بقلم منير الربيع – المدن
في حال استمرت الأمور على مسارها الحالي: نجيب ميقاتي رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة يوم الإثنين المقبل. ووفق المعطيات المتوفرة حتى الآن، ليس من مرشحّ يتقدم على ميقاتي.
بورصة ميقاتي
فالرئيس نبيه برّي يرفض إجراء استشارات قبل الاستشارات. وبمعنى أوضح: لا يريد الدخول في بازار تفاوضي مفتوح للمساومة على رئيس للحكومة. وهذا يعني تمسكه بنجيب ميقاتي، بناء على آخر اجتماع عقده مع الحريري في عين التينة. واتفقا فيه على تكليف ميقاتي في حال اعتذار الحريري. وكان بري مصراً -ولا يزال- على تكليف شخصية يتبناها رؤساء الحكومة السابقون، وتتمتع بحيثية. وهذا ما يتوفر في ميقاتي.
وفي الاستشارات النيابية المزمعة، سيسمي الميقاتي كل من: كتل التنمية والتحرير، المستقبل، المردة، واللقاء الديمقراطي، والحزب السوري القومي الاجتماعي. وهذا ما يمنحه الأكثرية، بمعزل عن موقف حزب الله، الذي من الواضح أنه يسير مع من يوافق عليه الحريري.
وطريق ميقاتي إلى التكليف معبدة إذاً، في حال لم تعرقلها تفاصيل قد يستمر الخلاف عليها مع رئيس الجمهورية وتياره.
هل يستجيب لعون؟
وتكشف معلومات عن مشاورات غير مباشرة مع عون وباسيل للوقوف على قرارهما حيال تكليف ميقاتي.
والتيار العوني لن يسمي رئيس حكومة مكلف بلا تواصله المباشر والمسبق معه، لأن هذا التيار لن يتخذ قرار التسمية إلا على أساس التفاوض مسبقاً مع من يسميه. وفي حال وافق التيار العوني على التسمية، يعني أن التواصل حصل وتم الاتفاق على نقاط معينة. وإلا سوف يحصل للميقاتي ما حصل للحريري في التصويت والاستشارات.
ويبقى احتمالان أمام عملية التشكيل: دخول ميقاتي في مفاوضات مباشرة مع عون وباسيل حول آلية التشكيل،
للحصول على توقيع رئيس الجمهورية لاحقاً. وإما أن يرفض ذلك فيتكرر سيناريو الحريري، تكليفاً وتأليفاً.
وهنا لا يمكن حسم الوجهة التي تذهب الأمور في اتجاهها.
ولا يمكن الظن بأن عون -بعد نجاحه في إبعاد الحريري– يمكن أن يتساهل مع ميقاتي، بل سيتشدد أكثر.
وفي الحدّ الأدنى يظل على شروطه إياها، ولا يمكن للميقاتي تحمّلها أو تلبيتها.
وهناك وجهة نظر أخرى تعتبر أن ميقاتي مدعوم من بعض الجهات الدولية،
وأنه قد يشكل خشبة خلاص العهد بعد اعتذار الحريري. أو قد يدير المرحلة بحد أدنى من الخسائر،
وبنوع من تدوير الزوايا، منتهجاً سلوكاً يمنع عون وباسيل من تحقيق انتصارات. فيعزز بذلك وضعيته السياسية،
ويبقى محصناً بالطائفة السنية التي ستلتف حوله، إضافة إلى موقف برّي الذي يدعمه.
ضحية ثانية؟
وتستمر الاتصالات والمشاورات حتى موعد الاستشارات النيابية،
لمعرفة حقيقة موقف عون. ولا بد أيضاً من انتظار اتضاح موقف كتلة المستقبل، خصوصاً أن الحريري أعلن أنه لن يسمي أي شخصية،
ولن يدعم أي حكومة. لكن اتصالات كثيرة تستمر لحثه على التراجع عن هذا الموقف.
وهناك احتمال أن تحتاج المشاوارت إلى مزيد من الوقت لإنضاج ظروف التكليف. وهذا يعني تأجيل الاستشارات.
ولكن فلنعتبر أن التكليف حصل. فكيف يكون مسار التأليف؟
لا شك في أن المسار صعب ومتعرج بسبب شروط عون، التي لا يبدو أنه في وارد التنازل عنها.
بل يصر على الانطلاق من حيث وصل مع الحريري.
لا سيما في ما يتعلق بوزارتي العدل والداخلية.
ولنفترض أن ميقاتي تنازل عن هاتين الوزارتين، وهذا مستبعد حتى الآن.
لكن يمكنه الاختباء خلف موقف الحريري الذي تنازل عنهما. وهل يكون ميقاتي المكلف جاهزاً لتقديم تنازلات
أكثر في ما يخص الوزراء المسيحيين، أو الثلث المعطل؟
وفي حال موافقته على شروط عون لتشكيل حكومة، يكون قد ثبت التفسير العوني للطائف ضارباً عرض الحائط شهوراً
من إدعاء ميقاتي الدفاع عن الطائف في إطار رؤساء الحكومة السابقين. أما إذا رفض ذلك،
فما الذي يدفع عون إلى التنازل للميقاتي، وتغيير شروطه التي فرضها على الحريري؟