خبير اقتصادي يكشف مصير الدولار المقلق حتى بعد تشكيل الحكومة في لبنان…

المصدر: لبنان 24

تحت عنوان “سيناريو حل أزمة لبنان.. هل سينخفض الدولار بعد تشكيل الحكومة؟”، نشر محمد الجنون في لبنان 24: 
خلال السنوات السابقة، كان الناس لا يأبهون كثيراً لعملية تشكيل الحكومة ولا للمفاوضات التي تجري بشأنها. فقبل أكثر من عامين، وتحديداً قبل انتفاضة 17 تشرين، لم يكن اللبنانيون يلتفتون إلى شكل الحكومة وتوزيع الحقائق فيها، كما أنهم عاشوا فراغاً رئاسياً بين العامين 2014 و الـ2016 من دون أن يعيروا اهتماماً كبيراً لذلك. وفعلياً، كان سبب كل ذلك هو أن الوضع الاقتصادي لم يكن يشهد انهياراً كما اليوم، فالدولار كان ثابتاً ورخيصاً وقيمة الرواتب عالية نسبياً، وبالتالي لا داعي لـ”وجع الراس بالسياسة

“.

أما اليوم، فإن أنظار الناس تتجه بشكل كبير إلى الحكومة، وقد بات كل شيء مرتبطاً بها. فحينما يُقال أن هناك تسهيلات قد تقود نحو التأليف، يتنفس الناس الصعداء ويقولون: “قربت تنحل”.. أما عندما يرون صعوبات على صعيد التشكيل، يزداد الإحباط أكثر ويرتفع الدولار وتزداد الأسعار وتتفاقم الأزمات.

ووسط كل ذلك، فإن السؤال الاساسي الذي يطرحه الناس بشكل مستمر مع كل استحقاق سياسي: “هل سينخفض الدولار مع تشكيل الحكومة وهل سنشهد انتعاشاً لليرة اللبنانية؟”

في الواقع، فإن الدولار اليوم يشهد تقلبات حادّة ولا يمكن ضبط سعره طالما السوق الموازية تشهد مضاربات كثيفة. وإضافة إلى ذلك، فإن الدولار لن يشهد أي استقرار طالما طباعة الليرة مستمرة بشكل كبير، وهنا بيت القصيد.

في حديثٍ لـ”لبنان24″، يقول الخبير الاقتصادي باتريك مارديني إنّ “التقلبات الحادة للدولار مرتبطة بالدرجة الأولى بالعامل السياسي وهي على المدى القصير”، وأضاف: “سيناريو الدولار يرتبط بالوضع النفسي في البلد، وكلما شعرنا أن الحكومة اقتربت ، فان سعر الصرف سينخفض قليلاً، وكلما نرى أن تشكيل الحكومة يواجه صعوبات، سنشهد ارتفاعاً في سعر الصرف”.

ورداً على سؤال حول إمكانية انخفاض سعر الدولار في حال تشكيل حكومة، قال مارديني: “بعد تشكيل الحكومة قد ينخفض الدولار قليلاً لكنه سيشهد منحى تصاعدياً طالما ما زلنا نطبع الليرة بكثافة لتمويل سحوبات اللبنانيين من المصارف ولسد عجز الموازنة، وطالما بقينا نستخدم الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان

“.

وأضاف: “المؤسسات المصرفية ليس لديها دولارات لرد أموال الناس، وبالتالي تحتاج لطباعة العملة الوطنية لإتمام ذلك، ما يعني ارتفاعاً في سعر الصرف، وهذا الأمر يحصل حالياً وإذا استمر بعد تشكيل الحكومة فإن الدولار سيشهد ارتفاعاً. كذلك، فإنّ الحكومة الحالية تهدر الاحتياطي الالزامي لتمويل النفقات العامة وشراء فيول ومحروقات، وهذا أمرٌ يساهم أيضاً بتقلب سعر الصرف، في حين أن المضاربة لا تغير كثيراً في السوق”.

وإضافة إلى ذلك، ينصح مارديني الناس بعدم بيع الدولار إلى في حال الضرورة، كما يدعو إلى عدم المشاركة في المضاربة لأنها ستساهم في تعميق الأزمة أكثر، وقال: “طباعة الليرة المستمر والذي يدخل في تعزيز المضاربة سيساهم في زيادة الطلب على الدولار، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع سعره”.

ما الحل؟

وفعلياً، فإن الأمر الأساس للحل، بحسب مارديني، يتحدد في خطوة أولى وهي إنشاء مجلس نقد يعمل على لجم ارتفاع سعر الصرف ويساهم في وقف التضخم وغلاء الأسعار.

ويوضح مارديني أن “مجلس النقد هو مجموعة من القواعد الصارمة تضبط عمل المصرف المركزي بشكل يجعله غير قادر على طباعة الليرة طالما لا تغطية بالدولار في المقابل على أساس سعر صرف ثابت”، وقال: “هذه الخطوة الاصلاحية تساهم في تثبيت سعر الدولار ويجب أن يتم تبنيها بأسرع وقت ممكن”.

وأشار مارديني إلى أن عملية انشاء مجلس نقد تعيد الثقة بالليرة، وبالتالي تساهم في إعادة تنشيط الحركة في البلاد وتنشيط الاستثمارات وضخ الأموال فيها من قبل الممولين الأجانب، وقال: “عندما يرى المستثمر استقراراً في سعر الدولار في لبنان، سيبادر فوراً إلى تشغيل أمواله هنا، ما يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية”.

كذلك، لفت مارديني إلى أن الخطوة الأساسية الأخرى تتمثل في إجراء إصلاح بالقطاع العام وضبط النفقات، في حين أن هناك خطوة أخرى هامة تتمثل في تفكيك الاحتكارات الموجودة في لبنان بمختلف القطاعات. وهنا يقول مارديني: “في بلدنا هناك شركات تحتكر القطاعات، مثل شركة طيران واحدة، وشركة واحدة للكهرباء وشركة واحدة للانترنت وشركة واحدة للتبغ والتنباك على سبيل المثال. في حال فككنا الاحتكارات، فإننا سنسمح بالمنافسة وبالتالي نجذب الاستثمارات الأجنبية إلى لبنان ويصبح لدينا شركات متعددة تقدم خدمات جيدة للمواطنين بعكس الواقع الحالي”.

وعلى هذا الأساس، يمكن أن نسير بالحل، في حين أن هذا الأمر يجب أن يقترن بثقة دولية بلبنان، ويكون ذلك عبر ضخ أموال في السوق اللبناني للاستثمار، وهو الأمر الذي يعتبره الرئيس نجيب ميقاتي أولوية في خطته للنهوض الاقتصادي.

Exit mobile version