المصدر: ام تي في
تفاجأ المسؤولون من قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقف الدعم. هذا القرار الذي حذّر منه منذ أكثر من سنة، وكرّر أنّه سيكون مرغماً على المسّ بالاحتياط إن واصل الدعم. لم يسمع التحذير أحد. ثمّ أعلن سلامة أنّ كلفة المحروقات تفوق حاجة لبنان، ما يعني أنّ استمرار الدعم يعني دعماً للمهرّبين، فلم يسمع أحدٌ ولم يتحرّك رئيس الحكومة المستقيل قولاً وفعلاً ودوراً، ولا رئيس الجمهوريّة ولا المجلس الأعلى للدفاع لوقف التهريب. واليوم، كرّر سلامة أنّه يحتاج الى قانون لاستخدام الاحتياط فطالبوه بتجاوز القانون، وهو ما اعتادوا على فعله…
واليوم، في ما يشبه المسرحيّة التي يتداخل فيها المأساوي بالهزلي، سارع البعض الى الاعتراض
على موقف سلامة وتحميله المسؤوليّة والاحتكام الى الدستور الذي يُنتهك يوميّاً من قبل حماته،
لاستمرار الدعم، فبات اللبنانيّون، بفضل هذه السلطة الفاسدة، في موقع الخيار بين أن تُمدّ اليد على جيب اليمين حيث أموالهم النقديّة،
أو على جيب اليسار حيث ودائعهم.
ربما يكون رياض سلامة ارتكب أخطاءً أثناء وجوده في حاكميّة مصرف لبنان، طيلة عقود.
ما من شخص تولّى مسؤوليّة إلا وأخطأ، ولو بنسبٍ مختلفة. ولكن، هل سلامة هو من عطّل الحكومات لسنواتٍ من أجل حقيبة وحصّة؟
هل سلامة هو من عطّل الانتخابات الرئاسيّة لسنوات؟
هل هو من أدار حكومات فاشلة أهدرت الأموال وأفسدت؟
هل هو من لزّم المشاريع بأكبر من حجمها ونُفّذت بأقلّ من الجودة المطلوبة؟
هل هو من وظّف في الإدارات لحساباتٍ انتخابيّة؟
هل هو من تحدّى المجتمع الدولي وعادى معظم أصدقاء لبنان؟
هل هو من فشل في تأمين الكهرباء، وحوّل قطاع الاتصالات الى مزرعة للسياسيّين، وأباح التهريب؟
قد تطول لائحة الاستفهامات لنطرح عشرات الأسئلة الشبيهة، ليس دفاعاً عن رياض سلامة
بل اتّهاماً لهذه الطبقة السياسيّة التي أمعنت في تدمير لبنان وتأتي اليوم لترمي التهمة على شخصٍ واحد لإخفاء فشلها وفسادها وجرمها.
مسرحيّة رمي الاتهام اليوم فاشلة، ولولا صعوبة المرحلة لضحكنا بسببها. لكنّنا نبكي على بلدٍ يقتله كلّ يوم من تعهّد بإنقاذه.