قرارات همايونية للواء عثمان

“ليبانون ديبايت” – المحرر السياسي

ما عاد الحديث عن المشاكل في هذا البلد غريباً. بل إن الشعب اللبناني اعتاد على أن يسمع يومياً بأزمة جديدة تتوالد من مجموع تلك التي يعاني منها، ويسمع عنها ، في وطن تُصرّ طبقته الحاكمة، بكل مستوياتها ومندرجاتها، بما فيها الإدارية والتنفيذية، على القضاء على ما تبقّى من هيكل مؤسسات في كل القطاعات، لم يعد الأمني ببعيد عنها، بعدما انكسرت ثنائية المال والأمن كخطّين أحمرين.

ففي الوقت الذي تعاني فيه كل الطبقات الشعبية من أوضاع إقتصادية صعبة، بما فيها موظفو القطاع العام بشكل عام والأجهزة الأمنية بشكل خاص، تخرج إلى العلن بين الفترة والأخرى قرارات “هميونية” تتناقض مبرّراتها بطبيعة الحال مع الحقيقة والواقع. ففي مؤسسة قوى الأمن الداخلي، “المعطوبة” أساساً على صعيد مجلس قيادتها، وتشكيلاتها التي ما زالت حتى تاريخه، تتمّ بموجب قرارات فصل، بسبب “نخر السياسية” لهيكلها وبنيتها العسكري، بدعةٌ جديدة لمديرها العام اللواء عماد عثمان، تتعلق بمأذونيات السفر إلى الخارج ، والتي قرّر أن يعتمد فيها معاييره الخاصة، خلافاً لكل تلك المتّبعة في باقي الأجهزة الأمنية والعسكرية.

صحيحٌ أن اللواء قد يكون محقاًّ في خوفه من فرار ضباطه وعسكرييه من الخدمة نتيجة الإنهيارات الحاصلة في البلاد، وبالتالي فقدانه لنسبة جهوزية معينة. لكن السؤال الذي يُطرح: هل تكون المعالجة بإجراءات ظالمة بحقّ البعض، وقد تكون لها تداعيات خطيرة على مستقبلهم العائلي أوالشخصي؟ وهل يُمكن إجبار أحد على إكمال خدمته بالقوّة في حال قرّر ترك المؤسسة لاعتبارات خاصة؟

الجواب الحتمي، لا، وليس من باب الكيدية السياسية، أو من باب الحملات التي يتعرّض لها المدير العام لقوى الأمن الداخلي،

إنما من باب واقع الحال الذي يعيشه أفراد هذه المديرية،

والذي في حال استمرّ الظلم اللاحق ببعض أفرادها خلافاً للقانون

سيؤدّي إلى انفجار قنبلة في وجه القيّم على المؤسسة، لن يكون بالإمكان حصر تداعياتها ونتائجها.

فبأي حقّ واستناداً لأي قانون، يحقّ لمدير عام، عدم السماح لضباط في سلكه،

بالسفر إلى الخارج لتسوية أوضاع إجتماعية وعائلية، أو يرفض تمديد مأذونية علاج طبي مبرّرة بتقرير يؤكد على ضرورتها.

هي عشرات الحالات التي بدأت تتحول إلى ظاهرة، متحولةً إلى حالة تململ.

وما زاد من طين الإجراء بلّة، لجوء اللواء إلى المحسوبيات والإستنسابية، حيث الحديث عن إعطائه إذن

سفر لأحد العسكريين للسفر برفقة والده الذي يشغل وظيفةً رفيعةً في قوى الأمن الداخلي.

لسنا هنا في معرض الهجوم ولا في معرض التشكيك، إنما هل المطلوب تفريغ المؤسسة من أفرادها وضباطها،

بعدما باتت عاجزة عن القيام بمهامها بسبب تعطّل آلياتها وخروجها من الخدمة، كما أكد أكثر من مرة،

وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي؟ وهل أن القرار نابعٌ من كيدية سياسية معينة؟

أم هو نتيجة الخلاف المستعرّ بين المديرية العامة ووزير الداخلية؟

أسئلة قابلة للطرح وتحتاج لإجابات وإيضاحات من قبل المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي،

تحدّد المعايير والأسباب التي دفعت إلى هذا القرار، وشروط الإستثناءات المطروحة،

خصوصا أنه في حال كان السبب الخوف من الفرار من الخدمة، ثمة طرقٌ قانونية كثيرة لاعتمادها

بما يضمن تنفيذ القانون وحقوق المؤسسة ومحاسبة المتخلفين والمخالفين.

Exit mobile version