المصدر: نوال الاشقر
عدّاد “كورونا” في لبنان عاد ليسجّل أرقامًا مرتفعة، هي الأعلى منذ عدة أسابيع. 60% من إصابات كورونا في لبنان من فئة المتحور الهندي “دلتا” سواء تلك التي تظهر في الداخل أو بين الوافدين، بحسب ما كشف رئيس اللجنة الوطنيّة لإدارة لقاح “كورونا” الدكتور عبد الرحمن البزري في حديث لـ “لبنان 24”. البزري كشف أنّ الإصابات الأولى لدلتا في لبنان ربما تعود إلى منصف شهر أيار،
بحيث لم يتمّ اكتشافه قبل أن يبدأ البحث عنه، كما أنّ المتحور “ألفا” البريطاني موجود في لبنان، ولكن “دلتا” الأكثر شيوعًا.
الخطورة ليست في مؤشر كورونا بحدّ ذاته،
بل في الوضع الإستشفائي المتردّي في البلد نتيجة الأزمة المالية،
حتّى أنّ عددًا من المستشفيات أوقف تقديم الخدمات الصحيّة، باستثناء الحالات الطارئة،
بسبب الصعوبات المالية. كما أنّ الدولة لا تملك استراتيجية لمجابهة “دلتا” وغيره من السلالات المتحوّرة،
فيما لو اتسعت دائرة الإصابات واحتاجت إلى رعاية صحيّة في المستشفيات.
البزري لفت إلى أنّ وصول المتحور “دلتا” إلى لبنان كان أمرًا متوقّعًا،
وقد وصل إلى معظم دول العالم، والدول التي لا تعترف بوصوله،
هي الدول التي لا تفتّش عنه بين الإصابات. أضاف البزري “المتحور “دلتا”،
ونظرًا لقدرته الكبرى على الإنتقال بسرعة، يتحوّل مع الوقت إلى النوع الأكثر شيوعًا في البلد الذي يصل إليه،
هكذا حصل في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا”.
نشهد موجة جديدة من كورونا
البزري أكّد أنّ كلّ المؤشرات تشير إلى زيادة في الإصابات “سواء سمُّيت موجة ثالثة أو رابعة،
وذلك لأسباب متعددة، أولًا فتح البلد في الداخل بموسم الإصطياف،
والحاجة الى ذلك لتحريك العجلة الإقتصادية والحياتية والمعيشية،
ثانيًا فتح المطار ودخول الآف الوافدين، وثالثًا قدرة “دلتا” على الإنتقال بسرعة.
بالمقابل المؤشرات الوبائية الأخرى لا زالت ضمن الإطار الجيد،
أي أنّ نسبة الوفيات في الحالات الإيجابية لا زالت متدنّية،
ونسبة إشغال المستشفيات وغرف العناية المكثّفة لا زالت منخفضة.
وبالتالي هذه مؤشرات جيدة، لكن من دون شك، وضعنا الإستشفائي يختلف اليوم عن وضعنا قبل عدّة أشهر. في حينه،
عندما استنفرنا البلد والمستشفيات لمواجهة كورونا، كان هناك إمكانيات متاحة، مالية دوائية وما يتعلق بالفيول أويل والكهرباء والأوكسجين،
اليوم تراجعت هذه الإمكانيات إلى حدود كبيرة. بالإضافة، غادرت البلد موارد بشرية،
ولكن لا زال هناك طاقة بشرية، ونقاط الضعف تكمن في الإمكانيات العينية والمالية والبنى التحتية،
فقد تضررت بشكل كبير، من هنا التخوف من انتشار الحالات بشكل أكبر، وحاجتها لدخول المستشفيات”.
في لبنان مناعة مجتمعية نسبيّة
في قراءته لمجمل المعطيات، يلفت البزري إلى وجود مؤشرات تصب في صالحنا،
“تتمثّل بنسبة المناعة الجيدة، بفضل تلقي قسم كبير من الشعب اللبناني جرعة أولى على الأقل من اللقاحات المضادة لكورونا،
كما أنّ عددًا كبيرًا من الوافدين تلقوا اللقاحات خارج لبنان، لذلك المناعة المجتمعية تؤمّن نوعًا من الحماية نسبيًا،
وهذا ما نلمسه من خلال نوعيّة الإصابات، بحيث تتركّز معظمها في صفوف الفئات العمرية ما دون الستّين،
وإصابات أقل لدى الفئات العمرية بين 70 و80 من الذين تلقّوا اللقاحات.
أمّا الإصابات التي تسجّل لدى فئات عمرية صغيرة، فقد يكون سببها عدم تلقيح هذه الفئات،
كما أنّها تعتبر من الفئات الأكثر اختلاطًا، في أماكن السهر وغيرها”.
أضاف البزري “نسبة التلقيح ونسبة المناعة المجتمعية تؤمّن لنا حماية نسبيّة.
يضاف إلى ذلك الخبرة التي أكتسبها الأطباء في التعامل مع كورونا، وفي معالجة المرضى في بيوتهم،
لذلك نأمل ألّا نصل إلى مرحلة الضغط على المستشفيات مرة ثانية”.
لتفادي تكرار السيناريو السابق في انتشار الوباء وإشغال المستشفيات،
لا بدّ من تحقيق ثلاثة أمور وفق البزري “زيادة نسبة التلقيح، وجعلها أكثر فعالية.
إعادة تثقيف المواطن على ضرورة الإلتزام بالإجراءات،
ليكون حارسًا لصحتّه وصحّة المحيطين به”. أمّا على صعيد الدولة رأى البزري أن ليس هناك من إدارات في الدولة
قادرة على القيام بوظائفها في ظل الوضع الراهن، باستثناء وزارة الصحة “في الإطار نسأل
عن دور المعنيين بمراقبة التفلّت الحاصل في الإطار السياحي،
ونوجّه دعوة من خلالكم لكلّ اللبنانيين، بأنّ فصل الصيف مهم ونحن نريده منتجًا،
ولكن هذا لا يعني أنّه يجب تعويض خسارة سنتين بشهر واحد، فلتُعوض بشكل تدريجي ومدروس، كي لا نقع بالمحظور”.
نصيحة للمسنّين
ردًا على سؤال عن حاجة من تلقّوا لقاحات سينوفارم وسبوتنيك إلى جرعات من لقاحات أخرى لمواجهة المتحور الهندي والبريطاني، لفت البزري إلى أنّ إدراك اللقاحات الفعالة بمواجهة المتحورات،
لا يعني أنّ اللقاحات الأخرى غير فعالة “صحيح أنّ استرازنيكا وفايزر لديهما فعالية عالية لا سيّما لمن يأخذ جرعتين،
ولكن لا نملك داتا عن اللقاح الروسي، وكونه قريب من جونسون أند جونسون، والأخير أظهر فعالية،
لذا نعتقد أنّ للقاح الروسي فعالية حيال المتحورات. أمّا فعالية سينوفارم فمقبولة بالنسبة للفئات الشبابية،
ممن لا يعانون من أمراض مزمنة، وأنصح من تناولوا لقاح سينوفارم من الفئات العمرية فوق الستّين،
ويعانون من أمراض مزمنة، أن يسجّلوا أسماءهم على المنصة للحصول على لقاح فايزر أو أسترازنيكا”.
بو شاهين: دلتا تفشّى في المناطق والمستشفيات عاجزة
بدوره مدير المركز الوطني لجودة الدواء والغذاء والماء في لبنان، وعضو اللجنة العلميّة الخاصة باللقاح الدكتور نزيه
بو شاهين تخوّف في حديث لـ “لبنان 24” من عدم قدرة القطاع الإستشفائي على استيعاب موجة جديدة من الوباء
” فأوضاع المستشفيات والطواقم الطبية والأدوية والمستلزمات الطبية والإمكانيات المادية تبدّلت،
ولم تعد الإمكانيات متوفرة لمواجهة الموجة القادمة قريباً”.
بو شاهين شدّد على وجوب إلتزام المواطنين بالوقاية، كونها أذكى وأرخص من العلاج، مضيفًا ” نسبة إيجابية الفحوص
التي بدأت بـ0,8% مع وصول متحور “دلتا”، ووصلت أمس إلى حدود 3%، وهي مرشحة لمزيد من الارتفاع.
أضف إلى ذلك انتقال “دلتا” من خانة “الوافدة” إلى “المحلية”، يعني تفشّي الفيروس.
وهو ما أشارت إليه نتائج الفحوصات التي أُجريت في مختبرات الجامعة اللبنانية لناحية وصول المتحوّر إلى معظم المناطق”.