بقلم بولا اسطيح – Alkalima Online
كما كان متوقعا، تراجع منسوب التفاؤل المفرط الذي احاط عملية تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة والايام الاولى من انطلاق العملية.. تفاؤل اوحى لوهلة ان الزعيم الطرابلسي قادر خلال ايام على انجاز ما عجز عنه الزعيم السني سعد الحريري خلال اشهر!
فاعلان ميقاتي مؤخرا عدم التزامه بمهل زمنية ورفضه رسم خطوط حمراء سيعلن عند تجاوزها اعتذاره، خير دليل انه تيقن ان طريقه الى السراي غير معبدة تمامًا وان الوعود وما قال انها “ضمانات دولية” غير قادرة وحدها على ضمان تأليف سلس وسريع.. ولعل الوعود
والضمانات الفرنسية السابقة للحريري والتي ذهبت ادراج الرياح كان يجب ان تكون درسا للميقاتي الا اذا كان الدرع الذي قرر به خوض البحر الحالي الهائج امتن واقوى من الدرع الحريري، وهو ما سيتبين قريبا جدا.
ويمكن الحديث عن ٣ اجوبة يمكن ان تحسم مصير ميقاتي وحكومته الموعودة وهي:
اولا، هل الدعم والدفع المشترك الفرنسي- الاميركي يلقى صدى ما خليجيا وبالتحديد سعوديا؟ خاصة وان كل الاشارات الواردة من الرياض حتى الساعة لا توحي على الاطلاق بمباركة سعودية للتكليف الميقاتي وان كان ذلك لا يعني وجود فيتو على اسمه كما هي الحال مع اسم الحريري. ويبدو ان ميقاتي كان يدرك ذلك قبل قرار الموافقة على التكليف وهو يعول على عرابيه الفرنسي والاميركي لتليين الموقف السعودي وان كان لن يتردد بانجاز عملية التشكيل حتى ولو بقي الموقف السعودي “غير مبال”.
اما الجواب الثاني المنتظر فعلى سؤال ما اذا كان الاقطاب السنة يدعمون حقيقة ميقاتي ويريدون
ان يشكل حكومة ويتصدى للانهيار الحاصل. فرغم تأكيدهم ذلك وخروجهم موحدين لاعلان
ترشيحهم له ودعمه، يمكن رصد اشارات متضاربة في هذا المجال،
خاصة ان المنطق يقول انه وعلى ابواب الانتخابات النيابية سيحاول كل منهم احراق الآخر لضمان
الحصول على اصوات مناصريه.. هذا عدا التنافس غير الحاد والمعلن، كما هي لدى المسيحيين، على الزعامة السنية،
بحيث يعتقد كثيرون ان زعامة الحريري باتت مهددة اكثر من اي وقت مضى خاصة بعد فقدانه الحضن السعودي
وتلاشي الاهتمام الدولي به وتعويل البعض على ان يلعب ميقاتي في المرحلة المقبلة
دورا يشبه الدور الذي لعبه رفيق الحريري في تسعينيات القرن الماضي.
اما الجواب الثالث والذي قد يكون الابرز لحسم امكانية انجاز ميقاتي عملية التشكيل، فعلى سؤال ما اذا كان “الثنائي”
عون-باسيل بصدد ان يعطي ميقاتي ما لم يعطه للحريري. وفي هذا المجال يبدو ان عون سيقابل ليونة ميقاتي
بليونة مماثلة من دون ان يعني ذلك الاقدام على تنازلات دفعة واحدة. وتشير المعطيات
الى ان عملية شد الحبال قد تبلغ مداها خلال الاسبوعين المقبلين قبل ان انطلق جهود تدوير الزوايا التي
تبدو اكثر من اي وقت متاحة في ظل جملة خيارات من ضمنها مثلا تسليم الداخلية والعدل لشخصيتين قريبتين
من عون وميقاتي في آن وغير محسوبتين على اي فريق، وهو ما يحل اشكالية اساسية تعترض مهمة ميقاتي حاليا.
وبحسب المعلومات من المفترض ان تكون هذه الاجابات تبلورت قبل منتصف شهر لتتضح بحينها السيناريوهات
التي ستكون على الطاولة، وان كان سيناريو نجاح ميقاتي بتأليف الحكومة يتقدم حاليا على سيناريو الفشل وان كان بنسبة بسيطة.