المصدر: ام تي في
أهلاً بكم في لبنان، بلد اللاءات، حيث لا مازوت ولا غاز ولا بنزين ولا دواء ولا استشفاء ولا استقرار ولا أمن ولا كهرباء ولا مولدات ولا مياه، وسبحة اللاءات القاتلة هذه تكرّ لتشمل المسؤولين. فلبنان اليوم يفتقد حتى لمسؤول واحد، لرجل دولة، لإنسان من لحمٍ ودمٍ يشعر بوجع الناس في ظلّ تراكم الأزمات.
وإلى “اللامسؤولين” عندنا، الذين لا يزالون يجلسون على كراسيهم، ولم يرفّ لهم جفن، عيّنة عن أسباب دفعت إلى استقالة من يُعتَبرون مسؤولين حقًّا:
وزير الزراعة في اليابان قدّم استقالته عام 2008 بسبب فضيحة غذائية تتعلق بأرز ملوّث، قائلاً: “فضيحة الأرز الملوّث صارت مشكلة اجتماعية كبيرة، إنّني في حاجة إلى توضيح مسؤولية الوزارة”.
في اليابان أيضاً استقال أحد الوزراء احتجاجاً على تقاعس الحكومة عن سن تشريع حول إصلاح البريد عام 2010،
كما استقال العام الماضي رئيس الوزراء الياباني بعد أن ساءت حالته الصحيّة “خشية أن تتأثر قراراته بمرضه”، وفق ما أعلن.
في بلغاريا مثلاً، وفي تصرّف يؤكد تحمل المسؤولية وعدم التهرب منها،
قدّم وزراء الأشغال العامة والنقل والداخلية استقالاتهم، على خلفية حادث انقلاب حافلة سياحية أدّى إلى سقوط قتلى.
أمّا في غانا، فاستقال وزير الطاقة بسبب الاستياء من طريقة معالجته لأزمة الكهرباء،
والتي تسببت في الانقطاع المتكرّر على مدى سنوات وإلحاق الضّرر باقتصاد الدولة.
وليس بعيداً عنّا، في العراق، تقدّم وزير الكهرباء باستقالته على خلفية أزمة الطاقة وزيادة ساعات التقنين هذا العام.
هذا العام أيضاً، وإثر وفاة 6 مصابين بفيروس كورونا نتيجة نقص الأوكسجين في أحد المستشفيات،
قال وزير الصحّة الأردني: “قدّمت استقالتي لرئيس الوزراء، وأتحمل المسؤولية الأخلاقية لما جرى”.
أبعد من ذلك، وعقب اضطرابات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين ومقتل شخصين أثناء الاحتجاجات ضدّ الحكومة،
أعلن رئيس جمهورية البيرو استقالته بعد أسبوع من توليه المنصب.
هذه بعض الأمثلة عن أشخاص تحمّلوا مسؤولية أفعالهم، في دول تحترم شعبها وحقوقه.
أمّا عندنا فالاستقالة غير واردة، إذ تحمّل المسؤولية بالنسبة إلى “مسؤولينا” يكون باستمرارهم في مناصبهم ومن دون محاسبة.
الكهرباء في بلدنا لا تزور المنازل وقد كلّفت الخزينة مليارات الدولارات، ولكن لا أحد مسؤول.
عندنا أيضاً يموت الأطفال والشباب وكبار السنّ على أبواب المستشفيات وبسبب فقدان الأدوية وانقطاعها،
وتنام مشاريع القوانين سنوات وسنوات في الأدراج.
سقط شهداء في تظاهرات 17 تشرين، وفقد كثيرون عيونهم بالرصاص المطاطي، ولم يتحرّك أحد.
كذلك ما من مسؤول عن إذلال المواطنين في طوابير البنزين المفقود والمهرّب، والمازوت الذي أصبح نعمة تقطّر علينا “بالقطارة”.
عاشت بيننا قنبلة نوويّة لسنوات وانفجرت فينا وبعاصمتنا… وما من أحد مسؤول هنا أيضاً!
أليس كلّ ما نعيشه كافٍ لتحمّل مسؤولية واستقالة ومحاسبة؟!