف العام تقريباً،

أصبح بإمكاننا الحكم على قدرة ورؤية المتخصصين ممن شاركوا في إعداد هذه الدراسة الكبيرة (نشرت في 91 صفحة)

خاصة وأن كثيراً مما توقعوا قد حدث، وكثيراً مما أوصوا به لا زال قيد الدراسة والتحليل،

ونحلم أن يدخل حيز التنفيذ، فيما يخص تضامن البلدان العربية تحت لواء جامعة الدول العربية أمام التحديات والصراعات الدولية،

التي أصبح عالمنا العربي مسرحاً لتطوراتها.

إن دراسات مثل الدراسة المذكورة، والتي نشرت في أحد الأقطار العربية،

ولا أشك في وجود كوادر مشابهة في جميع الأقطار العربية، ما يمكننا من الوصول إلى رؤى أوسع، وأشمل، وقدرة أكبر على استشراف المستقبل،

والعمل بصيغة الفعل لا بمنطق رد الفعل. لقد سئمنا التكتيك، وآن أوان الاستراتيجية،

والوطن العربي من الخليج إلى المحيط يمتلك كل ما يلزمه لكي تصبح هذه المنطقة قوة بارزة في العالم،

تحسب حسابها القوى العظمى، والتحالفات الدولية على اختلافها.

إن ما يحدث في لبنان، لا يحدث في لبنان وحده، بل يمتد وينتشر ويحدث في العالم العربي بأسره،

ونحن نحتاج اليوم والآن مراكز بحثية تحت لواء الجامعة العربية،

تعتمد لغة واحدة، وتصدر توصيات لتكون مصدراً ملهماً للقرارات الاستراتيجية التي تتخذها الأمة العربية.

توصيات تضع في صدارة أولوياتها مصلحة المنطقة، وشعوب المنطقة،

ووحدة المصير، وتماهي الثقافات والأعراق والديانات في المنطقة،

وتجابه كل الصعوبات والتحديات وحتى العقوبات الدولية، التي تمنع الدول العربية،

على سبيل المثال لا الحصر، من مساعدة لبنان، بعيداً عن الآليات الدولية، خوفاً من أي ربط ما بين الأزمة اللبنانية والسورية،

والضرر الذي يمكن أن يلحق بأي جهة تمد يد العون للبنان خارج إطار التوافق الدولي على الحكومة اللبنانية الجديدة،

ودون الالتفات إلى الجانب البشري من القضية، وهو معاناة الشعب العربي اللبناني.

يحدث ذلك في الوقت الذي تشارك الكثير من الدول العربية في محافل ومؤتمرات دولية لمساعدة قضايا أبعد

ما تكون عن عالمنا العربي. فهل آن الأوان أن ندرك نحن العرب أهمية إنشاء مثل هذه المراكز،

أو تفعيل ما يعمل منها، لخدمة قضايا المنطقة تحت مظلة الجامعة العربية؟ أتمنى ألا يدركني الأجل قبل أن أرى ذلك،

وكما قال الحريري معتذراً عن تشكيل الحكومة اللبنانية: “الله يعين البلد (لبنان)”، ونضيف: ويعين الأمة العربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى