المصدر: الإندبندنت
نشرت صحيفة “الإندبندنت” تقريراً تحت عنوان “لقد خاطروا بكل شيء للفرار من الحرب والجوع في سوريا. الآن، مع انهيار لبنان، يخططون للعودة”.
وتقول كاتبة المقال بل تْرُو إن أحد اللاجئين السوريين الذين قابلتهم في سهل البقاع ويدعى سلطان (46 عاما) يقول إنه “يفضل المخاطرة بالموت في سوريا على البقاء في لبنان والموت جوعاً”.
ووفقاً للصحيفة، فإنّ الوضع أصبح “قاسيا للغاية في لبنان وهو يجبر اللاجئين على اتخاذ قرارات لا يمكن تصورها مثل إعادة أطفالهم إلى منطقة حرب نشطة”.
وقال مسؤولو الأمم المتحدة لصحيفة الإندبندنت إن “جميع” اللاجئين السوريين الذين يقدر عددهم بالمليون في لبنان، “يعيشون الآن تحت خط الفقر المدقع، مما يعني العيش على ما يزيد قليلاً عن دولار واحد في اليوم”.
وأكد سلطان للصحيفة أنه لم يتمكن من العثور على مساعدة أو مال أو مأوى أو طعام لزوجته وأطفاله الـ4، لذلك اضطر لإرسالهم إلى والديه في ريف دمشق، عبر طرق التهريب التي استخدموها في الأصل للفرار.
ويضيف أنه “غير قادر على العثور على عمل والبقاء على قيد الحياة”
من خلال أكل عدد قليل من البطاطا المهملة التي يحصل عليها من كشك الخضار الخاص
بأحد أصدقائه كل يوم، ويعتقد أن الحياة في سوريا “قد تكون أقل جحيما من لبنان”.
ولذلك، وعلى الرغم من مخاطر “التجنيد العسكري الإجباري أو خطر الاعتقال
أو ما هو أسوأ في سوريا، حيث تحتدم الحرب وأزمة اقتصادية منفصلة”، يقول سلطان انه يخطط للعودة.
ويضيف في حديثه للإندبندنت: “أعلم أنه من الانتحار العودة (الى سوريا)، لكني لا أعرف ما الذي سيحدث لي هنا”.
ويعيش سلطان في غرفة صغيرة مع 3 رجال سوريين آخرين في وضع مماثل ويقول:
“أقسم أنني بعد أسبوعين آخرين لن أجد طعاما على الإطلاق”.
ومع هذا، فقد كشف سلطان أنه دفع 800 ألف ليرة للمهربين لإرسال أسرته إلى سوريا،
وهو سعر أرخص بكثير من مبلغ 1000 دولار الذي يطلبه المهربين لمحاولة الإبحار إلى أوروبا عبر قبرص.
وقال للصحيفة: “أختار الموت المحتمل في سوريا على الجوع هنا لأن الموت أسهل من الجوع”.
وأضاف: “الوضع ليس آمنا ولكنه الجحيم هنا والجحيم هناك”.
وتشير الكاتبة إلى أن العدد الإجمالي للعائدين من لبنان إلى سوريا غير معروف.
إلا أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قالت للإندبندنت إنها وثقت منذ عام 2016 عودة أكثر من 68 ألف لاجئ إلى سوريا،
على الرغم من أنه من المتوقع أن يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير حيث يعبر الكثيرون بشكل غير قانوني ولا يمكن عدهم بسهولة.
ونقلت المراسلة عن الأمم المتحدة قولها إن “أكثر من ثلاثة أرباع الستة ملايين شخص الذين يعيشون
في لبنان ليس لديهم طعام أو مال لشراء الطعام”.
وقالت عائلات اللاجئين السوريين الذين تحدثت إليهم الصحيفة،
إنه مع حلول الصيف، باعوا كل بطانياتهم مقابل شراء الطعام والآن يخشون الشتاء المقبل.
كذلك، تحدث آخرون عن تبديل الملابس والأثاث بحليب الأطفال والحفاضات والأدوية.
كذلك، فقد أشارت الصحيفة الى ان تزويج الأطفال وعمالتهم أيضا آخذان في الارتفاع.
وقال أياكي إيتو، ممثل المفوضية في لبنان للإندبندنت إنه “في عام 2019،
كان حوالي نصف اللاجئين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر المدقع وفي نهاية عام 2020، ارتفعت هذه النسبة إلى 90 في المئة،
ولكن اليوم، جميعهم تقريبا يعيشون في فقر مدقع”.
وأضاف: “مع ارتفاع مستويات الفقر بين اللبنانيين، تزداد التوترات بسبب التنافس على الموارد الشحيحة”.
وتابع أياكي: “هذا مصدر قلق للجميع”.
وأشارت الصحيفة الى أن ما يقرب من 20 لاجئا قابلتهم مراسلتها،
قالوا إنهم واجهوا عداء متزايدا من السكان المضيفين والذي أصبح سريعا عاملا آخر في الرغبة في العودة إلى ديارهم.
كذلك، قابلت المراسلة في عرسال أحد اللاجئين ويدعى أبو عبده، 65 عاما،
والذي فكك خيمته لاصطحابها معه لأن منزله كان دمر في القتال.
وأضافت المراسلة أن عائلتان أخرتان على الأقل، قابلتهما الإندبندنت، تحدثتا عن تفكيك خيامهما وفعل الشيء نفسه.
وقال أبو عبده للإندبندنت إن نقص المال والغذاء والوقود والعداء المتزايد تجاه اللاجئين
لم يكن السبب الوحيد للمغادرة، وتابع: “هناك أيضا مخاوف من أن يتفكك لبنان تماما”.
وقال الأب لـ10 أطفال: “الوضع في لبنان سينفجر”، وأضاف:
“عندما تضع مثل هذه الأنواع من المشاكل والضغوط على أي شخص فإنها يمكن أن تنفجر فقط.
كانت بلدي في يوم من الأيام مثل لبنان الآن”.
وأشارت الصحيفة الى أن الأزمة الإنسانية في سوريا قد تكون “أسوأ من أزمة لبنان من نواح كثيرة”،
إذ يحذر مسؤولون في الأمم المتحدة من أن التضخم في سوريا تجاوز 150 بالمئة وأن العملة فقدت 99 بالمئة من قيمتها منذ بداية الحرب.
وقالت إليزابيث تسوركوف، وهي محللة وباحثة متخصصة في شؤون المنطقة، للإندبندنت: “أعتقد أننا نتجه نحو مجاعة في البلدين”.