المصدر: المدن
في الضربة التي نفذها حزب الله بإطلاق صواريخ في اتجاه الأراضي المحتلة، رداً على الغارات الإسرائيلية التي حصلت ليل الأربعاء الخميس، هناك رسائل كثيرة.
الأساس الأول لدى حزب الله هو عدم تكريس الرغبة الإسرائيلية في تغيير قواعد الاشتباك. وفي حال أرادت إسرائيل ذلك، فهو جاهز أيضاً لتغييرها، ولن يترك الكفة راجحة لصالح الإسرائيليين.
النقطة الثانية: إطلاق الصواريخ من داخل نطاق القرار 1701، وإعادة العمل في نطاق مزارع شبعا، يحملان تأكيد حزب الله على بقائه ضمن قواعد الاشتباك المفروضة، مع جهوزيته لتوسيعها إذا اقتضت الحاجة. ويعلم الحزب إياه أن إسرائيل تريد توسيع نطاق عملياتها في حال تمكنت من توفير مقومات الحماية: ضمان عدم الرد كما هي الحال في سوريا. لكن هذا مستحيل. ويعلم الحزب أيضاً أن إسرائيل استهدفت قبل أيام منطقة خارج نطاق عمل القرار 1701، وتحديداً الجرمق، في إشارة إلى ممارسة المزيد من الضغوط لتوسيع نطاق عمل قوات اليونيفيل
ويقول حزب الله إنه لا يمكن ممارسة المزيد من الضغط عليه، ولا يمكن تغيير قواعد الاشتباك في لبنان. ورد الحزب إياه، توكيد على توسيع نطاق عمله أولاً، وثانياً تأكيد على أن المعادلة في لبنان تقارب من زاوية الصراع مع إسرائيل، وهو من يتقدم من هذه الزاوية وصاحب المبادرات فيها. فمن هنا تبدأ الخريطة والكلمات لدى حزب الله.
وعليه -وبفعل هذه المعادلة التي يسعى الحزب إياه إلى تكريسها وتثبيتها-
يعتبر أنه المخول الأول وربما الأوحد في التفاوض حول أي ملف خارجي أو داخلي في لبنان.
وأي مقاربة خارجية للمعضلة اللبنانية لا بد لها أن تفترض وجود هذه القوة كمدخل أساسي لأي تسوية أو تفاهم.
وعلى وقع التطورات والبحث الإسرائيلي في كيفية الردّ على ضربة حزب الله،
حصل تضارب في وجهات النظر. فالبعض لا يريد التصعيد،
والبعض الآخر يلجأ إلى اختراع معادلة جديدة اسمها “أيام قتالية” أو غارات محدودة على أهداف محددة.
وهذا ما كان حزب الله يتحضر له بالقول إنه لا يوجد في قاموسه أي مبدأ للأيام القتالية.
وفي حال حصول أي تطور لن يلتزم بالقواعد التي تريد إسرائيل فرضها، ملوحاً بالذهاب إلى خيارات تصعيدية مفتوحة.
ومن الواضح أن الطرفين يلجآن إلى التصعيد، ولكن من دون تداعيات كبيرة، ويريدان تجنّب الحرب أو المواجهة الفعلية والكبرى.
ولذلك يعملان على اختراع مصطلحات جديدة: “المنطقة المفتوحة”، أي منطقة خالية من الأهداف. أو مصطلح “استهداف محيط مواقع إسرائيلية”
ولكن ليس من مصلحة الطرفين الذهاب إلى معركة أكبر، أو أوسع. العوامل
السلبية أبعد بكثير من منافع الحرب المفتوحة وفوائدها. فلا إسرائيل جاهزة لذلك،
ولا حزب الله في وارد الدخول في مواجهة واسعة قد تؤدي إلى مفاقمة الأزمات اللبنانية،
خصوصاً في حال حصول عمليات تهجير للأهالي من منازلهم.
وتركزت الاتهامات الإسرائيلية منذ سنوات على اتهام حزب الله بأنه يستعمل منازل المدنيين والمناطق السكنية لأغراضه
العسكرية التي تستجلب الخطر على المدنيين. فهو وضع مخازن صواريخه قرب منازل الأهالي،
وبمحاذاتها يطلقها. وهذا ما بدا جليًا ومصوراً في بلدة شويا في العرقوب.
وغاية إسرائيل الأوسع هي العمل على تحقيق مثل هذا الشرخ. أي رفض الأهالي نشاط حزب الله،
وخصوصاً في البيئة الشيعية. وهنا لا بد من التذكير بمواقف سابقة لمسؤولين إسرائيليين بينهم بنيامين نتنياهو،
حول اتهام حزب الله بتخزين صواريخه في مناطق سكنية، سواء في بيروت أو الجنوب، في محاولة لتحريض البيئة الشيعية على حزبها.